شبكات التلفزيون تدفع ثمن التخمة السياسية للأميركيين

 

التأخي / سلمان شوكت

بعد معركة انتخابات الرئاسة والكونغرس في نوفمبر الماضي صار الكثير من الأميركيين يشعرون بالتخمة السياسية وانصرفوا عن متابعة أخبار السياسة ونقاشاتها عبر قنوات التلفزيون في الولايات المتحدة

يقول زياد عون الله الذي يصف نفسه بأنه مؤيد للحزب الديمقراطي إنه أغرق نفسه بالأخبار السياسية أثناء المعركة الانتخابية، لكنه مثل الكثير من الأميركيين توقف عن متابعة هذه الأخبار منذ الانتخابات .

ويضيف عون الله (45 عاما) من مدينة سان دييغو الأميركية “الناس مرهقون ذهنيا… الجميع يعرف ما هو قادم ونحن نأخذ فقط وقتا مستقطعا للراحة ” ..

وتؤكد معدلات مشاهدة القنوات التلفزيونية في الولايات المتحدة ونتائج استطلاع رأي أخير هذه الظاهرة حيث قال حوالي ثلثي الأميركيين البالغين إنهم شعروا مؤخرا بالحاجة إلى الحد من التعرض لأخبار السياسة والحكومة في وسائل الإعلام لأنهم تشبعوا بها بالفعل، بحسب استطلاع الرأي الذي أجرته وكالة أسوشيتد برس – مركز أبحاث الشؤون العامة “إن أو أر سي ” .

وتشير نتائج الاستطلاع إلى أن نسبا أقل من الأميركيين قلصوا متابعتهم لأخبار الصراعات الخارجية أو الاقتصاد أو التغير المناخي. وتبرز أخبار السياسة في هذا السياق .

ويقول سام جود (47 عاما) من ولاية نيبراسكا، وهو ديمقراطي لا يفضل الرئيس المنتخب دونالد ترامب، إن أخبار الانتخابات على شبكتي سي.إن.إن وإم.إس.إن.بي.سي استحوذت على قدر هائل من وقته قبل الانتخابات .

 

وأشار الاستطلاع الذي أجري في أوائل ديسمبر الحالي إلى أن 7 من كل 10 ديمقراطيين قالوا إنهم تراجعوا عن متابعة الأخبار السياسية .

لكن النسبة بين الجمهوريين ليست بهذا الارتفاع، حيث لديهم سبب للاحتفال بانتصار مرشحهم ترامب. ومع ذلك قال 6 من كل 10 جمهوريين إنهم يشعرون بالحاجة إلى أخذ بعض الوقت من أجل الراحة أيضا، وهي نفس النسبة تقريبا بين الناخبين المستقلين .

الفتور الذي أصاب جماهير المرشح الخاسر بعد الانتخابات لا يعتبر اتجاها جديدا بالنسبة إلى الشبكات التي أصبحت معروفة بشكل كبير لدى جمهور حزبي

هذه التحولات انعكست أيضا على شبكات التلفزيون التي استهلكتها الأخبار السياسية أثناء معركة الانتخابات .

وبحسب شركة نيلسون للأبحاث فإن متوسط عدد المشاهدين لقناة إم.إس.إن.بي.سي في أوقات الذروة منذ نهاية الانتخابات حتى 13 ديسمبر بلغ 620 ألف مشاهد؛ أي بانخفاض نسبته 54 في المئة عن المتوسط قبل الانتخابات. كما تراجع متوسط عدد المشاهدين لشبكة سي.إن.إن خلال الفترة نفسها بنسبة 45 في المئة إلى 405 آلاف مشاهد .

في المقابل ارتفعت معدلات المشاهدة لقناة فوكس نيوز وهي القناة الإخبارية المفضلة لدى جمهور ترامب، وزادت بعد الانتخابات بنسبة 13 في المئة إلى 2.68 مليون مشاهد. ومنذ الانتخابات أصبح 72 في المئة من الأشخاص الذين كانوا يشاهدون إحدى هذه الشبكات الثلاث في المساء يشاهدون حاليا قناة فوكس نيوز، مقابل 53 في المئة قبل يوم الانتخابات .

ولا يعتبر الفتور الذي أصاب جماهير المرشح الخاسر بعد الانتخابات اتجاها جديدا بالنسبة إلى الشبكات التي أصبحت معروفة بشكل كبير لدى جمهور حزبي .

