سعد الهموندي
البارزاني المرجع والملجأ هو عنوان كتاب بقلم الدكتور سعد الهموندي مستشار الرئيس مسعود بارزاني و رئيس مؤسسة رؤى للتوثيق والدراسات الأستراتيجية والمستقبلية، الذي يتضمن محطات مهمة من شخصية الرئيس مسعود بارزاني ومواقفه الانسانية والوطنية، التي جعلت منه مرجعاً سياسياً يستشار ويأخذ بتوجيهاته ونصائحه عند حدوث الأزمات والأنسدادات السياسية، وملجأ لجميع العراقيين اثناء المحن والظروف الصعوبة، لذلك نسعى من خلال نشر اجزاء الكتاب ان نلقي الضوء على خصوصياته الأخلاقية ومواقفه ازاء خصومه و صبره وحنكته وذكائه في التعامل مع المواقف الصعبة التي واجهته سواء اثناء ايام الكفاح المسلح او عند النزول من الجبل لينشأ اقليماً عامراً زاهراً ليصبح رقماً صعباً في المعادلات السياسية والتوازنات في العراق والمنطقة.
الجزء الرابع
والانتظام وضبط الأعصاب على رغم اجواء القلق النفسي الذي طغى على الجميع بفعل الاتفاقية العراقية الايرانية وقد تم في هذه الاجتماعات دراسة الاحتمالات الممكنة وكيفية مواجهة التطورات المقبلة.
اما الشهيد فرنسو حريري فيصف عزم البارزاني بعد انهيار جمهورية مهاباد بالكلمات المعبرة التالية: (ان البارزاني لم يعتريه اليأس بعد انهيار جمهورية مهاباد انما على العكس حاول الاتصال بعشائر كرد ايران وفي المقدمة منهم الشيخ القادري عبد الله كيلاني وكان الهدف من اتصاله اقناعهم بالتعاون من اجل اعلان جمهورية جديدة على انقاض الجمهورية المنهارة).
كما لا يمكن لباحث ان يغفل صبر وصمود الشيخ احمد في الأسر احدى عشر عاماً لرفضه كتابة (طلب عفو) من جلاديه.
واخيراً وفي محاضرة للراحل فلك الدين كاكيي في نهاية 1912 حول البارزانية قال:
(كنت استغرب من الشاعر هجار الموكرياني الذي كان يكتب الاشعار تحت القصف المستمر وعندما سألته اجاب انه تعلم ذلك من مصطفى البارزاني).
رابعاًــ البسالة والثقة بالنفس:
ادرك البارزانيون قبل غيرهم من قادة الكرد ان عقدة النقص التي زرعها الاعداء بشكل ممنهج وعبر عقود من السنين في الشخصية الكردية تشكل احدى اهم الاسباب في اضطهادهم وبقاءهم تحت نير الاستعباد ورضوخهم لظلم الظالمين كما تيقنوا ان الخوف المرضي المتراكم عبر هذه العقود في النفس الكردية يشكل العائق الاساسي الذي يمنع الكرد من الانتقاض على جلاديهم لذا عمل هؤلاء وبشكل ممنهج ايضاً في اعادة تكوين هذه الخصال الكردية الاصلية في اعماق الفرد الكردي عبر دورات مكثفة ومواقف تدفع الكرد الى الاقدام ومواجهة المستعمرين وفي السنوات القليلة التي تلت انتفاضة اذار 1991 دأب القادة العسكريون الاتراك على اطلاق تصريحات عدائية بغية زرع الخوف في صفوف الكرد ومن ضمنها تصريح احد القادة من ذوي المراتب العليا في الجيش التركي باقتحام ارض كردستان ورغم ان الامريكان قد طلبوا من مسعود البارزاني بعدم الرد عليه كونه (مجرد تصريح) فاجأنا الرئيس البارزاني بتصريحه الناري قائلاً: (سنجعل كردستان مقبرة للجيش التركي). يقول د. محمد صالح جمعة سألت كاك مسعود لما فعل ذلك بخلاف ما طلبه الامريكيين فكان رده في غاية الدهشة: (لم يكن التصريح موجهاً الى الجيش التركي لقد كان موجهاً الى شعب الكردي لاني اردت ان ادفن والى الابد الخوف الكردي من الاعداء).
