صبحي الطفيلي وراس الافعى

انس الشيخ مظهر

تقول الحكمة “اذا فسد العالم فسد العالَم” فالعالم مشعل يهتدي الناس بهم , وفساده يعني فساد جميع من يتبعونه , وان كان عامة الناس لا يؤاخذون على كلامهم وارائهم فالعالم مطالب بان يوازن حديثه قبل النطق به …
خرج علينا قبل ايام رجل الدين اللبناني صبحي الطفيلي ليطالب السوريين بقطع راس ما سماه براس الافعى الكوردي , ومشيرا الى ان قطع راس الافعى هذه سيؤدي استقرار سوريا وانهاء الاصوات النكرة في السويداء مشيرا بذلك الى اصوات المكون الدورزي.

من خلال سيرة حياة الطفيلي نرى ان الرجل له طموحات شخصية كثيرة تصطدم دائما بعدم التوزان الذي يعاني منه , فقد انتخب عام 1998 كاول امين عام لمليشيا حزب الله , ودخل في قتال شرس مع حركة امل الشيعية ايضا في منطقة اقليم التفاح , ووقف ضد قيادة حسن نصرالله للحزب , وكان من اشد المعارضين للاتفاق الذي تم بين حزب الله وحركة امل ومعارضا لرفيق الحريري , فتم فصله من حزب الله , ثم مالبث ان اعلن العصيان على الدولة اللبنانية , ودخل مع مؤيديه عام 1998 في قتال مع حزب الله والجيش اللبناني في حوزة عين بورضاي والذي اسفر عن قتل عناصر من الجيش اللبناني واصبح مطلوبا للدولة اللبنانية منذ ذلك الوقت , مما ادى الى فراره الى بلدة بريتال التي يخرج منها باحاديث ولقاءات تلفزيونية منذ ذلك الوقت.

وبعد ان اصبح مطلوبا للحكومة اللبنانية غير الطفيلي جلده ليتحول من اقصى اليمين الى اقصى الشمال ويتحول من اسلامي الى قومي بين ليلة وضحاها . ولحماية نفسه من المسائلة القانونية في لبنان اصطف مع بعض الحكومات العربية ضد كل توجه ايراني في المنطقة .
وبعد اسقاط نظام بشار الاسد في سوريا وتغيير موازين القوى في المنطقة قفز الطفيلي الى سفينة التغيرات الحالية وبدا في الفترة الاخيرة يظهر كناصح امين للثورة السورية والدول التي تقف ورائها , ولاتقان هذا الدور يجب عليه التهجم على توجهات المكون الكوردي وطموحه بحياة كريمة في ظل دولة سورية ديمقراطية , ومن هنا اطلق تسمية راس الافعى على المكون الكوردي وصفة التفاهة على المكون الدورزي .

ان هذا المطلوب للعدالة يجهل ان الفكر الاسلامي سواء الشيعي الذي كان يؤمن به سابقا او الاسلام الجهادي السني الذي يدافع عنه حاليا يؤمن بفكرة الفدرالية , فكل الدول الاسلامية عبر التاريخ منذ الدولة الاموية ولغاية الدولة العثمانية كانت دول فدرالية تتكون من ولايات ترتبط بعاصمة الخلافة فقط في الخراج والجيش لا اكثر , والمكون الكوردي في سوريا اقصى ما يطالب به هي دولة فدرالية لا اكثر , ولذلك فهو عندما يصف الكورد براس الافعى فهو يناقض نفسه والعقيدة التي يدعي انه يؤمن بها …
كيف يمكن لرجل دين ان يدعوا الى سفك دماء مكون كامل لا لشيء الا لان تلك الدعوة تتماشى مع مصلحة هذه الدولة او تلك ؟ وهو يعرف قبل غيره الحديث الذي يقول “ان هدم الكعبة حجرا على حجر اهون عند الله من ان يراق دم امريء مسلم” ؟
حري برجال الدين ان يكونوا اكثر الناس حكمة و دعوة للسلام وحل المشاكل بالحوار والتفاهم ليس بين الشعوب والمكونات فقط وانما حتى بين الدول , وهذه الدعوات المراهقة المتطرفة قد تكون مقبولة اذا اطلقها شخص من عامة الناس لكن ان يدعو لها رجل دين فهذه طامة كبرى .

قد يعجبك ايضا