حزب البعث العربي الاشتراكي  الانطلاقة والسقوط

 
سردار علي سنجاري

الجزء الاول
حزب البعث العربي الاشتراكي هو حزب سياسي قومي  نشأ في منتصف القرن العشرين وكان يهدف  حسب زعمه إلى تحقيق الوحدة العربية والعدالة الاجتماعية من خلال الاشتراكية التي كانت رائجة انذاك . تأسس الحزب في سوريا في عام 1947 على يد ميشيل عفلق الذي وجد فرصة سانحة لتأسيس حزب قومي عروبي يؤمن بالعلمانية وبعيدا عن الفكر الإسلامي، بعد انهيار الدولة العثمانية ونشوء الفكر القومي في العديد من الدول مثل تركيا وكذلك  صلاح الدين البيطار  الذي تم اغتياله على يد الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد في بريطانيا بسبب معارضته لسياسة الحزب والممارسات القمعية التي كان يمارسها نظام الاسد  وكذلك كان من ضمن المؤسسين زكي  الارسوزي . وكان للحزب في بدايات تاسيسه  دور بارز في بعض الدول العربية مثل سوريا و العراق حيث سيطر على الحكم في كلا البلدين في فترات متفاوتة. ومع ذلك ارتبط تأريخ حزب البعث في العراق وسوريا بالعديد من المجازر والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها الأنظمة البعثية تحت حكم الرئيسين صدام حسين في العراق و حافظ الأسد ثم ابنه بشار الأسد في سوريا.

في بداية انطلاقة الحزب التفتت الجماهير العربية حول شعاراته التي دعت إلى الوحدة التي كانت حلم كل مواطن عربي انذاك ما ساهم في انضمام شرائح واسعة من المجتمع العربي له وبالأخص الطبقة المثقفة وزادت شعبيته بعدما اعلن عن الوحدة مع جمهورية مصر العربية في زمن الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر الذي اختير رئيسا للقطرين المصري والسوري وتم اختيار الشخصية البعثية أكرم حوراني نائباً له ولكن الوحدة لم تتم بعد ان تم تسريح عدد كبير من ضباط الجيش السوري وفرضت سياسات اقتصادية قاسية على القطاع الزراعي السوري مما أدى إلى تراجع الوضع الاقتصادي وعليه تم انقلاب عسكري في دمشق  أنهى الوحدة بين مصر وسوريا .  و بعد الانقلاب العسكري في دمشق سنة 1961 أدى إلى انهاء الوحدة بين الدولتين وتم تأييد تلك الحالة من غالبية أعضاء حزب البعث وقيادته التي كانت قد قدمت استقالتها قبل الانقلاب.

هناك حالتين منفصلتين في سياسة الحزب احداهما اعتمدت سياسة اليمين والتي مثله حزب البعث العراقي والأخرى اليسار الذي مثله حزب البعث السوري . وبدا الصراع بين الجناحين مما جعل العديد من أعضاء الحزب يرفضون مبدأ الأجنحة التي تبتعد عن نهج وأيديولوجية الحزب في مبدأ الوحدة العربية التي كانت احد أهداف الحزب عند انطلاقته . وزاد الخلاف بين الجناحين في زمن الرئيسين السابقين صدام حسين وحافظ الاسد . الخلاف الذي أدى إلى تشتيت الحلم العربي وتراجع العلاقات بين البلدين حتى وصل الامر إلى حد المواجهة الأمنية كالعمليات الارهابية ضد المدنيين في كلا البلدين مما أدى إلى قتل العشرات من المواطنين الأبرياء من الجانبين بطرق واساليب مختلفة.

‎بدأت شعبية الحزب في سوريا بالتراجع لا سيما بعد أن تمزق الجناح المدني داخله وبات العساكر هم المسيطرين
‎عليه بشكل كامل عدا ذلك عانى الحزب من حالة الاقتتال الداخلي ما بين الفصيل الاشتراكي الراديكالي (العسكري) بقيادة صلاح جديد وحافظ الأسد وما بين الفصيل المعتدل (المدني) بقيادة عفلق والبيطار وانتهى هذا الاقتتال بانقلاب عام 1966 بقيادة صلاح جديد الرئيس غير الرسمي للجنة العسكرية والذي نجم عنه الإطاحة بحكومة عفلق وبيطار ودفع الحزب في اتجاه أكثر راديكالية وتصفية أنصار الفصيل المعتدل من الحزب
وبعد الإطاحة بالرئيس صلاح جديد في انقلاب قاده وزير دفاعه حافظ الاسد سنة 1970 والذي سمي بالحركة التصحيحية بدات مسيرة سياسية جديدة في التعامل مع الحزب وقيادته . حيث سيطر حافظ الاسد على جميع مفاصل الحزب والدولة وأصبح الامين العام للحزب و رئيسا للجمهورية والقائد العام للقوات المسلحة مما أعطاه صلاحيات واسعة في حكم سورية لمدة تزيد عن ثلاث عقود . يتبع

قد يعجبك ايضا