العلاقات الكوردية – العربية التطور التاريخيّ والحاضر

سردار علي سنجاري

الجزء الثاني
خلال القرن العشرين شهدت العلاقات الكوردية العربية العديد من الأزمات والصراعات خاصة بعد أن بدأت الحركات القومية العربية في النمو في المنطقة وظهور حزب البعث العربي الاشتراكي وتصاعد الفكر القومي العربي الذي حث الجماهير العربية على الالتفاف حول فكره مما جعل العلاقة الكوردية العربية تتعقد بسبب تبني حزب البعث الأفكار القومية العروبية المتطرفة والتي فيما بعد ساهمت في تدمير اهم البلدان العربية حضارة وتاريخا العراق وسوريا . ففي العراق وسوريا على سبيل المثال كانت هناك محاولات من الحكومة المركزية في البلدين لتهميش الكورد وإجبارهم على الانصهار ضمن الهوية العربية و ضمن منهجية وفكر الاحزاب القومية العربية ما أدى إلى اندلاع عدة انتفاضات كوردية في كوردستان العراق تحديدا حتى قامت ثورة ايلول المجيدة 1961 بقيادة الزعيم الخالد الملا مصطفى البارزاني مطالبا بحقوق الشعب الكوردي الثقافية والقومية ودعى لأول مرة إلى الحكم الذاتي لكوردستان العراق وتعزيز الفكر الديمقراطي في العراق والابتعاد عن الفكر العنصري والقومي العروبي المتطرف الذي لا يخدم العراق وشعبه من كافة مكوناته . في العراق كانت العلاقة بين الكورد والحكومة المركزية في بغداد تتسم بالتوتر منذ بداية تأسيس الدولة العراقية الحديثة في العشرينيات من القرن الماضي رغم مساهمة الكورد في تعزيز مؤسسات الدولة العراقية الحديثة وبالأخص العسكرية والاقتصادية .ولكن في هذه الفترة كانت بغداد تحاول فرض سيطرتها على المناطق الكوردية بينما كانت الشعب الكوردي كان يسعى للحفاظ على هويته الثقافية والسياسية.

على مدار القرن العشرين ازداد التوتر بين الكورد والحكومات العراقية المتعاقبة وخاصة بعد تأسيس الدولة العراقية الحديثة تحت الانتداب البريطاني. بدأت مطالبات الكورد بالحكم الذاتي تظهر بشكل واضح بعد ثورة 1920 العراقية التي شهدت مشاركة الكورد إلى جانب العرب في مقاومة الاستعمار البريطاني. لكن بعد الاستقلال العراقي في عام 1932 بدأت الحكومة المركزية في بغداد تتبنى سياسات تهميش الكورد ما دفع الكورد إلى رفض تلك السياسات التي أدت إلى تراجع العلاقة بين الشعبين الكوردي والعربي إلى نقطة وصلت إلى قيام ثورات كوردية متعددة ترفض سياسات التهميش تلك . وكما ذكرنا كانت ثورة ايلول المجيدة هي احدى اهم الثورات الكوردية في الستينيات من القرن الماضي والتي من خلالها حظى الشعب الكوردستاني بدعم من بعض الدول الإقليمية والدولية مما دفع العراق في السبعينيات من القرن الماضي إلى إبرام اتفاقيات ستراتيجية مع الاتحاد السوفيتي السابق لتعزيز قدرات العراق العسكرية في مواجهة الثورة الكوردية التي اوشكت ان تصل إلى تحقيق أهدافها لولا اتفاقية الجزائر التي أبرمت بين العراق وايران الشاه سنة 1975 والتي بموجبها أوقفت ايران دعمها للحركة الكوردية ما أدى إلى انتهاء وانتكاسة ثورةً ايلول المجيدة. ولكن الكورد لم يتخلوا عن مبادئهم الثورية وعن مطالبهم القومية المشروعة وعادوا مجددا إلى ساحات كوردستان لتبدأ ثورة جديدة تستطيع تحقيق أهداف وطموح الشعب الكوردي في العراق وتستعيد مكانة الكورد التأريخية والحضارية في ارضه وموطنه كوردستان .

مابين سنة (1970-1974 ) شهدت العلاقات الكوردية العربية في العراق نوعا من الهدوء النسبي وذلك بعد اتفاقية اذار 1970 بين قيادة الثورة الكوردية بقيادة الخالد الملا مصطفى البارزاني وحزب البعث العراقي الذي كان يحكم العراق تلك الحقبة . ولكن رغم الهدوء النسبي الذي شهدته البلاد كانت هناك محاولات عديدة لزعزعة الاتفاقية من قبل نظام البعث العراقي وقيادته المتمثلة بالرجل القوي انذاك صدام حسين ما أدى إلى انهاء الاتفاقية في سنة 1974 والعودة مجددا إلى الاقتتال .

أحد أبرز فصول العلاقة الكوردية العربية في العراق كان في فترة حكم الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين (1979-2003)، حيث شهدت هذه الفترة أسوأ حالات القمع والاضطهاد للشعب الكوردي . بعد انتكاسة ثورة أيلول المجيدة في السبعينيات من القرن الماضي حيث شنت الحكومة العراقية حملات عسكرية ضد الكورد وكان من أبرز هذه الحملات الانفال السيئة الصيت (1986-1989)، التي استخدمت فيها القوات العراقية الأسلحة الكيمياوية ضد الكورد وأسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من المدنيين .
كما أن مجزرة حلبجة عام 1988 التي استخدم فيها النظام العراقي الصدامي البعثي الأسلحة الكيمياوية ضد المدنيين الكورد في مدينة حلبجة أصبحت رمزًا من رموز القمع الذي تعرض له الكورد على يد الأنظمة العراقية الديكتاتورية في تلك الفترة.

قد يعجبك ايضا