صبحي مندلاوي
لاشك أن القيادة الكوردية في إقليم كوردستان والمتمثلة بالزعامة البارزانية الحكيمة تدعم حقوق الكورد في كل أجزاء كوردستان و هذا موقف قومي ثابت و واضح ، مع أن الأوضاع السياسية التي تواجه الكورد بعد الأحداث في سوريا تحمل تحديات كبيرة، لكنها في الوقت ذاته تُبرز فرصًا مهمة على المستويين المحلي والإقليمي، سواء بالنسبة للكورد في العراق و سوريا.
القيادة الكوردية في إقليم كوردستان تتبع سياسة براغماتية فهي تحافظ على علاقات جيدة مع تركيا مع محاولة تقديم الدعم للكورد في سوريا بشكل غير تصادمي وتدرك هذه القيادة الحكيمة أن الاستقرار الداخلي في الإقليم يعتمد بشكل كبير على تجنب الصراعات مع الجوار و تعمل على تعزيز العلاقات الدولية لضمان استمرار الدعم السياسي والاقتصادي مع استغلال موارد الإقليم لتقوية الاقتصاد والبنية التحتية، مما يمنحها نفوذًا أكبر في أي مفاوضات مستقبلية بشأن الكورد في المنطقة.
و لاريب أن التحديات الداخلية السياسية والاقتصادية داخل إقليم كوردستان وبغداد أيضاً تؤثر على قدرته على دعم الكورد في الخارج فالتوترات مع الحكومات العراقية مستمرة رغم الجهود المبذولة من قبل حكومة السيد مسرور بارزاني بخصوص إستحصال الحقوق الدستورية لشعب الإقليم فضلا عن حماية كيانها ووضعها الأمني والسياسي ومن جانب آخر تحاول الموازنة بين علاقتها الاستراتيجية مع تركيا والدعم السياسي للكورد السوريين حيث تبدي تحفظًا على أي دعم صريح للإدارة الذاتية في سوريا.
من جهتها فإن الكورد في سوريا أصبحوا أكثر تنظيمًا، خاصة مع وجود كيانات مثل الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) و بعد أحداث زلزال أو طوفان سوريا كما يصفه البعض ، زادت المساحة المتاحة للكورد للتفاوض على حقوقهم، سواء في إطار الحكم الذاتي أو كجزء من الحل السياسي في سوريا.
في حين يشكل التدخل التركي أكبر تهديد، حيث ترى تركيا في أي كيان كوردي تهديدًا لأمنها القومي ، ومن جهة ثانية فإن عدم وضوح الرؤية الدولية بشأن مستقبل سوريا يزيد الضغط على الكورد لضمان دور فاعل لهم في أي مفاوضات مستقبلية في الوقت الذي تعتمد القوى الكوردية في سوريا على الدعم الأمريكي في مواجهة الضغوط التركية، لكن السياسة الأمريكية قد تتغير حسب المصالح الاستراتيجية.
ان مستقبل الكورد في سوريا والعراق يرتبط بقدرتهم على تعزيز وحدتهم الداخلية وضمان دعم دولي قوي وان القيادة الكوردية في إقليم كردستان تلعب دورًا مهمًا كحلقة وصل بين القوى الدولية والإقليمية، لكنها بحاجة إلى نهج أكثر تنسيقًا لضمان تحقيق الأهداف الكوردية المشتركة.
لذلك فان القيادة الكوردية في الإقليم تحتاج إلى الحذر والعمل بدقة لتجنب هذه التحديات لأن استمرار الانقسامات بين الأحزاب الكوردية في سوريا والعراق يُضعف من الموقف الكوردي الموحد ويُفقدهم ثقلهم التفاوضي فضلا عن التدخل التركي المستمر في سوريا والعراق لمنع أي كيان كوردي مستقل أو شبه مستقل يُشكل تهديدًا مباشرًا.