التآخي ـ وكالات
توافد آلاف السوريين إلى الساحات والميادين العامة في عموم المناطق السورية للاحتفال بـأول يوم جمعة بعد التغيير واسموه “جمعة النصر”، بعد إسقاط حكم بشار الأسد، قبيل تحركات سياسية عربية ودولية بشأن الأحداث في سوريا.
ودعا القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع المُلقب بالجولاني، السوريين للنزول للميادين احتفالاً بـ “انتصار الثورة”، وناشد الشرع السوريين “بعدم إطلاق الرصاص” في الاحتفالات، وقال: لنتجه بعد الاحتفال إلى بناء هذا البلد.
وتقود هيئة تحرير الشام – وهي منظمة إسلامية ما زالت تصنفها دول غربية بأنها إرهابية برغم فك ارتباطها بتنظيم القاعدة-، تحالفاً من عدة فصائل مسلحة بدأت في 27 تشرين الثاني 2024 الهجوم الذي أدى في الثامن من كانون الأول إلى انهيار حكم بشار الأسد مع دخولها العاصمة السورية دمشق.
وتجمع الوف الرجال والنساء والأطفال في مراكز المدن الرئيسة، في العاصمة دمشق، وحمص وحلب في الشمال، والسويداء في الجنوب.
ولوح كثيرون بالعلم ذي النجوم الحمر الثلاث الذي اعتاد المتظاهرون رفعه وتبنته السلطات الجديدة، في أجواء احتفالية ذكّرت بالاحتجاجات الضخمة عام 2011، ضد نظام بشار الاسد.
وهتف مصلون في الجامع الأموي في دمشق “واحد، واحد، واحد، الشعب السوري واحد”، وألقى خطبة الجمعة في المسجد رئيس الوزراء محمد البشير المسؤول عن المرحلة الانتقالية.
وعلى جدران المسجد، عُلقت عشرات الصور لأشخاص اختفوا بعد أن اعتقلتهم أجهزة أمن النظام السابق، فيما يواصل آلاف السوريين رحلة البحث عن أحبائهم المفقودين بعد عقود من الاختفاء والقمع.
وفي مواجهة التحديات السياسية والاجتماعية والأمنية الكثيرة في بلد منقسم متعدد الأطياف والأديان، تحاول السلطات الجديدة طمأنة الناس في موازاة تحرك المجتمع الدولي.
وعقد قادة دول مجموعة السبع لقاء عبر الفيديو لبحث الوضع في سوريا التي تعهد البشير بجعلها “دولة قانون”.
وبحسب ما نقلت وكالة فرانس برس، أعلن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إنّ بلاده ستعيد فتح سفارتها في دمشق بعد إغلاق طويل منذ العام 2012.
وقال مسؤول قطري لرويترز إن الدوحة سترسل أول وفد رسمي إلى دمشق يوم الأحد، للاجتماع مع الحكومة الانتقالية السورية وبحث إعادة فتح السفارة القطرية وتحسين توصيل المساعدات الإنسانية.
وأضاف المسؤول أن التقارير السابقة الصادرة عن وزارة الإعلام السورية بشأن زيارة رئيس جهاز أمن الدولة القطري لسوريا غير صحيحة.
ويستضيف الأردن قمة حول سوريا تجمع وزراء ودبلوماسيين كباراً أمريكيين وأوروبيين وعرباً وأتراكاً.
وخلال جولته الإقليمية التي يركز فيها على ملف سوريا، كرر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في العراق وتركيا اللتان زارهما أن واشنطن ستعمل على منع عودة تنظيم الدولة الإسلامية بعد الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وفي وقت شدد فيه بلينكن، في تصريحات من العاصمة بغداد يوم الجمعة 13 كانون الأول، على التزام واشنطن بأمن العراق ومنع عودة تنظيم الدولة الإسلامية، قال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إن بلده “ينتظر الأفعال لا الأقوال” من حكام سوريا الجدد.
وأشار الى “ضرورة عدم السماح بالاعتداء على الأراضي السورية من أي جهة كانت” لما يمثل ذلك من “تهديد للأمن والاستقرار في المنطقة”.
يشار إلى أن زيارة بلينكن إلى بغداد لم تكن معلنة، وفق وكالة فرانس برس.
من جانبها شددت حكومة بغداد بعد سقوط الأسد على “ضرورة احترام الإرادة الحرّة” للسوريين والحفاظ على وحدة أراضي سوريا.
وجاءت مواقف بلينكن في سياق ثالث محطة في جولة له في الشرق الأوسط شملت الأردن وتركيا إضافة للعراق، بعد الإطاحة ببشار الأسد إثر هجوم شنّته المعارضة المسلّحة بقيادة هيئة تحرير الشام.
كما يعتزم الاتحاد الأوروبي التواصل “قريباً” مع السلطات السورية الجديدة على “المستوى العملي” وليس السياسي، بحسب مسؤول أوروبي رفيع المستوى.
