شيروان الشميراني
القضية الكوردية شاملة لا تنحصر في سوريا أو إحدى الدول التي ألحِق بها الكورد ظلماً غربياً على هذا الشعب المكلوم بعد الحرب العالمية الأولى، لكن الآن الحديث يكون عن سوريا كما كان قبل عقدين من الزمن كان الحديث دائراً عن العراق، ومن أجل تحديد المسار الصحيح من أجل تثبيت الحقوق الطبيعية، في ضوء التجارب السابقة، ينبغي الحركة بأربعة إتجاهات، كالآتي:
1- الإتجاه الداخلي الكوردي.
2- بإتجاه تركيا.
3- العمل مع الأمريكيين.
4- الجلوس مع دمشق.
هذه الاتجاهات الأربعة هي التي تشكل الإطار العام الكلي للحركة الكوردية في سوريا من أجل نيل الحقوق التي هي ليست تفضلاً من أحد، وإنما أهدرت ظلماً وعدواناً خلال قرن كامل وأزيد بقليل.
هذه الاتجاهات الأربعة والنزول في شرحها، ليست هي الغاية من كتابة هذا المقال، قد نعود اليها في وقت آخر، الغاية هنا هي المسار العملي، أو الخطوات المتدرجة التي تشكل الوجه العملي لهذه الاتجاهات العامة، الخطوات التي تجسد تلك الأسس وتعطيها قالباً مادياً ملموساً في التعامل مع الآخرين الذين لابد للكورد التعاطي معهم، وهو تعاطي قد يكون مرغوباً وقد لا يكون، والمسار العملي المقصود يتكون من الخطوات السبع التالية:
-1القطع الكامل مع القيادة الفكرية والعسكرية في قنديل، هذه طبيعية وأكثر من طبيعية، لايمكن لحزب أو قوة مسلحة أو مكون من مكونات شعب، أن يكون على ارتباط مع جهة أجنبية بنص القانون، لأن في مثل هذه الحالة لا يكون القائد مستقلاً ولن يكون هو المرجع في اتخاذ القرارات، الارتباط بقوى خارجية يأخذ منه الاستقلالية في الحركة. وفي مفهوم الدولة الحديثة هذا لن يكون مقبولاً.
-2 الإستغناء عن كل العناصر غير الوطنية، أي غير السورية، وهذه نقطة بالغة الأهمية، لا يكون مقبولاً في مفهوم الدولة الحديثة أن تصارع قوى داخل الوطن بعناصر غير وطنية، وحساسية هذه المسألة دفعت بهيئة تحرير الشام الى التخلص من العناصر الأجنبية في صفوفها، وكان القائد العام ل-قسد- “مظلوم عبدي” حكيماً بإعلانه الاستغناء عن العناصر الأجنبية من المقاتلين في تشكيلات قسد شرط التوصل الى اتفاق وقف إطلاق النار مع تركيا.
-3 العمل على وحدة البيت الكوردي، ويشكل إقليم كوردستان العراق درساً بليغاً في هذا المجال، فحيث ماكان الكورد متفقين موحدين كانوا ذا تأثير كبير في بغداد، وعكس ذلك كانت بغداد ترميهم مثل الكرة، ويعطيهم كحاجة الطفل للكرة بقصد اللعب.
-4 بعد ذلك ارسال رسالة واضحة الى أنقرة، بغرض حل الإشكاليات معها بطريقة ودية وعلى طاولة المحادثات، على أن تكون القيادة السياسية في إقليم كوردستان حاضرة في تلك الإجتماعات، إن إزالة المخاوف الأمنية التركية مهمة في هذه المرحلة دفعاً للبلاء على أقل تقدير.
-5 الأمريكيون في سوريا هم من يشكلون المجتمع الدولي، وثبت في التاريخ أنّ الكورد لن ينالوا حقوقهم إلا بالقدر الذي يقبل به الامريكيون بعد الله سبحانه وتعالى، وهنا لابدّ من توجيه سؤال مباشر الى الجانب الأمريكي، مالذي يوجد في مخططكم للكورد في لسوريا المستقبل؟ في ضوء الإجابة الامريكية يمكن التحرك سياسياً على أرض الواقع.
-6الذهاب الى دمشق، والدخول في مفاوضات مباشرة مع القيادة الحاكمة الآن، هذه القيادة التي هي لا تمثل كل السوريين، تبحث عن الشرعية فالوقت مناسب للدخول معها في محادثات تكون مثمرة بعد تهيئة الأرضية المناسبة، التجربة العراقية أثبتت ان الحلّ لن يكون إلا في دمشق، والسبب هو أن المجتمع الدولي والقرار الصادر في 15 كانون الأول 2015 ينص على وحدة الأراضي السورية، في نظام سياسي يشارك في صياغته كل مكونات الشعب السوري.
-7 عدم التفكير بإستخدام السلاح من أجل نيل المبتغى إلا في مرحلة الدفاع عن النفس وردّ الهجوم وردع العدوان، من أجل الظهور بمظهر المظلوم، وذلك لايعني الاستسلام، بل الاحتفاظ بالقوة من أجل البقاء حياً حرّاً كريماً، وليس بحثاً عن الفوضى.
وفي حال عدم الوصول الى التفاهم المعقول بين الشعب الكوردي والطرف الحاكم في دمشق، أو عدم الانتهاء من المشكلة الكوردية في سوريا بطريقة ودية لأي سبب كان، فنواجه أمرين إثنين:
أولاً: أما التعرض الى هجمات قاسية وظالمة ومنسقة من تركيا وهيئة تحرير الشام والقوات المرتزقة التي تقاتل بناء على أوامر، ومحاولة القضاء على أي كيان ووجود كوردي مستقل أو ذاتي، وهذه لو حصلت فهي أُمنية الكثير من الأطراف غير الكوردية، لأن البعض الذي يظهر في لباس الصديق للكورد لا يريد الإنتهاء من المشكلة القومية الكوردية لأنها ورقة إقليمية يزعجون بها الدول في المنطقة.
ثانياً: الدخول في الفوضى الشاملة في حال عدم التمكن من القضاء على القوة الكوردية السياسية والمسلحة، وهذا هو المرجح أن يحدث، نظراً لديماغوجية تلك الأطراف، وانانيتهم، واستغلالهم لكل حق مشروع من أجل كسب سياسي أو قومي مجرد من كل قيمة إنسانية عليا.