لذا فقد حرص القادة البارزانيون على ان يكونوا قدوة في الشجاعة واقتحام الموت فكانوا دائماً على عكس كل القادة العسكريين على مر التاريخ – في مقدمة انصارهم عند الشدائد وآخر من ينال الامتيازات.
ويكفي في هذا الصدد ان نذكر ان البارزاني كان واحداً من الجرحى الاربعة في معركة خيرزوك الشهيرة اوائل الثلاثينات وكان آخر من عبر نهر اراس في نهاية مسيرته التاريخية وكان ادريس البارزاني بعد انتكاسة 1975 وانسحاب المقاتلين الى ايران ضمن الوجبة الاخيرة التي انسحبت من الوادي الذي كما كان بطل كردي من دفع ببسالته الاسطورية الى ان تصمد الجبهة من اقصاها الى اقصاها امام قوات صدام الغازية في نيسان 1991.
“ادرك البارزانيون قبل غيرهم من قادة الكرد ان عقدة النقص التي زرعها الاعداء بشكل ممنهج وعبر عقود من السنين في الشخصية الكردية تشكل احدى اهم الاسباب في اضطهادهم وبقاءهم تحت نير الاستعباد ورضوخهم لظلم الظالمين كما تيقنوا ان الخوف المرضي المتراكم عبر هذه العقود في النفس الكردية يشكل العائق الاساسي الذي يمنع الكرد من الانتقاض على جلاديهم لذا عمل هؤلاء وبشكل ممنهج ايضاً في اعادة تكوين هذه الخصال الكردية الاصلية في اعماق الفرد الكردي عبر دورات مكثفة ومواقف تدفع الكرد الى الاقدام ومواجهة المستعمرين”
اما القائد وجيه البارزاني فلا تزال آثار جراحه بادية عليه بعد اصابته في معركة تحرير العراق عام 2003 على الخط الاول للجبهة.
ويكفي ان نورد هنا تصريح الجنرال الايراني (علي رزم آرا) لعدد من الصحف الايرانية لندرك مدى قوة وايمان البارزانيين في المعارك كما جاء في كتاب الباحث وليام ايكلتن (جمهورية مهاباد): (ان الذين يشربون الشاي خلف مكاتبهم لا يدركون مدى قوة وقدرة البارزاني القتالية ان الجيش الايراني منذ تاسيسه حتى يومنا هذا لم يتعرض الى مقاتل يمتلك هذه الشجاعة).
خامساًــــ الاستمرارية ونبذ الايديولوجيات الطارئة:
اتسمت البارزانية بالواقعية ما جعلها عصية على الاستئصال وقابلة للنمو والانبعاث كلما واجتها الصعاب فقد حرص البارزاني على حفظ الحركة الكردية من الوقوع في مطب الشعاراتية ولغة الخطابة الرنانة والايديولوجيات الثورية كما وعرف بين الكرد بواقعيته وتفكيره العملي وخياله البعيد عن التنظير.
وفي الوقت الذي وقع فيه معظم الحركات والمثقفين الكرد في مطب الشيوعية ابان فترة الحرب الباردة بقيت البارزانية تلتزم (بالكردايه تي) ولا تحيد عنها ونبذ كل ما عداها.
وهنا نجد ان سر بقاء البارزانية واستمرارها رغم كل الويلات التي اصابها حيث يخبرنا التاريخ البعيد منه والقريب ان بارزان قد تعرضت للحرق 61 مرة كما اضطر اهلها الى الهجرة خارج الحدود اربع مرات لكنهم انتصروا في النهاية لفشل الاعداء في (قتل الارادة بالتحرر داخل قلوب شعبها).
البارزاني المرجع القومي والوطني والانساني:
تصدرت القضية الكردية بعد سقوط بغداد افكار ومخططات اغلب الباحثين والمتابعين للملف العراقي بشكل واسع وبصورة لم يسبق ان شهدناه من قبل والسبب ان ملفات الأقليات والمجتمعات المغمورة والمضطهدة تتصدر دائماً عالم الشرق الأوسط وهو امر يتعاظم ويبدو مقلقاً لتعدده او للامور التي يختزنها من عنف وصراعات ناتجة عن الصعوبات الهائلة التي تحول دون تحقيقه.
