رئيس التحرير
شهدت الساحة الكوردستانية خلال عام 2024 ،احداثاً ومتغيرات مهمة،تبعاً للمتغيرات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط بشكل عام وبالأخص انهيار نظام الأسد، واسدال الستار على حقبة زمنية طويلة من سلطة حزب البعث في سوريا،والتي ستلقي بظلالها على مجمل اوضاع المنطقة فضلا عن القضية الكوردية ، وستشهد الساحة الكوردستانية احداثاً ومتغيرات مهمة خلال المرحلة المقبلة وفقاً لطبيعة الأحداث و استمرار صراع القوى الدولية على مناطق النفوذ في المنطقة.
مايهمنا ككوردستانيين، اوضاع العراق واقليم كوردستان،في ضوء المتغيرات والتحديات الجديدة التي ستواجه العراق والتي ستنعكس سلبا وايجابا على الأوضاع في اقليم كوردستان.
في عام ،2024 ، رغم ما شهده اقليم كوردستان من خلافات سياسية داخلية وتحديات اقليمية، وصعوبات اقتصادية ، بسبب استمرار توقف تصدير النفط ومماطلة الحكومة الأتحادية في ارسال حصة الأقليم من الموازنة، وتأخير صرف رواتب الموظفين لمدة شهرين واحيانا قرابة ثلاثة شهور على امتداد العام الماضي، وذلك لوقف عجلة التطور والتقدم الذي شهده الإقليم خلال العقود الثلاثة الماضية ،وبالأخص في المجالات السياسية والإقتصادية والدبلوماسية.
في المجال السياسي الداخلي،رغم الخلافات والمشاكل الحادة بين القوى السياسية الكوردستانية،الا ان حكومة الأقليم لم تتلكأ في تنفيذ برنامجها ،محققة نجاحات مهمة ،منها انجاز العملية الإنتخابية ، للخلاص من الفراغ الدستوري والحيلولة دون توقف المؤسسات الدستورية عن اداء مهماتها ،نظراً لإنتهاء المدة الدستورية لعمرالكابينة التاسعة بقيادة السيد مسرور بارزاني، واثار النجاح الكبير الذي تحقق في اجراء الإنتخابات اعجاب جميع الأطراف العراقية والإقليمية والدولية، من حيث الحملات الدعائية الساخنة وعدم تسجيل اية خروقات امنية، والمشاركة الهادئة والواعية للناخبين الكورستانيين التي تجاوزت نسبة 72% من مجموع من كان يحق لهم التصويت، حيث تعد هذه النسبة وفق المعاييرالدولية،نسبة عالية لا تتحقق الا في الدول التي لها باع طويل في مجال الحريات وتطبيق الديمقراطية.
وفيما يتعلق بتفعيل برلمان كوردستان وتشكيل الكابينة العاشرة، نجح البرلمان في عقد جلسته الأولى وما تزال الجلسة مفتوحة و الحوارات مستمرة لأنتخاب الهيئة الرئاسية وتشكيل اللجان البرلمانية، كما ان الحوارات مستمرة بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني بوصفه الفائز الأول في الأنتخابات مع القوى الفائزة الأخرى وبالاخص مع الأتحاد الوطني الكوردستاني،لتشكيل حكومة ائتلافية قوية ومنسجمة لأستمرار تعزيز مكانة اقليم كوردستان في العراق والمنطقة، عبر تعزيز المؤسسات الديمقراطية والوئام الوطني اللتان تعدان من اهم ركائز استقرار النظام السياسي في الأقليم.
وفي المجال الإقتصادي ورغم استمرار الضغوطات الكبيرة من قبل بعض الأطراف المشاركة في الحكومة الأئتلافية لإعاقة عجلة الأقتصاد والاعمار في اقليم كوردستان، الا ان حكومة السيد مسرور بارزاني تمكنت بجهود جبارة وصبر وصمود قل نظيره ،فضلا على الدعم اللامحدود لأبناء الشعب لحكومتهم المنتخبة،من ايجاد حلول لجميع المشاكل وبدائل للمعوقات التي كانت تعترض عمل الحكومة، والوقوف بصلابة بوجه المحاولات التي كانت وماتزال تهدف، لإضعاف كيان اقليم كوردستان وخلق فجوة بين الشعب الكوردستاني وحكومته المنتخبة.
