د . صباح ايليا القس
يتابع العاملون في حرفة الادب ما يصدر من نتاجات ادبية على تعدد ابواب الادب من شعر وقصة ورواية وحتى الكتب النقدية .
ومن الامور المألوفة ان يكون هناك متابعون لاغلب الحقول الادبية ومنهم من يلتزم حقلا واحدا كأن يلتزم بالبحث عن الدواوين الشعرية او ما يصدر من روايات سواء أكان ذلك على صعيد الانتاج الادبي العراقي فقط ام العربي وحتى العالمي .
والناس منذ ان خلقهم الله غير متساوين في كثير من التوجهات فمما يعجب هذا قد ينكره الآخر فالاختلاف لا يعني الخلاف والعاقل من يحترم رأي الآخر في النظر الى النص الادبي اذ لا نريد الناس مصبوغين بما نريد وكأن الله خلقنا وحيدين ضمن انانية معرفية ومن المؤكد ان الآخرين لا يقرون لنا بذلك ..
فاذا صدر كتاب في حقل معين تناوله بعضهم بالتقدير والاعجاب وسطروا له المدائح وجعلوه من ايقونات الادب وفي الجانب الآخر نجد من ينكر على هؤلاء ادعاءهم ويسل سيف الهجاء والانكار والسخط مسوغا عمله بما يراه بل ويدافع عن فكرته بما تسمح له عبقريته من جهد .
كل شخص يعالج الامر من وجهة نظره وبحسب ذوقه الادبي وسعة ثقافته وحدود اطلاعه بغض النظر عن الشهادات الدراسية ومع الاسف انه يطفو على السطح دائما دعاة المعرفة فهم يصولون ويجولون وينشرون ويثرثرون في المجالس والندوات والمحاضرات اكثر من حجمهم بحيث لم نعد نستطيع التمييز بينهم .. اذ تراهم يفهمون في كل شيء واي شيء فاذا نفضت الغبار عنهم وجدتهم غير مؤهلين لكتابة رسالة الى صديق .
وعلى هذا المبدأ يمكن ان نسأل ونقول من هو الناقد ؟ وما هي دلالاته وصفاته وعلميته وانجازه واصداراته ورصيده الابداعي لكي نقر له بما يقوم به من مهمة . واذا كان لا يحتكم على هذه الصفات فمن حق الاديب المبدع ان يقول ما فائدة النقد وما هي الضرورة لوجود النقاد اصلا .
من المؤسف ان نقول ان النقاد العقلاء الاصلاء والمهنيين قليلون جدا ذلك لانهم يقولون قول الحق ولا يبخسون الناس اشياءهم ولا ينقدون من وجهة نظر واحدة اما السلب والتسقيط واما المدح والثناء .. انا اعتقد ان اي نص ادبي لا يمكن ان يكون ناجحا تاما كاملا من غير عيب وفي الوقت نفسه لا يمكن ان يكون سلبيا خاليا من اي ملمح ابداعي .. وهذا ما يقرره الناقد مشيرا الى مواقع الابداع فضلا عن الهفوات والاغلاط اذ من الواجب ان يكون معلما في الموضعين ..
لا يمكن ان يبني الناقد على ذوقه الذاتي فقط معتمدا على شهادة او قراءات بل ان اصدار الحكم على النص الادبي كالقاضي الذي يعرف القوانين لكي يصدر حكمه بحسب المعطيات المدونة امامه .
والناقد ايضا له ادواته التي حتما لا تتطابق مع ادوات الناقد الآخر فكل واحد يستقبل النص الادبي بحسب المعطيات التي تشتمل عليها ذاكرته وعاطفته وذوقه الشخصي .
يتعامل الناقد مع النص الادبي مراعيا الزمان والمكان لتطبيق المعايير التي تناسب حركة التطور الادبي لا سيما في الادب العربي الذي يمتد من القصيدة الجاهلية الى قصيدة النثر واشكالاتها ..
اما الاديب المعاصر فليس هو كل من قرأ بعض الكتب ونشر نصا معينا في جريدة او مجلة او حتى لو اصدر كتابا كذلك هو ليس كل حاصل على درجة علمية اذ الاديب هو المبدع الخلاق عقلا واسلوبا بغض النظر عن طبيعة الانتاج .