والى اليوم تعتبر القضية الكردية في العراق من القضايا الشائكة كونها مرتبطة اساساً بالتناقض القائم بين فكرتين فلسفيتين هما الوحدة او الانقسام.
فمعضلة الأقلية تبدأ غالباً بالإحتجاجات، والخصوصيات الدينية والثقافية والفولكلورية، وربما الاقتصادية وقد تؤدي الى تعقيدات وثورات هائلة مكلفة، وربما الى نزاعات خطيرة بين الامم تسقط المقولة التأريخية الراسخة التي ترجح الغلبة لمن هو الاقوى، فلا تعود القوة معادلة للحق.
كما ويظهر عن الصراع بين فكرتي الوحدة او الانقسام، فكرة ثالثة مغرية للافراد والشعوب، وهي تمثل الزاوية الثالثة من المثلث غير متساوي الاضلاع وتعني بها فكرة التمايز والاختلاف الجينية والتاريخية، وهذا ما نحن بصدد اثباته هنا فالمجتمع الكردي مختلف تاريخياً وثقافياً ولغوياً وسياسيًا واجتماعيًا وشكليًا ،عن المجتمع العراقي الذي وجد نفسه جزءاً منه تحت مسمى القومية او الوحدة، فضمن هذا الاستهلال، نجد مجموعة بشرية معززة واخرى مقموعة ومضطهدة، للأولى مدارسها وصحفها ووسائل اعلامها واناشيدها، وللأخرى قهرها او صراعها الدائم الشاق التاريخي المتأرجح بين ضفة واخرى، او بين الحقوق والواجبات في المجتمعات التي تضمنها.
وهذا ما حاول ويحاول ايضاحه مسعود البارزاني للمجتمع الدولي، الذي انكر على مدى التاريخ حق الكرد في تقرير مصيرهم.
فالسيد البارزاني كان مدركاً، ان مصير شعبه الكردي في العراق يعتبر الاخطر، ضمن المحيط الشرق اوسطي، لسبب بسيط هو ان العراق، مايزال المنطقة الاكثر لهيباً فوق خريطة العالم، والبلد الذي اصبح مسرحًا لتصفيات الدول الاقليمية والعالمية، وابعاد او تحييد اقليم كردستان العراق ليس بالامر السهل هنا، بل يحتاج لسياسة واستراتيجية دقيقة، وهذه الاحداث المضطربة في العراق، هي ما تبعث الافكار في تحديد مصير الشعب الكردي، بعيداًعن غرق المركب العراقي الذي بالاصل، مايزال يتخبط في بحار السياسة الدولية دون ربان منذ عام 2003.
فحين تفقد اي دولة بوصلتها السياسية، وتبدأ بزج جنوبها وشمالها تبعث الافكار التقسيمية والخرائط القديمة، التي كان يظن البعض لوهلة بانها قد طويت او يبست جذوعها، لكن المحدق في الخرائط يرى اوراقاً خضراء صغيرة تخرج من تحت الجذور اليابسة، وتحاول التشكل مجدداً كشعوب لها خصوصياتها وثقافاتها وبلدانها المستقلة المرسومة جغرافياً، منذ الازل وهو ما دافع وحارب وجاهد مسعود البارزاني للوصول اليه.
من هذه النقطة نرى ان الفكر البارزاني السياسي، مايزال ينبض بحمل ملف القضية التاريخية والسياسية للشعب الكردي، لضمان مستقبل الغد كادنى حد، ليس هذا فحسب بل ووضع يده على النقطة المؤلمة في اخطر ملف بين ملفات الكرد في جميع انحاء هذا العالم ،الا وهي قضية الوطن الجغرافي المستقل، فوق خارطة الشرق الاوسط.
لكن الامر ليس بهذه السهولة، فملف الوطن يتفرع منه الكثير من الاشكاليات والشروخات الجيوستراتيجية، وذلك كونه مرتبط بجموع الكرد المتوزعين ضمن محور تركيا سوريا العراق ايران، ولن نبالغ اذا قلنا ان هذا الملف قد يطاول مستقبل الاقليات في العالم المشرقي كله، خصوصا عندما ندرك بان وضع الاصبع فوق الكرد يعني ايضاً ،وضعه فوق اراض مغمورة بالنفط والماء والموقع الاستراتيجي.
