استذكار عازف القانون الشهير .. سالم حسين الامير

 

متابعة التآخي

سالم حسين.. أرتبط هذا الاسم في الذاكرة العراقية كعازف لألة القانون في فرقة الإذاعة والتلفزيون (منذ نشأته) ككاهن في معبد، من خلال أناقته ورصانته الشخصية وطريقته بالعزف على الآلة بأسلوب منضبط مكلالا بالجلال والهيبة، كما هو الحال في الطقوس الكهنوتية، التي انعكست سلوكا على أغلب عازفي هذه (الآلة) اللذين أعقبوه.

سالم حسين.. مجددا للأغنية الخمسينية في مجموعة من الألحان الخالدة التي تغنت بها الأجيال من خلال أغنيات عراقية وعربية كانت ولم تزل لها نكهة الأبداع وخلوده، لا يمكن للذاكرة الغنائية والسمعية العراقية أن تتجاوزها أو تنساها مثل أغنية (يا ساكن بديرتنا لسعاد محمد، الناصرية لإسماعيل شبانة واغنية شجابك علينا لفرقة ثلاثي المرح المصرية) أنها مثابات بارزة في تاريخ الأغنية العراقية.

 

سالم حسين…كاتبا لقصائد غنائية وشاعرا فصيحا ومؤرخا موسيقيا أتحف المكتبة العراقية بمؤلفات أرشيفية وبحثية في المجال الموسيقي والغنائي العراقي الحديث والممتد في عمق التاريخ منذ سومر.

سالم حسين…صاحب الصالون الثقافي والموسيقي الذي كان مشرع الأبواب لكل المشتغلين في مجالات الثقافة والموسيقية خاصة، في بيته الذي كان فضاءا للمحبة وللأبداع وللتواصل الإنساني الخلاق، والذي كان شديد الحرص على أرشفة الكثير من اللقاءات والفعاليات الموسيقية ومنها بروفات خماسي الفنون الجميلة، والتي فقد الكثير منها بعد مغادرته العراق

 

 

سالم حسين…فتى سومري كما جده كلكامش كان يبحث عن سر الخلود…أنجز الكثير وفي خزانة روحه وعقله الكثير مما أنجز ولم يطبع أو مقترحات لمشاريع مقبلة. ومع أنه أجتاز العقد التسعيني من عمره المكتنز بالمعنى فلقد كان مفعما بالحياة والمشروعات التي طالما كانت مغذيا جوهريا لأدامه سر حيويته وأناقته التي لم  تتراجع يوما عن نسقها، حتى وهو على سرير المرض، ولد أنيقا وعذبا، ومات انيقا حالما .

سالم حسين، امتلك سرا لشبابه الدائم وديناميكيته الخالدة، قد لا يعرفه الكثير ولكن يعرفها القليلين منهم. (زهرة السوسن) التي يصحى من نومه على أريج عطرها وعبقها الذي يملأ سكناه أينما حل أو أرتحل، تعويذته وأمه التي ترعاه  وتبعد عنه كل شرور وتهيء له  مساكن (لوطن)  طالما حمله حقيبة في ترحاله المضني،أنها أبنته البارة سوسن .

سالم حسين، المستشار غير المعلن لموقع الوتر السابع الذي كنا نستأنس برأيه في كل صغيرة وكبيرة تخص تاريخ الموسيقى والغناء في العراق، الذي كان جوادا بلا حدود اعتمادا على ثقته بالأستاذة فاطمة الظاهر مديرة الموقع التي تربطها بالمرحوم  كما بالكثير من رموز الغناء والموسيقى الكبار في العراق من علاقات انسانية وفنية، من خلال صالونها الثقافي (غير المعلن) الذي كان يستضيفهم اجتماعيا وفنيا، لتصبح فيما بعد وثائق تؤرخ لما تبقى من الرعيل المؤسس للغناء والموسيقى في العراق، كسلمان شكر، وروحي الخماش، وسالم حسين، وغانم حداد، وعلي الامام، والشاعر عبد الجبار العاشور… وأخرون.

سالم حسين، أخترنا أن يكون أسمك بلا صفة لأنك كنت أيقونة سومرية، وستبقى كذلك في الذاكرة العراقية، كما أنه يشير أليك بكل الصفات التي قلنا بعضها أو لم نقلها، ولا عزاء لنا ولمحبيك ول(سوسنتك العطرة) التي رعتك بالحفاظ على أرثك وأن نكون أمناء بنقله الى الأجيال القادمة …وداعا أبا سوسن والى جنان الخلد.

 

قد يعجبك ايضا