وسارت الحكومة في تنفيذ جميع بنود برنامجها بشكل جيد ، بل تخطتها في بعض المجالات، حيث استمرار الحركة العمرانية وتعزيز البنى التحتية في قطاعات الصحة والتربية والتعليم العالي والسياحة وغيرها وتقديم الخدمات وتوفير الحاجيات الضرورية للمواطنين بشكل جيد، واثبتت للقاصي والداني بأن قيادة الأقليم وحكومتها الوطنية ماضية في تنفيذ مشاريعها الآنية والستراتيجية وخططها الرامية لتعزيز الوحدة الوطنية رغم وجود الخلافات السياسية والحزبية واستمرار النهوض بالاقليم في كافة المجالات وتوفير حياة حرة كريمة للمواطنين.
وعلى مستوى العلاقات بين اربيل وبغداد، حققت حكومة السيد مسرور بارزاني ،عبر المباحثات والحوارات الجادة المتواصلة و تبادل الزيارات والوفود مع بغداد من تعزيز الثقة مع حكومة السيد محمد شياع السوداني، وحل نسبة كبيرة من الخلافات المالية والأدارية مع بغداد ومعالجة مشكلة صرف رواتب الموظفين التي وصلت مراحلها الأخيرة ويجمع المراقبون على انه سيتم تصفير جميع الأشكاليات في هذا الجانب خلال الأشهر الأولى من عام 2025 وسوف تشهد قضية صرف الرواتب حالة من الاستقرار وستصرف الرواتب في اوقاتها المحددة اسوة بجميع موظفي الدولة العراقية،نظرا لعدم بقاء اية ذريعة ادارية ومالية بيد بغداد لتأخيرها، وهذا بدوره سيؤثر ايجاباً على مجمل العلاقات بين الحكومتين الإتحادية واقليم كوردستان.
وفي المجال الدبلوماسي والأنفتاح على دول الأقليم والعالم،شهدت اربيل زخماً دبلوماسياً خلال عام 2024 ، واضحت محطة مهمة لإستقبال شخصيات حكومية وسياسية عالمية من مختلف دول العالم،والتي عززت من مكانة الأقليم على المستوى العراقي والأقليمي،فضلا على زيارة قادة الأقليم للعديد من دول العالم بناءً على دعوات رسمية وجهت اليهم،بأعتبار الأقليم طرفاً مهما ومؤثراً في توازنات المنطقة وموقعه الجيوسياسي المهم الذي لايمكن تجاوزه في اتخاذ اي قرار آني ومستقبلي للشرق الأوسط،وحققت تلك العلاقات الدبلوماسية نجاحات باهرة في كسب ثقة الحكومات في المنطقة والعالم وحتى على مستوى المنظومة الدولية المتمثلة بالمنظمات والهيئات الدولية التي لها دور فاعل في اتخاذ القرارات المصيرية.
مجمل تلك المعطيات،دلالة على ان حكومة اقليم كوردستان رغم التحديات والضغوطات ،مصممة على تجاوز جميع المشاكل والخلافات على المستويين المحلي والإقليمي، والتعاطي مع المتغيرات بشكل مدروس وسليم، لتعزيز كل مايصب في تعزيز مكانة اقليم كوردستان، ،فضلا على تأمين حياة حرة كريمة للمواطنين،بأعتبارالشعب هو الداعم الرئيس والموثوق به للحفاظ على المكتسبات التي تحققت خلال اكثرمن ثلاثة عقود.
عليه مع بدء العام الجديد، نحيي الكوردستانيين، على صمودهم امام المشاكل الأقتصادية الصعبة خلال عام 2024،آملين ان يكون العام الجديد،فاتحة خير لتعزيز المؤسسات الدستورية والديمقراطية وتظافر الجهود للحفاظ على كيان اقليم كوردستان.