فقد ادرك مسعود البارزاني ان المنطقة، تمر ضمن لعبة (البازل) او اللعبة (سهلة الفك)، والتي ستحتاج الى اعادة التركيب من جديد، فقد تنبأ منذ ذلك الوقت بشرق الاوسط الجديد، فقد عرف يتبع حجارة وارقام (البازل) ،ضمن مناطق وجغرافية وسياسة الشرق، خاصة ان هذا الشرق قد شهد افكاراً وتجاذبات ومشاريع كثيرة، كان اخرها في عام 1923 مع معاهدة (لوزان)، والتي بموجبها ظهرت دولة العراق الحديث
فحيث هناك اقليات هناك حضور استراتيجي لتلك الاقليات، فوق عصبي الحياة والاقتصاد اي الزيت والخصوبة، وهما اساس استمرار الصناعة والطاقة وبقاء الحروب الصغيرة والكبيرة، وفي هذا لب المعضلة الكردية المعاصرة، والذي دأب مسعود البارزاني على ذكرها وتوضيحها اعلاميًا وسياسيًا ودبلوماسيًا.
اذاً فمسألة الوطن ضمن استراتيجية التفكير البارزاني، لها حيزًا مهمًا وانعكاسًا قويًا ضمن السياسة العالمية، ومن الطبيعي ان تجذب السياسة العالمية ووسائل الاعلام ،لأنها وبكل بساطة مسألة موغلة في القدم، وتفصح عن تاريخ السياسة البارزانية، التي وضعت اكبر اهدافها في وطن جغرافي مستقل، وفق تأريخ حضارتهم الموغل في القدم. فالكرد تاريخيًا مجتمع متشابه متوزع من شمال طهران الى حوض البحر الابيض المتوسط، يجمعهم حلم واحد قائم في اللاوعي ويطفو على مستوى السلوك السياسي والخطاب، مع كل ظروف جديدة مستجدة.
ويبدو هذا الحلم مشروع دولة ممكنة التحقق على الدوام وهو ما عبر عند البارزاني في احدى مقابلاته حين قال: الكرد دولة ودولتنا ليست مستحيلة.
الكرد دولة ودولتنا ليست مستحيلة:
رفض مسعود البارزاني بعد سقوط بغداد، الاعتراف بعلم الجمهورية العراقية، الذي خط صدام حسين عبارة (الله اكبر) بيده في وسطه، فقد اعتبره البيدق الذي سقطت تحته مئات الالوف من الكرد المظلومين، ولهذا اعلن رفضه او الاعتراف به، الامر الذي اعتبر اعلانًا للانفصال عن العراق، والدعوة الصريحة الى الطروحات الفدرالية المزمنة، وفي اعقاب موافقة البرلمان الكردي على تحديد العلاقة مع المركز بالشكل الفدرالي، كان الطرح يهدف الى الاستقلال والابتعاد عن المركز، او هو الخطوة الاولى في طريق نشوء اول دولة لكردستان.
فقد ادرك مسعود البارزاني ان المنطقة، تمر ضمن لعبة (البازل) او اللعبة (سهلة الفك)، والتي ستحتاج الى اعادة التركيب من جديد، فقد تنبأ منذ ذلك الوقت بشرق الاوسط الجديد، فقد عرف يتبع حجارة وارقام (البازل) ،ضمن مناطق وجغرافية وسياسة الشرق، خاصة ان هذا الشرق قد شهد افكاراً وتجاذبات ومشاريع كثيرة، كان اخرها في عام 1923 مع معاهدة (لوزان)، والتي بموجبها ظهرت دولة العراق الحديث، والتي كانت تتكون من ثلاث ولايات هي بغداد والبصرة والشمال الكوردي، او اما عرف بولاية الشمال والموصل، فولاية الشمال قسمت الى اربع محافظات، هي الموصل وما يقارب نصف سكانها من العرب واربيل والسليمانية وقاطنيهما من الكرد، وكركوك يقطنها الكرد والتركمان وبعض العرب.
ولكي نعطي المسألة ابعادها الثمينة في المعنى الجيوستراتيجي، يمكن القول، بان الكرد وجدوا انفسهم في دولة العراق، بعد الربط بين الموصل والبصرة وبغداد، ولذلك لم يكونوا على وفاق مع الحكومات العربية في بغداد ،منذ الحاق اقليمهم بالعراق وانشاء كيانه في عام 1932.
