محمد بنطلحة شاعر من المغرب

د. توفيق التونجي

لست شاعر المرأة

أنا ، فقط ، صانع زجاج .
أخلق من كل كتلة شبقة ما يناسبها
من حيز ،
ومن فراغ .
أخلق للروتين مراياه ،
وإطاره .
وللزمن الضائع
ليله ،
ونهاره .

انا
– في الأصل –
مجرد مهرب للرمال .
و ها أنا – اليوم – ترجمان .
ها أنا – بهذه الصفة – أكتفي بقبلة من وراء الزجاج .
وهاانا أحشر أنفي بين شقوق هذا النص .
لا لأبحث عن أي شيء ،
ولكن لأنسى كل شيء :
كلمة السر ،
مفتاح الخريطة ،
أفق انتظار القارئ ،
نوايا المؤلف ،
الطريق ،
وعكاز الطريق .

حتى المعنى :
مكنسة الساحرة ،
سرعان ما يضيع مني ، حين يتحول الضوء
ألى كائن أسطوري
بنهدين ،
ولسانين ،
وعين في مكان السرة .

الضوء ذاته ،
كثيرا ما ينسى ، هو الآخر ،
حين تصعد الخمرة إلى وجنتيه ،
و لا سيما حين يبدأ ” صيف هندي ”
أنه مصيبة كبرى .

حينذاك ،
يدس قرنفلة زرقاء بين شفتيه .
يحرك يديه في الهواء .
ثم يصعد إلى الحلبة .
وفي الحين ،
يشرع في الرقص
حول أقدام امرأة في سن الكون .
امرأة هي في اللفظ عروس من الزنج،
وفي المعنى قلادة معلقة
في قاع البحر .

الضوء يفعل كل هذا ،
بينما أنا أفشل في تحويل أغلى أنواع الزجاج
إلى استعارات
من لحم ،
ودم .
أفشل تماما .
غير أنني سرعان ماأعثر على معنى كل شيء
في كل شيء .
ولا سيما حين تشهق بين يدي :
بجعة صغيرة ،
أو ورقة ،
أو حتى فنجان .
—————

عن الشاعر؛

محمد بنطلحة هو أحد أبرز الشعراء المغاربة المعاصرين، وأستاذ جامعي وُلد في مدينة فاس سنة 1955. يُعتبر صوتًا شعريًا متفرّدًا في المغرب والعالم العربي، استطاع أن يرسخ مكانته كأحد شعراء الحداثة الذين يدمجون العمق الفكري مع الحس الجمالي.
أسلوبه الشعري ذو ي لغة شعرية عميقة ومركّزة، تعكس روح التجديد والحداثة. ويميل إلى استخدام الرمز والتكثيف والصور الشعرية التي تفتح آفاقًا متعددة للمعاني. تأثرت تجربته الشعرية بالسريالية والوجودية، مما جعل قصائده تنطوي على عمق فلسفي.

أمين عام المكتب المركزي لاتحاد الكتاب بالمغرب (1979 – 1981). و مؤسس مشارك لمؤسسة قضية الشعر في المغرب (1996).
أحد مؤسسي منظمة Ligii Scriitorilor din Maroc (1999).
حاصل على جائزة الكتاب الدولية التي تمنحها مؤسسة نادي الكتاب بالمغرب (FCIM) (2015).
و الجائزة الدولية الأولى لشعرية أرغانا آل كاسي دي شعر ماجوس (2016).

أعماله الشعرية:
• “نشيد البجع” (1989)
• “خدر في الرأس” (1992)
• “سدوم” (1992)
• “غيمة أو حجر” (1995)
• “قليلاً أكثر” (2003)
• “ظل يتقدم” (2007)
• “أخسر السماء وأربح الأرض” (2010)
————

قد يعجبك ايضا