أربيل – التآخي
رغم مشاعر الفرح من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، إلا أن العديد من السوريين اللاجئين في اقليم كوردستان وعددهم بالآلاف، ما زالوا متخوفين من العودة وينتظرون استقرار الأوضاع كي يتمكنوا من ذلك.
فرحة ممزوجة بالترقب
وعلى الرغم أن سقوط النظام يفتح الباب للأمل، فإن مستقبل اللاجئين مرتبط بتحسن الظروف داخل سوريا. وتؤكد آية مجذوب من منظمة العفو الدولية على انه يجب توفير الاحتياجات الأساسية للعائدين، مع التأكد من أن العودة طوعية وآمنة.
وبين فرحة العودة وأعباء إعادة الإعمار، يظل مصير اللاجئين السوريين معلقاً بمدى قدرة سوريا على تحقيق استقرار سياسي وأمني يعيد الثقة للمهجرين، ويمهد الطريق لعودتهم إلى ديارهم.
خديجة عبيد لاجئة سورية من مدينة دمشق، تعيش منذ سنوات في مدينة أربيل عاصمة إقليم كوردستان، إثر الأوضاع الأمنية التي تشهدها سوريا منذ عام 2011.
تقول عبيد في البداية اضطر زوجي عام 2013 إلى ترك سوريا خشية التعرض للإعتقالات العشوائية ولجأ إلى أربيل .. بقيت أنا مع الأولاد في دمشق لكن عندما بلغ أبني السن القانوني للخدمة العسكرية اضطررت إلى اللحاق بزوجي ومازلنا نعيش في أربيل.
تشير عبيد إلى أن عائلتها سعيدة بسقوط النظام السوري لكن سعادتها ممزوجة بالخوف والترقب لما ستؤول اليه الاحداث بعد ذلك.
وتضيف وفق تقرير لموقع الحرة الامريكي مشتاقون جدا ومتحمسون للعودة إلى بلدنا مع عودة الحياة إلى طبيعتها لكننا قررنا الانتظار حتى تتحسن الأوضاع والخدمات ويحل الأمان ولو بنسبة قليلة ثم نعود وهذا رأي أغلب العائلات السورية التي تقطن في إقليم كوردستان.
لا يختلف الحال عند ماهر محمد، وهو لاجئ سوري كان يعمل خلال السنوات الماضية في لبنان لكنه اضطر إلى تركها منذ نحو عامين إثر تدهور الأوضاع هناك، ولجأ إلى أربيل حيث يعمل أجيرا يوميا في مجال البناء.
يقول محمد للمصدر نفسه “فرحتنا لا توصف بانهيار النظام في سوريا الذي بسببه حرمت من العودة إلى بلدي منذ عشر سنوات كوني مطلوب للخدمة العسكرية وكنت أخشى العودة لأنه سيتم زجي في المعارك التي يخوضها النظام من اجل بقاءه، حتى أنني لم أستطع العودة عند وفاة أمي .
يعمل محمد الان في أربيل لتأمين المال وارساله لزوجته واطفاله لسد احتياجاتهم الأساسية في سوريا، ويقول إنه ينتظر على أحر من الجمر بدء الرحلات الجوية بين أربيل ودمشق لكي يعود وتنتهي رحلة لجوءه الطويلة.
بانتظار ماستؤول اليه الأحداث
استقبل إقليم كوردستان خلال السنوات الماضية أعدادا كبيرة من اللاجئين بعد الأزمة السورية عام 2011 وإندلاع معارك تحرير الأراضي من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي في العراق وسوريا بعد عام 2014.
وبحسب اخر إحصائية حكومية يبلغ العدد الإجمالي للاجئين السوريين في إقليم كوردستان نحو 260 ألف لاجئ يقطنون داخل المخيمات وخارجها.
وتشير السلطات الحكومية بإقليم كوردستان الى أن اللاجئين السوريين لا يرغبون بالعودة إلى بلدهم رغم سقوط نظام بشار الأسد لانعدام الثقة بالأوضاع الحالية.
يقول مدير مكتب محافظة دهوك لدائرة الهجرة والمهجرين واستجابة الأزمات في حكومة إقليم كوردستان، بير ديان جعفر اللاجئون لا يرغبون بالعودة بسبب الأوضاع الحالية بمناطقهم ونحن في حكومة إقليم كوردستان سوف نستمر باحتضانهم وتقديم الدعم والمساعدة لهم لحين عودتهم طوعيا إلى بلادهم.
ولا يختلف اللاجئ السوري هفال حمو عن اقرانه الآخرين في تأجيل العودة إلى سوريا كونه لا يعلم إلى ماذا ستؤول اليه الأحداث في المناطق الكوردية من البلاد والتي ينتمي اليها.
حمو كوردي من مدينة قامشلي ويقيم في اربيل منذُ بداية الاحداث في سوريا، يقول انتظرنا سقوط نظام الاسد وتحسن الاوضاع لنعود إلى وطننا الام، لكن لم تكتمل فرحتنا فعودتنا الى ديارنا قد تأخذ وقتا أطول وإلى الآن لا نعلم مصير مناطقنا ان كانت آمنة أم لا.
ويعزو حمو الأسباب التي تمنع هذه العودة إلى تردي الاوضاع المعيشية وعدم توفر فرص العمل إضافة إلى عدم الاستقرار الأمني في المناطق الكوردية والمخاوف من حدوث معارك بين فصائل المعارضة السورية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) المسيطرة على غربي كوردستان (شمالي وشرق سوريا).
استمرار التضييق في مناطق إدارة PYD
من جانبه يرى رئيس ممثلية المجلس الوطني الكوردي السوري في إقليم كوردستان، جدعان علي أن الكورد السوريين يرون أن مناطقهم لم يحصل فيها تغيير لأنها خاضعة “للإدارة الذاتية” التي يحكمها حزب الاتحاد الديمقراطي PYD .
ويؤكد علي أن الكورد السوريين لا يفكرون في العودة حاليا، فهناك تريث من هذه الخطوة، والناس متخوفة بنفس الوقت بالإضافة الى وجود مواجهات مسلحة في مناطقهم كما وان الإدارة الذاتية التي يحكمها حزب الاتحاد الديمقراطي مستمرة في التضييق على المواطنين واتخاذ سياسات التجنيد القسري للشباب.
ينهي جدعان علي حديثه بالقول ، إن استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية والخدمية والأمنية والمخاوف من مصير مجهول يواجه هذا البلد، كلها أسباب تجبر اللاجئين على البقاء لفترة أطول لحين استقرار تلك الأوضاع ومن ثم العودة إلى مناطقهم التي نزحوا منها.
من جانبها ، حكومة إقليم كوردستان، كانت قد شددت على احترام قرار الشعب السوري وارادته، معربةً عن أملها أن تكون سوريا المستقبل ديمقراطية ومستقرة تُصان فيها حقوق جميع الشعوب والمكونات.
وقالت حكومة الإقليم في بيان لقد أدى التغيير السريع وسقوط النظام الحاكم في سوريا إلى بداية حقبة جديدة.
وأضافت إننا إذ نحترم قرار الشعب السوري وإرادته، نأمل أن تكون سوريا المستقبل حرة، سلمية، ديمقراطية ومستقرة تُصان فيها حقوق جميع الشعوب والمكونات.