التاخي -ناهي العامري
استهل الإتحاد العام للادباء والكتاب في العراق، فعالياته للعام الجديد ٢٠٢٥ باستضافة الدكتور كريم صبح في قاعة الجواهري للاحتفاء بروايته (القبر الابيض المتوسط) ، ادار الجلسة القاص والروائي حسين محمد شريف.
تناوب ثلاث نقاد على تقديم دراساتهم النقدية، كل من الناقد والروائي عباس لطيف والناقد بشير حاجم والناقد ستار الزكم.
واخترنا ورقة الاخير ستار الزكم الموسومة (شوائب التأريخ والملاذات النفسية) للكشف عما مخبوء في رواية (القبر الابيض المتوسط) ، جاء فيها:
– ان اكثرمن يحرك الشخصيات الروائية في الفضاء السردي، هو الجانب النفسي الذي يلعب دورا محوريا، اذ ان طرق تفكير الشخصية تحديدا يتعلق بهذا الجانب وينعكس ضمنا على نتيجة الاحداث وما يجاورها من شخصيات ثانوية وهامشية ايضا.
ولعل رواية القبر الأبيض المتوسط قد تدخل ضمن هذآ التوصيف بما تحمله شخصياتها من اسقاطات نفسية وبراغماتية تتسبب فيما بعد لمآسي عديدة، ليس للانسان ذنب فيها سوى انه يكون ضحية للعديد من تلك الجوانب ومن ضمنها التاريخ، وهو الذي امتعض منه الدكتور (وجدي) بطل الرواية، بعد ان قدم استقالة تحريرية من جامعته، رفضا منه لهذا التخصص الذي تميز به بعد ان اكتشف لاحقا ان التاريخ يحتوي على العديد من التزيف والاستغلال البشع، من قبل السلطات المتحكمة، سواء على المستوى السياسي والاجتماعي والديني.
واضاف الزكم ، ان بطل الرواية يقع تحت اشكالية التاريخ، حيث يعتقد ان التاريخ في هذا العالم، يدخل ضمن حيز الاستغلال البشع الذي تمارسه سلطات عديدة تحاول ركوب موجة السياسة بطريقة تضمن انتفاعا معينا، يؤمن لها الثبات في مناصبها على مستويات عديدة ، لكن ما يميز هذه الرواية في هذا الجانب هناك ادهاش مختلف يمثل وقوع الشخصية في مطبات ليس له مساس فيها سوى انه اصبح ضحية لمجريات حياتية خارج ارادته، وهذا يتمثل في النزعة الوحشية والبراغماتية التي تسكن شخصية (بارسكوفيا بافلوفنا) وهي شخصية تمتاز بزعامة دينية وقبلية (الشامانية) بعد ان تولت الزعامة بعد فقد زوجها (كبير الشامانات).
وما يدهش القارئ ان هذه الشخصية بحد ذاتها تمتهن تحضير الارواح، وهذا يتعلق بالعديد من مجريات الاحداث لهذه الرواية ، حيث نكتشف لاحقا في خاتمتها، ان هذه الشخصية ضمن تخصصها هذا تكتشف تفاصيل عديدة تخص شخصية البطل منذ نشوءها وهو جنين في بطن أمه، وتبدأ تتبعه تدريجيا من خلال رصده لمجريات ولادته وطرق تفكيره لاحقا، بعد ان كبر واصبح استاذا جامعيا تخصص في التاريخ المعاصر من جامعة بغداد، وترصد كذلك امتعاضه من التاريخ وما يحمله من اوجه متعددة تستغل من العالم المتنفذ كما اسلفت، وتبدأ عملية تحضير الأرواح تدريجيا دون علم شخصية البطل، بعد ان امتعض الدكتور وجدي من سلوكيات تتعلق بالتاريخ، لذلك بدأ ( ارتيم) وهو شخصية تمتاز بنفوذ قوي جداً، حيث يترأس مسؤولية المساعد الاول للسيدة المبجلة ( المجلس الشاماني) وهو مجلس يمتاز بنفوذ روحي لقبيلة متنفذة ومهمة في احدى قرى سيبيريا التي تقع ضمن دولة روسيا، حيث بدأ بتتبع شخصية البطل من جانب روحي ليحاول استدراجه الى روسيا بغية تحقيق حلم القبيلة الديني، وهذا المجلس يحاول ان يثبت نفوذه من خلال مهمة رئيسية في العثور على مخطوط يدعم وجوده بعد فقده سابقا حيث ابتاعه زوج بارسكوفيا في شبابه بسبب ضائقة مالية في فترة شبابه.
وفي خاتمة ورقته اشاد الزكم بالرواية وقال ان جملتها السردية مشعة رغم قصر حركة الشخصيات، والدليل على ذلك الفضاءات السردية التي انتجها الكاتب، كان تمثل انتشارا واسعا لجلب العديد من المشاهد والشخصيات التي وظفت في سرد الاحداث، وهي بمثابة دلائل مهمة واستنتاجات فاعلة في تدعيم ما يفرزه الروي داخل فضاء السرد.