صادق الازرقي
تسارع الدول الى استغلال المزايا الايجابية للتطور التقني والرقمي وتوظيفه في بناء مجتمعاتها لاسيما في المجالات الاقتصادية، ولا تشذ عن ذلك دول في الشرق الاوسط ومنها حكومات عربية، لما لذلك من تأثير كبير على شؤون بلدانها ومعيشة سكانها، بربط التقنيات المستحدثة في العلم بإداراتها حفاظا على تطورها الاقتصادي، في ظل تقنيات متطورة تخدم البيئة النظيفة المستدامة وتؤثر بالنتيجة على صحة ورفاه السكان.
وفي العراق نحن أحوج ما نكون لاستغلال ميزات التكنلوجيا المتقدمة باضطراد، لغرض الارتقاء بالعمليات الاقتصادية المتنوعة في البلد وزيادة الانتاجية، وصولا الى الاكتفاء الذاتي للسكان؛ انطلاقا من كون العراق هو في الاساس بلد زراعي، وقد ادت ظروف الحروب والمشكلات البيئية الى النأي عن طبيعته الاساسية وهجر الزراعة وهجرة الفلاحين الى المدن، برغم توفر الامكانات الهائلة لإنشاء بلد زراعي منتج ومصدر وتعزيز الثروات التي ترفد الثروة النفطية وتؤمن قاعدة زراعية صناعية؛ فليس من المعقول ان تلجأ بلدان صحراوية لا يتوافر فيها الماء الى تطوير زراعتها بأحدث المنجزات العلمية في حين نتخلف نحن.
ان استعمال الذكاء الصناعي في الزراعة يوفر مجموعة من المزايا التي تسهم في تحسين الإنتاجية وتقليل التكاليف وتعزيز الاستدامة.
اذ انه يسهم في زيادة الإنتاجية، فبوساطة استعمال أنظمة التنبؤ لمراقبة الطقس والظروف البيئية فان ذلك يساعد المزارعين على اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن وقت الزراعة والحصاد.
وان “الروبوتات” الزراعية تسهم في أتمتة المهام مثل الزراعة، الري، مكافحة الأدغال، مما يقلل من الجهد البشري ويزيد من الكفاءة، كما ان تقنيات مثل الرؤية الحاسوبية لتحليل صحة التربة والمحاصيل تمكن المزارعين من استعمال الأسمدة والمياه بشكل أكثر كفاءة.
وفضلا عن ذلك فان أنظمة الري الذكية، التي تعتمد على الذكاء الصناعي، تتيح تحديد الكميات المناسبة من المياه لكل منطقة زراعية وان أتمتة العمليات الزراعية تقلل من الحاجة إلى العمالة البشرية المكلفة وبالنتيجة تقليل تكاليف العمليات الزراعية.
كما يجري بوساطة التقنيات الحديثة، التنبؤ بالآفات والأمراض فيساعد ذلك على تقليل الخسائر وبالنتيجة ايضا تقليل تكاليف الإنتاج.
ان أجهزة إنترنت الأشياء المدمجة مع تقنيات الذكاء الصناعي توفر بيانات دقيقة عن الظروف البيئية مثل الرطوبة، الحرارة، ومستوى النيتروجين في التربة، وان تحليل البيانات الواسعة يمكّن المزارعين من تحسين استراتيجياتهم بناء على المعرفة المكتسبة من البيانات السابقة.
وكذلك فان تقنيات إدارة المحاصيل الدقيقة تقلل من الهدر وتضمن الاستغلال الأمثل للأراضي الزراعية، كما يمكن تطبيق الذكاء الصناعي في مراقبة سلسلة التوريد اذ يساعد ذلك على تقليل الفقد من المنتجات الزراعية.
كما تجري عملية التنبؤ بالمخاطر الزراعية، بتحليل البيانات التاريخية للتنبؤ مثل الجفاف أو الفيضانات أو انتشار الآفات، مما يساعد في تقليل الخسائر، وكذلك فان الزراعة العمودية والزراعة المائية يمكن تحسينها باستعمال الذكاء الصناعي لإدارة الإضاءة والمغذيات بشكل دقيق.
ومن الأمثلة على استعمال التقنيات الحديثة وبضمنها الذكاء الاصطناعي في العمليات الزراعية الطائرات من دون طيار، تستعمل لرصد الأراضي الزراعية ورش المبيدات والأسمدة، وكذلك ما يسمى بنماذج التعلم العميق (Deep Learning) لتحديد الأمراض في النباتات بناء على صور أوراقها.