 

فقد واجهت قناة إم.إس.إن.بي.سي مشاكل مماثلة بعد انتخاب ترامب في عام 2016. ونفس الشيء بالنسبة إلى قناة فوكس نيوز في عام 2020، على الرغم من أن الأمر كان معقدا بسبب الغضب؛ فقد شعر العديد من مشاهديها بالغضب الشديد من المكالمة الحاسمة التي أجرتها القناة ليلة الانتخابات لولاية أريزونا لصالح المرشح الرئاسي الديمقراطي جو بايدن، وسعوا إلى بدائل .

وقد عانت قناة إم.إس.إن.بي.سي من مشكلات غضب جمهورها بعد أن انزعج العديد من مشاهدي برنامج “مورنينغ جو” من زيارة المذيعين جو سكاربورو وميكا بريجنسكي لترامب بعد وقت قصير من فوزه في الشهر الماضي. ورغم أن مشاهدة البرنامج انخفضت بنسبة 35 في المئة منذ يوم الانتخابات، فإن هذا الانخفاض أقل من انخفاض معدل مشاهدة الشبكة في أوقات الذروة .

متوسط عدد المشاهدين لقناة إم.إس.إن.بي.سي في أوقات الذروة منذ نهاية الانتخابات حتى 13 ديسمبر بلغ 620 ألف مشاهد؛ أي بانخفاض نسبته 54 في المئة عن المتوسط قبل الانتخابات .

أما شبكة سي.إن.إن فأشارت إلى أنه في حين تراجعت معدلات مشاهدة البث التلفزيوني لديها استمرت معدلات مشاهدة بثها عبر الإنترنت والمحتوى الرقمي دون تغيير . والسؤال المطروح الآن: هل سيعود الاهتمام بالسياسة في الولايات المتحدة بعد تنصيب ترامب؟

قد تجد شبكة إم.إس.إن.بي.سي بعض العزاء في التاريخ. ففي السنوات السابقة كانت معدلات مشاهدة الشبكة ترتفع مرة أخرى بعد فترة انحسار في أعقاب الانتخابات. وعندما تتولى إدارة جديدة السلطة، فإن المعارضين لها يبحثون في الكثير من الأحيان عن مكان للتجمع. ويقول عون الله “سأعود إلى مشاهدة القناة بمجرد بدء العرض السخيف. ليس لديك خيار. سواء كنت تريد سماعه أم لا، فهو يحدث. وإذا كنت مهتما ببلدك، فلا خيار أمامك سوى الاهتمام بالسياسة ” .

 

ويشير استطلاع الرأي إلى أن الأميركيين يريدون حديثا أقل عن الشخصيات السياسية بشكل عام. وبعد موسم الانتخابات الذي تصدرت فيه تأييدات المشاهير لأحد المرشحين بايدن أو ترامب في تلك الانتخابات، مثل تايلور سويفت، عناوين الأخبار وجد الاستطلاع أن احتمالات رفض الأميركيين لآراء المشاهير والشركات الكبرى والأبطال الرياضيين السياسية تزيد على احتمالات التوافق معها .

وبالفعل يقول جود إنه من بين الأميركيين الذين اكتشفوا طرقا أخرى غير التلفزيون للحصول على الأخبار التي يهتمون بها ومنها موقع يوتيوب .

في الوقت نفسه يقدم بعض الأميركيين الذين ابتعدوا عن الأخبار السياسية مؤخرا بعض النصائح لكي يعود إليها المرء مرة أخرى. وقال جود، على سبيل المثال، إن قناة إم.إس.إن.بي.سي سيظل لديها دائما جمهور متعصب من كارهي ترامب .

ولكن إذا كانت الشبكة تريد توسيع جمهورها “فإن عليك الحديث عن القضايا، وعليك أن تتوقف عن الحديث عن ترامب ” .

أما كاثلين كيندريك، مندوبة المبيعات التي تبلغ من العمر 36 عاما من ولاية كولورادو، وهي ناخبة مستقلة، فترى أنه يتعين على قنوات التلفزيون الابتعاد عن المعالجات السطحية للقضايا السياسية حتى يمكنها مشاهدتها خاصة وأنها تسمع الكثير من الناس يتحدثون بصوت عال عن آرائهم السياسية في مكان العمل، لكنها تريد المزيد من العمق عندما تشاهد الأخبار، وهو ما تريده من التلفزيون .