التأخي / علاء كاطع
رسمت الحكومة المصرية ملامح أداء وسائل الإعلام المختلفة مع تعيين رؤساء جدد للهيئات الصحفية والإعلامية، وأبدت انفتاحا مع وضع مجموعة من الشروط تتمثل في أن تكون الانتقادات موضوعية ووضع حلول للمشكلات التي تواجهها، ما عبر عن رغبتها في منح الإعلام المحلي جزءا من الحركة، لكن دون أن يتغير المناخ العام الذي يساعد على أداء مهام الإعلام بشكل إيجابي في ظل تجميد تمرير قانون حرية تداول المعلومات الذي من شأنه تسهيل انسيابها .
وأكد رئيس الحكومة المصري خلال لقائه رؤساء الهيئات الصحفية والإعلامية الجدد (المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، الهيئة الوطنية للإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة)، تقبل الحكومة لأي انتقادات توجه لها من مختلف وسائل الإعلام
واعترف بوقوع الحكومة في بعض الأخطاء وأن هدفه التحسين المستمر في مسارات عملها، مؤكدا أهمية فتح الباب أمام الاستماع لمختلف الآراء، كما تطرق إلى مطالب العديد من خبراء الإعلام بضرورة “وضع إستراتيجية متكاملة للإعلام المصري بأهداف محددة تتشارك مختلف الهيئات وجهات الدولة في تحقيقها.” وأدى أعضاء الهيئات الإعلامية اليمين الدستورية أمام البرلمان المصري بعد أن صادق الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على تغيير الهيئات الثلاث التي تتولى الإشراف على الإعلام الحكومي .
وتم تعيين خالد عبدالعزيز في منصب رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ويتولى إدارة وتنظيم عمل مختلف وسائل الإعلام داخل مصر، وأحمد المسلماني رئيسا للهيئة الوطنية للإعلام، وهي الجهة المسؤولة عن إدارة التلفزيون الحكومي، وبقي عبدالصادق الشوربجي في منصبه رئيسا لهيئة الصحافة وتشرف على إدارات الصحف القومية .
ويتفق خبراء الإعلام على أن الحكومة المصرية بحاجة إلى تطوير أداء وسائل الإعلام لكنها في الوقت ذاته تخشى من فتح الباب على مصراعيه أمام ترك حرية الحركة نحو تقديم محتويات يمكن أن تضعها أمام المزيد من الانتقادات وتسعى لتحسين صورتها أمام المواطنين الذين يرون أنها سبب في تراجع أوضاعهم المعيشية. وفي المقابل فإن استمرار وسائل الإعلام في الاعتماد على حشد الرأي العام نحو إنجازات الحكومة بلا رصد السلبيات يقود إلى الإجهاز على ما تبقى من ثقة في ما تقدمه من محتوى .
وبدت طريقة اختيار رؤساء الهيئات الإعلامية الجديدة وما صدر من تصريحات على لسان رئيس الحكومة أن التردد في منح الإعلام هامش حرية أكبر ما زال سائدا، وقد يرجع ذلك إلى عدم ثقة دوائر حكومية في النتائج المترتبة على ذلك، أو لأنها ارتاحت من صداع كانت تسببه وسائل الإعلام لحكومات سابقة قبل تضييق المساحات على حركتها، خاصة أن الجزء الأكبر من وسائل الإعلام مملوك لجهات حكومية وغاب الإعلام الخاص والمعارض بشكل شبه تام الفترة الماضية .
وقال أستاذ الإعلام السياسي بجامعة القاهرة صفوت العالم إن تعيين الهيئات الجديدة يأتي في مرحلة مهمة تشهد فيها البلاد تحديات جمة ويتطلب ذلك تحفيزها على الانطلاق من موقعها الحالي إلى المزيد من الممارسات الإيجابية التي يمكن أن تسد الفراغ القائم مع هجرة الجمهور لوسائل الإعلام التقليدية، وأن كسب ثقة المواطنين بحاجة إلى قرارات جريئة كي يقدم الإعلام ما يقنعهم بوجود تغيير في السياسة التحريرية .
وأوضح أن تطوير الأداء الإعلامي مطلوب بشدة الفترة المقبلة لمواجهة تطور الإعلام العربي والدولي، وتحتاج وسائل الإعلام في مصر إلى تقديم محتويات موضوعية لا تقوم على توجيه النقد المستمر الذي يساعد في تأجيج المواطنين، لكن في الوقت ذاته لا بد من تسليط الضوء على السلبيات وتفنيدها .