وأعلن الاتحاد الأوروبي إطلاق جسر جوي إنساني مع سوريا عبر تركيا، بعد أن أطلق برنامج الأغذية العالمي نداء عاجلا لجمع 250 مليون دولار لتوفير “مساعدات غذائية” للسوريين المحتاجين.
وسجّلت الأمم المتحدة أكثر من مليون نازح جديد منذ هجوم الفصائل بقيادة هيئة تحرير الشام.
من جهتها، قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في سوريا إن السلطات الجديدة أرسلت “إشارة بناءة” عن طريق مطالبتها بالبقاء في سوريا ومواصلة عملها.
وبرغم حاجة الشعب السوري الى رفع العقوبات المفروضة والشروع ببناء حياته، قال أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي إن من السابق لأوانه التفكير في رفع العقوبات عن سوريا بعد الإطاحة بالرئيس بشار الأسد.
وبحسب ما نقلت وكالة رويترز، قال السناتور جيم ريش، أبرز الجمهوريين في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ “نحن جميعاً سعداء حقاً برحيل الأسد … عملنا على هذا الأمر لمدة طويلة جداً، وقد أُنجزت المهمة. ماذا سيأتي بعد؟ تلك هي المسألة”.
واضاف إن زعماء المعارضة أدلوا بتصريحات مشجعة بشأن الوحدة وحقوق الإنسان لكن يتعين التريث حتى تتضح طريقة سلوكهم.
وسيتولى ريش رئاسة لجنة العلاقات الخارجية التي تشرف على الدبلوماسية الأمريكية بدءاً من كانون الثاني 2025 حين يسيطر الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه الرئيس المنتخب دونالد ترامب على مجلس الشيوخ.
وتنشر الولايات المتحدة نحو 900 عسكري في شمال شرقي سوريا، وتدعم قوات سوريا الديمقراطية التي يشكل الكورد عمودها الفقري.
وتوغلت اسرائيل في بعض مناطق هضبة الجولان السورية وسيطرت على قمة جبل الشيخ الاستراتيجية، وقال مكتب وزير الدفاع إسرائيل يسرائيل كاتس في بيان إنه “بسبب ما يحدث في سوريا، هناك أهمية أمنية هائلة لاحتفاظنا بالقمة”.
ونفذت إسرائيل مئات الضربات في سوريا في الأيام الأخيرة ضد مواقع عسكرية استراتيجية لمنع وقوع معدات الجيش السوري في “الأيدي الخطأ”، بحسب ما صرحت به و وفق ما قال وزير الخارجة الامريكية بلينكن.
لكن دعت الأمم المتحدة إسرائيل إلى الانسحاب من المنطقة العازلة التي تقع بين سوريا ومرتفعات الجولان، وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في بيان إنه “قلق للغاية إزاء الانتهاكات الأخيرة والواسعة النطاق لسيادة سوريا وسلامة أراضيها”.
واعادت عدة دول من بينها سبع عربية استئناف عمل بعثاتها الدبلوماسية في دمشق، بعد تولي احدى فصائل المعارضة المسلحة مقاليد الحكم في البلاد في أعقاب سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وفراره إلى روسيا؛ والدول التي اعادت فتح بعثاتها الدبلوماسية فورا هي، مصر والعراق والسعودية والإمارات والأردن والبحرين وسلطنة عُمان، فضلا عن تركيا وإيطاليا.
وتقول الولايات المتحدة إنه يجب على الحكومة السورية المرتقبة أن تكون شفافة وشاملة، ويجب ألا تكون “قاعدة للإرهاب”، ولا يمكنها تهديد جيران سوريا، ويجب أن تدمر أي مخزونات من الأسلحة الكيماوية والبيولوجية.
وبالنسبة لمايك والتز، مرشح ترامب لمنصب مستشار الأمن القومي، هناك مبدأ توجيهي واحد لسياسته الخارجية، إذ قال لشبكة فوكس نيوز “انتُخب الرئيس ترامب بتفويض ساحق بعدم توريط الولايات المتحدة في أي حروب أخرى في الشرق الأوسط”.
ثم واصل الرجل سرد “المصالح الأساسية” لأمريكا هناك، فيما يتعلق بتنظيم الدولة الإسلامية المعروف أيضاً باسم “داعش”، إسرائيل، و”حلفائنا العرب في الخليج”.
وكانت تعليقات والتز بمنزلة ملخص أنيق لوجهة نظر ترامب بشأن سوريا، بكونها جزءاً صغيراً من معضلة سياسته الإقليمية الأكبر؛ إذ أن أهدافه هي ضمان احتواء بقايا تنظيم الدولة الإسلامية، والتأكد من أن الحكومة المستقبلية في دمشق لا تستطيع تهديد الحليف الإقليمي الأكثر أهمية لواشنطن، إسرائيل.
كما يركز ترامب على ما يراه الجائزة الأكبر: صفقة دبلوماسية وتجارية تاريخية لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، التي يعتقد أنها ستضعف إيران؛ وباعتقاد ترامب أن المتبقي هو “فوضى” سوريا، التي يتعين حلها.