صادق الازرقي
تدهورت اوضاع خدمة الكهرباء في العراق في اشهر الشتاء بصورة كبيرة؛ وبعد ان كنا نخشى من اشهر الصيف وحرارتها المفرطة التي تسبب في العادة بانبثاق مشكلات الكهرباء، فان الانقطاع بات شتويا وخريفيا وربيعيا.
وبعكس تصريحات الوزارة المتفائلة التي كانت تعبر عنها مع اول تحسن للطقس وزيادة في ساعات التجهيز في بداية الخريف؛ فإن مسؤولي وزارة الكهرباء التزموا الصمت في هذه المرة، ولم يظهروا كثيرا من على شاشات التلفزيون ليفاخروا بمنجزهم الكبير على وفق ادعاءاتهم.
كثير منا كانوا يتوقعون التدهور بسبب الاصرار على استيراد العراق للغاز الايراني مقابل مليارات الدولارات في حين يحرق الغاز العراقي في العراء من دون استعماله؛ ففي الشتاء وعند انخفاض درجات الحرارة تسارع ايران الى حجب الغاز المورد الى العراق بذريعة الصيانة ما يؤدي الى انقطاع الكهرباء عن العراق بصورة مريعة.
وفي حين أن الجهات الايرانية تقول إن شحة الغاز المصدر إلى العراق هي بسبب أعمال الصيانة في ايران وتحدد وقتا لانتهائها، ما يعطي املا واهيا للعراقيين، فإن الوقائع وتصريحات مسؤولين ايرانيين آخرين تثبت أن مشكلات تحدث في ايران بسبب شدة البرد ونقص الكهرباء والوقود وتلوث الهواء، وان الحكومة قد أُغلقت 23 محافظة في البلاد من اصل ٣١ بالكامل، في حين تعمل بقية المحافظات بشكل جزئي، ويستعمل لإنتاج الكهرباء أسوأ أنواع الوقود التي تتسبب في أعلى مستويات تلوث الهواء، مما أودى حتى الآن بحياة كثيرين، بحسب مسؤولين إيرانيين.
وما يزال البلدان، ايران والعراق، يلجآن الى الوسائل المتخلفة لانتاج الكهرباء ويصران على استعمال الوقود الاحفوري ومنتجاته ممثلا بالغاز والنفط الممضرين بالبيئة، ولم يفكرا في اللجوء الى وسائل انتاج بديلة نظيفة مثلما تفعل الدول المتقدمة.
ومن المعلوم أنه تتواجد وسائل حديثة وحافظة للبيئة لإنتاج الكهرباء، ومنها، الطاقات المتجددة باستعمال الألواح الشمسية لتحويل الطاقة الشمسية إلى كهرباء و استغلال ما يعرف بمزارع الرياح لتحويل طاقة الرياح إلى كهرباء، و استعمال الطاقة المائية لتحويل الماء إلى كهرباء، و استغلال الطاقة الجغرافية لتحويل الطاقة الحرارية للأرض إلى كهرباء.
كما تتواجد المحولات الكهرومغناطيسية لتحسين كفاءة إنتاج الكهرباء، وتستعمل الأنظمة الذكية لتحسين كفاءة إنتاج الكهرباء وتقليل الفاقد كما تنتج الكهرباء من النفايات العضوية.
كما يمكن إنتاج الكهرباء من الغاز الطبيعي ولكن بطريقة نظيفة، و من الطاقة الحرارية، ويجري تطوير الطاقة النووية النظيفة لتحسين كفاءة إنتاج الكهرباء، وتنتج الكهرباء من الموجات البحرية ومن الطاقة الحرارية البحرية.
هذه الوسائل وغيرها تسهم فضلا عن إنتاج الكهرباء بصورة كفوءة، في تقليل الانبعاثات الكربونية وتحسين جودة البيئة.
أن على العراق أن يغادر الأساليب التقليدية في إنتاج الطاقة لأنها أولا، مظرة ببيئته المتضررة والملوثة اصلا وثانيا لأن الأساليب الحديثة،ذ تزوده بطاقة كهرباء فاعلة تخدم السكان المتضررين من انقطاعاتها المتواصلة وتنمي اقتصاده المهدد بالاعتماد على النفط بالدرجة الرئيسة؛ وإذا كان لابد من وضع الحلول لمعالجة مشكلة الكهرباء على المدى القريب فنرى من الأفضل البحث عن بديل عن الغاز الإيراني الذي تتكرر مشكلاته في كل عام، وان يجري كذلك العمل بصورة فورية على الاستفادة من الغاز العراقي لتشغيل المحطات.