ارهاصات بيئية .. من أجل تطوير البيئة الزراعية

 

صادق الازرقي

يواصل العراق سياسة استيراد المنتجات الزراعية من دول العالم لاسيما دول الجوار، وهو يلجأ الى تلك السياسة تجنبا لارتفاع اسعار المنتجات الزراعية بسبب العجز عن تطوير الزراعة برغم كون بيئة العراق زراعية في الاساس، وتتوفر لديه جميع متطلبات الانتاج والتطوير على صعيد العمل الزراعي.

وبحقيقة ان تغير المناخ له تأثير كبير على توفير الغذاء لسكان العالم، فان على العراق ان يأخذ بهذه النتيجة لتطوير انتاجه الزراعي، بإقامة مشاريع التنمية المستدامة في الزراعة، وهذه المشاريع تتوفر لها الاسس المطلوبة ولكن ينقصها العمل الجاد لتحقيقها.

 ويمكن تلخيص التأثيرات الرئيسة للتغيرات المناخية على العمل الزراعي بعدة صور، اذ تؤدي إلى تقليل إنتاجية المحاصيل الحساسة للحرارة مثل القمح والأرز والذرة، كما ان زيادة الجفاف أو الفيضانات تؤثر على الزراعة في المناطق المعتمدة على الأمطار، وان درجات الحرارة المرتفعة والرطوبة توفر بيئة مواتية لانتشار الآفات والأمراض النباتية، كما يؤثر نقص المياه العذبة على الري، مما يقلل من إنتاجية المحاصيل.

وفضلا عن ذلك فان ذوبان الأنهار الجليدية وتغير تدفق الأنهار يؤثر على المزارع في المناطق المعتمدة على المياه الجليدية؛ وتؤدي الحرارة المرتفعة إلى تقليل إنتاجية الحيوانات بسبب الإجهاد الحراري، وزيادة انتشار الأمراض الحيوانية.

وتؤثر ظاهرة تزايد حمضية المحيطات وارتفاع درجات حرارة المياه على صحة الأسماك والشعاب المرجانية، مما يهدد الأمن الغذائي للمجتمعات الساحلية.

كما تؤدي التقلبات المناخية إلى عدم استقرار الإنتاج الزراعي، ما يتسبب في تذبذب أسعار الغذاء وزيادة عدم القدرة على تحمل التكاليف، وكذلك فان زيادة الملوحة، وتآكل التربة، والتصحر تؤدي إلى انخفاض مساحة الأراضي الصالحة للزراعة.

وفيما يتعلق بالدول النامية والمجتمعات الفقيرة فانها تكون أكثر عرضة للتأثر، بسبب اعتمادها الكبير على الزراعة التقليدية وقلة الموارد للتكيف مع التغير المناخي.

واثبتت التجارب ان الابتكار الزراعي، مثل تطوير محاصيل مقاومة للجفاف والحرارة، يمكن أن يساعد في تقليل التأثيرات، وان التحول إلى نظم غذائية مستدامة واستغلال الموارد بشكل أكثر كفاءة يمكن أن يسهم في تحسين الأمن الغذائي.

وبرغم ان مواجهة هذه التحديات، تتطلب جهودا عالمية متكاملة تشمل تقليل انبعاثات الكربون، وتطوير تقنيات زراعية مستدامة، وتعزيز التعاون الدولي؛ فان العلاج يتوقف على السياسة السليمة التي يتوجب على أي بلد ان يتخذها، لغرض تحديث بنيته الزراعية المطلوبة لتعزيز الزراعة المحلية والعمل على سد الحاجة المحلية.

وبهذا الشأن فان على الحكومة العراقية لاسيما الجهات المختصة بالشأن الزراعي التماهي مع عملية التغير المناخي، واتخاذ الاجراءات المطلوبة لتعزيز الانتاج الزراعي وزيادة انتاج الارض، وذلك يتطلب جملة من الاجراءات منها تنظيم عمليات الري بالتعاون مع دول الجوار التي تنبع منها المياه ويشمل ذلك تركيا وإيران.

 وكذلك من الضروري استعمال الطرق العلمية الحديثة في الري والتسميد والحصاد والتسويق، وكذلك يتطلب الامر انشاء المدن الزراعية الصناعية وتوفير حاجاتها الخدمية لتشجيع الناس على الانتقال اليها والسكن فيها، وكذلك تشمل الاجراءات تنظيم عملية التسويق الداخلي ورفدها بأحدث الطرق العلمية غير المضرة بالبيئة؛ تدعم كل ذلك عملية مراقبة الحدود وتنظيم الجمارك، وعملية الاستيراد بما يؤمن عدم منافستها للسوق المحلي وبالنتيجة ادامة الانتاج الزراعي المحلي.    

قد يعجبك ايضا