سردار علي سنجاري
الجزء الثالث والأخير
قبل الإطاحة بنظام صدام حسين وبعد تحرير الكويت من الاحتلال العراقي وانتفاضة المدن العراقية ضد النظام الديكتاتوري الصدامي استطاعت القيادة السياسة الكوردية المتمثلة بالحزب الديموقراطي الكوردستاني بزعامة الرئيس مسعود البارزاني والاتحاد الوطني الكوردستاني بزعامة المرحوم جلال الطالباني مع العديد من الاحزاب الكوردستانية الأخرى العودة إلى كوردستان بعد انتفاضة اذار المجيدة والشروع بانتخابات برلمانية وتأسيس حكومة كوردية استطاعت ان توفر الاستقرار والأمن للمناطق الكوردية .
بعد الإطاحة بنظام صدام حسين عام 2003، تغيرت العلاقة الكوردية العربية في العراق بشكل كبير. مع دخول القوات الأمريكية إلى العراق بدأ الكورد في العراق في تعزيز وضعهم السياسي في إطار الدولة العراقية الجديدة ونجحوا في إقامة اقليم كوردستان الذي يتمتع بالحكم الذاتي وتمتع الكورد في هذه الفترة بحكومة إقليمية خاصة وبرلمان منتخب وميزانية مستقلة رغم تلكؤ الحكومة العراقية في تسديد مستحقاتها المالية ما جعلهم يشعرون بأنهم قد تحقق لهم نوع من الاستقلالية ضمن العراق .
ومع ذلك لم تكن العلاقة بين الكورد والحكومة المركزية في بغداد خالية من التوترات. فقد كانت ومازالت هناك خلافات مستمرة حول العديد من القضايا، أبرزها مشاركة الكورد في الموارد النفطية و المناطق المتنازع عليها مثل مدينة كركوك . ففي عام 2017 بعد الاستفتاء الكوردي على الاستقلال في إقليم كوردستان الذي دعا إليه الزعيم الكوردي فخامة الرئيس مسعود البارزاني و الذي أيدته غالبية المجتمع الكوردي تصاعدت التوترات بشكل كبير بين الجانبين حيث رفضت الحكومة العراقية في بغداد هذا الاستفتاء واعتبرته غير قانوني ما أدى إلى نزاع مسلح في بعض المناطق المتنازع عليها.
رغم التوترات والصراعات شهدت العلاقة الكوردية العربية في العراق بعض فترات التعاون. على سبيل المثال، خلال الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) لعبت قوات البيشمركة الكردية دورًا محوريًا في القتال ضد داعش في العراق وبالأخص في المناطق الكوردية ومناطق شمال العراق حيث كانت هناك تعاون بين قوات البيشمركة والقوات العراقية المدعومة من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة. هذا التعاون العسكري كان لحظة تاريخية في العلاقات بين الكورد والعرب، حيث استشعر الطرفان الحاجة إلى التحالف لمواجهة تهديد مشترك.
وخلال تلك الحقبة الحرجة من تاريخ العراق حيث استطاعت الدولة الإسلامية داعش من فرض سيطرتها على مناطق ومدن عديدة في العراق مما أدى إلى نزوح عدد كبير من المواطنين العرب العراقيين إلى المناطق الكوردية الآمنة والعيش بأمان واستقرار في اقليم كوردستان الذي وفر وسخر كافة الامكانيات من أجل راحة المواطنين العرب في الاقليم . هذه الخطوة التي غيرت الكثير من العلاقات التي شابتها السلبيات في الفترات السابقة إلى ايجابيات وقربت الشعب العربي في العراق خاصة من الكورد والاحتكاك المباشر معهم ومعرفة طبيعة حياتهم وثقافتهم وتاريخهم وكذلك لمسوا من الكورد الاحترام والطيبة والكرم مما عزز اواصر التقارب بين الشعبين .
واليوم تجاوزت العلاقات الكوردية العربية الشعب العربي في العراق وسوريا إلى المحيط العربي الأكبر حيث يربط اقليم كوردستان العراق علاقات مميزة مع العديد من الدول العربية التي سارعت في السنوات الأخيرة إلى توسيع نطاق العلاقات بين الجانبين إلى التمثيل الدبلوماسي والتعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري . وهذه الخطوات جاءت بعد أن اتضح للأخوة العرب شعوبا وحكومات ان الشعب الكوردي هو امتداد حضاري وتاريخي في المنطقة لايمكن تجاوز حقوقه المشروعة كما لا يمكن العيش بلون واحد في منطقة متعددة الألوان والأطياف .
ومعرفة طبيعة حياتهم وثقافتهم وتاريخهم وكذلك لمسوا من الكورد الاحترام والطيبة والكرم مما عزز اواصر التقارب بين الشعبين .