سردار علي سنجاري
لا يختلف احد ان الكورد في سوريا هم مكون أساسي وتاريخي وثقافي ساهم في بناء الدولة السورية منذ استقلالها . وقد تقلد العديد من الشخصيات الكوردية مناصب سيادية هامة حتى اصبح العديد منهم رؤوساء للجمهورية و رؤوساء للحكومات السورية في فترات زمنية متباينة. وقد نشط الكورد في سوريا في مجالات عديدة منها سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وكان لهذا النشاط دور بارز في صناعة الفكر والثقافة في سوريا عامة والمناطق الكوردية خاصة . وقبل اندلاع الثورة السورية بسنوات قامت تظاهرات في المناطق الكوردية في القامشلي ودمشق قوبلت بالقوة المفرطة من قبل قوات النظام مما أدى إلى زج العديد من شباب الكورد في سجون النظام الاسدي البعثي ولعب شقيق الرئيس المخلوع ماهر الاسد دورا في إخمادها.
وعند قيام الثورة السورية كان الكورد في مقدمة المكونات التي طالبت برحيل الرئيس الهارب بشار الاسد مما دفع الأخير في البحث عن حلول للقضية الكوردية وتم منح بعض الأفراد الكورد ممن كانوا لا يملكون حق المواطنة رغم تواجدهم في سوريا لأكثر من مائة عام ومنحهم الجنسية السورية من اجل إبعادهم عن مسيرة الثورة. ولكن الكورد اعتبروا ان هذه المكرمة الرئاسية هي حق من حقوق الشعب الكوردي ولا تربطها صلة بالحراك الشعبي الذي استمرّ وطالب برحيل الاسد عن السلطة . وقد مارس النظام الكثير منّ الضغوطات على الكورد وتم اغتيال العديد من الشخصيات السياسية الكوردية منذ بدايات الثورة مما دفع الكورد إلى تشكيل فصائل معارضة مسلحة لحماية مناطقهم من الامتداد الداعشي والأسدي في آن واحد.
اليوم وبعد الثامن من شهر كانون الأول ديسمبر تغيرت مجريات الاحداث في سوريا والمنطقة بشكل عام بعد سقوط النظام البعثي الاسدي و وصول قوى المعارضة السورية لدفة الحكم المتمثلة بهيئة تحرير الشام التي يترأسها السيد محمد الشرع الذي أبدا منذ تسلمه زمام الأمور في السلطة انه منفتح على كافة القضايا التي تهم المجتمع السوري ومنها القضية الكوردية، واليوم امام كورد سوريا فرصة تأريخيّة في مواجهة التحديات التي واجهتهم منذ سنوات طويلة من نظام حكم البعث والعمل بشكل جاد مع القوة الجديدة في دمشق من اجل تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي في البلاد وتحقيق التوازن بين كافة مكونات المجتمع السوري.
ان تجربتنا في كوردستان العراق حاضرة امام القوة السياسية في سوريا حيث ساهم اقليم كوردستان في تعزيز اواصر الاخاء بين الشعبين الكوردي والعربي بعد عقود من الصراع السياسي بين القوة السياسية الكوردية والحكومات العراقية المتعاقبة حتى سقوط نظام البعث العراقي الصدامي.
ان المجتمع السوري يمتاز بتنوعه الثقافي والديني والمذهبي كما هو حال العراق واذا لم يتم التوصل الى حل سياسي شامل وتثبيت حقوق كافة مكونات المجتمع السوري ضمن دستور عادل يضمن ويحقق العدالة والمساواة بين المواطنين ويضمن الحقوق والحريات الثقافية للكورد ويوفر المساحة الكافية لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية في المناطق الكوردية ويعزز من اواصر العلاقات بين الشعبين الكوردي والعربي فإن ذلك قد يؤثر على زعزعة البلاد والمنطقة برمتها .. لذا ندعوا كافة فصائل المقاومة الكوردية في سوريا لتوحيد الصف والكلمة ونبذ الخلافات السياسية جانبا والابتعاد عن اي قوى سياسية كوردية خارج الخارطة السورية والتي قد تشكل تحديا كبيرا لها في المستقبل مع دول الجوار الكوردي والعمل على ايجاد حلول توافقية مع القوى السياسية السورية الجديدة التي حظيت بقبول جماهيري شعبي وإقليمي ودولي واسع . والعمل الجاد على بناء سوريا الجديدة التي عانت وشعبها أزمات كبيرة في ظل النظام البعثي الاسدي .