فمنذ ذلك التأريخ لم يتراجعوا عن مطالبهم بارضهم التأريخية، ضمن ما عرف لاحقًا بالدولة العراقية، والتي تم تثبيتها جغرافيًا ،بعد اتفاقية (سايكس بيكو).
وهنا نرى ان الكرد عامة والبارزانيين خاصة ،بدأوا المواجهات فعلياً مع كل الحكومات العراقية المتعاقبة والمدعومة من بريطانيا، لإثبات حقهم التاريخي ضمن جغرافية الشرق.
فالثورة الحقيقة بدأت في 17 تموز/ يوليو 1958 ،واستمرت حتى 9 نيسان/ابريل 2003 ،حين شارك الكرد وبحماس منقطع النظير، حاملين ورقة اهدافهم الى مجلس الحكم الانتقالي، والذي شغلوا فيه مراكز حيوية وفعالة.
لكن الادارة البريطانية رات الامور من منحى اخر، اذ انها استخدمت الورقة الكردية، في الأساس كاداة للتأثير والضغط، على الحكومات العراقية المتعاقبة، واجبار هذه الحكومات على توقيع الاتفاقيات والمعاهدات طويلة الامد ،والتي كانت تصب في مصلحة بريطانيا.
فبريطانيا كانت تمنح الكرد الامان من جهة ،وتقصف مناطقهم من جهة اخرى، او تنفي القيادات الكردية الى خارج كوردستان او الى خارج العراق.
وهكذا كانت السياسة والدبلوماسية الكردية، مضطرة للمشاركة في الحكم الانتقالي، وفي برلمان الحكومة المركزية، كي لا تبقى ورقة سهلة بيد بريطانيا، فاتخذ مسعود البارزاني خطوة جريئة، بالعودة سياسياً الى المركز في العاصمة بغداد، والمشاركة في السلطة على اساس التكافؤ مع باقي مكونات الشعب العراقي.
والمعروف ان الكرد كانوا يتمتعون ما بين 1991 وعام 2003 ،بالاستقلال عن المركز بغداد، بموجب قرار مجلس الامن 688 ،اثر انشاء منطقة محمية دوليًا في كردستان، لحماية الكرد من هجمات النظام البعثي السابق، والذي قام بترحيل وتصفية السياسيين والقيادات الكردية، ثم استخدامه الاسلحة المحرمة دوليًا ،كوسيلة لتأمين الامن الوطني العراقي حسب زعمه، كما روجت سلطات البعث العراقية آنذاك، مع انها محطة بطش ومجازر، ان الشعب الكردي هو من يقوم باعمال التخريب السياسي للوطن.
وهنا ايضاً يجب ان نسلط الضوء من جديد وبشكل كبير، على استراتيجية القيادة البارزانية في الاهمية السياسية، التي حصل عليها الكرد بقرار مجلس الامن 688 ،فلهذا القرار اهمية عظمى، فمن خلاله تمكن الكرد الانتقال من حال الاضطهاد والظلم، الى حال حماية دولية او الملاذ الآمن، وفي ظل هذا القرار ،استطاع الكرد ان يحكمون انفسهم بانفسهم.
ولا ننسى ان الشرخ الكبير الذي صنعه حزب البعث بين العرب والكرد، لم يكن الامر السهل خاصة في اعقاب مجازر (حلبجة)، لكن الانسحاب الرسمي العراقي الذي فرضته قوات التحالف على العراق من منطقة كردستان، على مستوى الجيش والادارات الرسمية وقوات الشرطة والامن اقام نوعًا من الاطمئنان لديهم.
واقع السياسة البارزانية ضمن الحكومات العراقية المتتالية:
لم يشأ مسعود البارزاني من قطع قنوات الاتصال بين الكرد والحكومة العراقية، حتى الاحتلال الامريكي في نيسان/ ابريل 2003 ،وكان المحور الاتصالي مسألة واحدة ،هي كيفية التوفيق بين تطوير قوانين الحكم الذاتي للكرد، على قاعدة الاحتفاظ بالحقوق القومية والثقافية، وفي الوقت ذاته، الحفاظ على وحدة دولة العراق وسيادته.