صادق الازرقي
في شتاء عام 2017 وردت الى العراق اعداد كبيرة من طائر الفلامينغو “النحام” وقد تعرض الى حملة صيد جائرة وجرى عرض كميات كبيرة منه في الاسواق الشعبية وبعض الناس قاموا بذبحه وطبخه وتناول لحمه.
وفي العموم فقد انخفضت أعداد الطيور المهاجرة التي تمر أو تستقر في العراق في العقود الماضية؛ يعود ذلك إلى عدة أسباب بيئية وإنسانية تؤثر على مسارات الهجرة وظروف الاستقرار؛ من أهم هذه الأسباب، التغيرات المناخية اذ ان ارتفاع درجات الحرارة والجفاف أثرا بشكل مباشر على مواطن الطيور المهاجرة.
كما ان نقص المياه في الأهوار والمسطحات المائية التي كانت تمثل محطات استراحة وتغذية أساسية للطيور، يشكل أحد الاسباب الهامة للانخفاض؛ كما تعرضت الأهوار للجفاف بسبب قلة الأمطار وقطع المياه القادمة من الدول المجاورة، اذ ان تقلص حجم الأهوار كان نتيجة السياسات المائية غير المستدامة في العراق ودول الجوار.
كما شهدت المدة الماضية انتشار ظاهرة الصيد العشوائي والجائر للطيور المهاجرة، سواء لأغراض التجارة أو الطعام، فضلا عن تلوث المسطحات المائية بالنفايات والمواد الكيميائية الذي يهدد حياة الطيور، كما ان تلوث الهواء في بعض المناطق قد يؤثر على صحة الطيور المهاجرة.
وشكلت الحروب والصراعات التي شهدتها المنطقة تهديدا للتنوع البيئي في العراق، وكذلك الزحف العمراني والتوسع الزراعي أثرا على مواطن الطيور الطبيعية.
ان انخفاض تدفق المياه من تركيا وإيران وسوريا أثر على الأنظمة المائية في العراق، مما تسبب في نقص المراعي الطبيعية للطيور.
وعلى نطاق واسع، وفي غضون اسابيع من شتاء عام 2017، تداول نشطاء صورا على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر صيادين وهم يعرضون طيور فلامينغو للبيع في سوق شعبي جنوبي العراق، لكن أكثر ما أثار الصدمة هي صور لباعة يعرضون لحم الطائر للبيع بعد ذبحه.
والفلامينغو، أو “النحام”، هو طائر كبير الحجم، يمتلك رقبة طويلة، وساقين طويلتين، ويتميز باللون الوردي المائل للحمرة، ما يجعله من أجمل الطيور في العالم.
وفي حينه تحدث مختصون عن الفلامينغو كونه بحاجة إلى تغذية خاصة، فمن طبيعته أن يتغذى على الأسماك التي يصطادها، لذلك كانت الأهوار قبل عدة سنوات تعد من المواطن الاصلية له، إذ توفر أفضل بيئة، فإلى جانب المسطحات المائية العذبة هناك غذاء وفير من الأسماك، وحين بدأت هذه الطيور في العودة وتوسعت ظاهرة صيدها وبيعها وقتلها، لوحظ في السنوات القليلة الماضية انخفاضا كبيرا في ورودها الى العراق، بل يمكن عد تواجدها نادر الآن.
ان عملية مطاردة الطيور المهاجرة الى اهوار وجنوبي العراق في كل عام وصيدها بأعداد هائلة يحتم على الجهات المعنية العمل بجد للحفاظ على الخصائص الطبيعية للأهوار ومن ذلك منع او تنظيم عمليات الصيد.
وتتضمن المعالجات إعادة تأهيل الأهوار العراقية وضمان تدفق المياه إليها، وسن قوانين صارمة ضد الصيد الجائر والتوعية بأهمية حماية الطيور المهاجرة والبيئة الطبيعية، وكذلك تحسين التعاون الإقليمي مع دول الجوار لضمان حقوق العراق المائية.
وبحسب مختصين فان حماية البيئة الطبيعية للطيور ليست فقط للحفاظ على التنوع البيئي، بل لها تأثير كبير على التوازن البيئي والسياحة البيئية في العراق.