أزمة دولة آم أزمة سلطة

التاخي – ناهي العامري

استضاف منتدى بيتنا الثقافي استاذ العلوم السياسية الدكتور أياد عنبر، لتقديم محاضرة بعنوان (أزمة دولة آم أزمة سلطة).
تطرق عنبر في بداية محاضرته الى أزمة العراق المزمنة منذ تأسيس الدولة العراقية، وقال: هناك أزمة مركبة، ممتدة منذ عشرينات القرن الماضي، للحظة سقوط النظام السابق عام ٢٠٠٣، هي أزمة دولة بالاساس في الكثير من تفاصيلها، وما بعد ٢٠٠٣ تحولت الى أزمة سلطة أكثر من أزمة دولة، باعتبار النخب الحاكمة لا تمتلك مشروع حقيقي لادارة السلطة وخدمة الدولة، انما كان هناك مشروع استيلاء على السلطة فقط. كاشفا على المشكلة الاساسية، وهي تتمركز حول ادارة الاقتصاد الريعي، حيث أقدمت على شل الانتاج المحلي، من زراعة وصناعة، فتوقفت المعامل والمصانع والشركات الانتاجية، واعتمدت كليا على بيع النفط، فما يأتي من ريع من بيع النفط لصالح الطبقة الحاكمة، حيث استطاعت توظيفه لمركزة سلطتها، والتوغل على الدولة وفرض هيمنتها على المجتمع، حتى حولت المواطنين الى زبائن مرتبطة باحزابها وسلطتها.

واضاف عنبر : تلك الهيمنة حولت العراق الى دولة ضعيفة هشة ، من خلال تكوين نظام سياسي في الظاهر يتناول الديمقراطية والمساواة والعدالة والحرية، لكنها مجرد مفاهيم لا أساس لها في الواقع، في نفس الوقت برز مشروع نظام  سياسي طائفي محاصصي، حال دون استغلال ثروات العراق لازدهاره وتطويره، من خلال تعميق ظاهرة الفساد المالي، لذا لم يستطع العراق النهوض من جديد، منوهاً، لا يمكن الخروج من هذه الأزمة إلا اذا أدرك المواطن العراقي خطورة هذا المشروع السياسي المحاصصي، وتوحدت قواه الديموقراطية ومنظمات المجتمع المدني، بعيدا عن التمترس الطائفي، من أجل اعادة بناء نظام قائم على العدالة الاجتماعية والاقتصادية.

ثم تطرق الى دور الطبقة الوسطى في الخروج من الازمة، فهي قادرة على بث الوعي التنويري وقيادة الجماهير نحو الاصلاحات الاقتصادية، في تفعيل خطوط الانتاج المحلية من جديد، لاجل القضاء على البطالة وعدم الاعتماد على الريع النفطي، فهو ملك الاجيال وليس جيل معين، لكن مع الاسف الشديد ان هذه الطبقة تعرضت الى تدمير منظم منذ زمن العهد الملكي، ثم توج تدميرها في زمن النظام الدكتاتوري البائد، ونظرا للفوضى وشيوع الفساد وعدم الاستقرار الامني، فقد انقسمت بعد السقوط عام ٢٠٠٣، الى ثلاث فئات:

١- فئة تبنت طروحات الاسلام السياسي واصبحت سلاحا بيد القوى المهيمنة على السلطة.

٢-فئة تبنت الليبرالية واصبحت جزءا من مشروع اعادة هيكلة الاقتصاد العراقي على اساس اقتصاد السوق والخصخصة.

٣- الفئة الاقل وهي التي حافظت على دورها التنويري، وتعاني حاليا من التهميش والأهمال.

وعلى أثر ذلك يمكن القول ان المتضررين من المشروع الحالي هم الفئة الاوسع في المجتمع العراقي، من عمال وفلاحين ومنظمات المجتمع المدني، وهؤلاء لو ارتفع وعيهم لدرجة التوحد لاستطاعوا تشكيل كتلة كفيلة بالاصلاح السياسي والاقتصادي، وخلق مشروع سياسي يملك أفق للتغيير واعادة الاعتبار للدولة، فالنظام الديمقراطي يبقى هش اذا لم يكن هناك طبقة وسطى فاعلة وقادرة على ان تقود المجتمع لابتعادها عن العناوين من قبل قوى السلطة.

قد يعجبك ايضا