التآخي ـ وكالات
اضطر فارون من نار الصراع بين حزب الله وإسرائيل إلى سوريا، إلى مغادرتها والعودة للبنان تحت ضغط سوء الأحوال في سوريا.
وفرّ نحو 560 ألف شخص إلى سوريا من لبنان منذ أواخر أيلول 2024، بحسب تقديرات مفوضية شؤون اللاجئين.
وأعربت الأمم المتحدة في يوم 22 تشرين الثاني 2024 عن قلقها إزاء الظروف المزرية في سوريا لدرجة أن بعض اللبنانيين الذين فروا إليها بحثاً عن ملاذ آمن من الحرب بين إسرائيل وحزب الله اختاروا العودة إلى لبنان.
وقال غونزالو فارغاس يوسا ممثل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في سوريا إن هناك “أسراً لبنانية بصدد اتخاذ قرار صعب للغاية وربما يهدد حياتها بالعودة إلى لبنان”. وقال للصحفيين في جنيف عبر رابط فيديو من الحدود السورية اللبنانية “هذه أعداد صغيرة، ولكن بالنسبة لنا فإن حتى الأعداد الصغيرة تعد مؤشرات مقلقة”.
وتقدر المفوضية العليا لشؤون اللاجئين أن نحو 560 ألف شخص فروا إلى سوريا من لبنان المجاور منذ أواخر أيلول، عندما تصاعدت عمليات القصف والمعارك الحدودية بعد نحو عام من تبادل إطلاق النار عبر الحدود بين إسرائيل وحزب الله إثر الحرب في غزة؛ فيما تقدر السلطات اللبنانية أن العدد تجاوز 610 آلاف شخص.
وقال فارغاس يوسا إن نحو 65% من الذين يعبرون الحدود إلى سوريا، التي مزقتها 13 عاماً من الحرب الأهلية، هم مواطنون سوريون لجأوا إلى لبنان هرباً من تلك الحرب. وأشار الى أنه منذ عام 2017 وحتى 23 ايلول هذا العام، عاد نحو 400 ألف سوري إلى بلادهم من لبنان.
وقال “لقد رصدنا العدد نفسه تقريباً… خلال فترة تراوح بين سبعة وثمانية أسابيع”، مضيفاً أن نحو 150 ألف لبناني وصلوا أيضاً إلى سوريا في تلك المدة. وأشاد بما أظهرته المجتمعات السورية تجاه الوافدين من كرم “مثالي” و”استثنائي” برغم “تدمير بنيتها التحتية واقتصادها”. لكنه حذر من أنه نظراً “للوضع الاقتصادي الكارثي في سوريا … إلى جانب نقص التمويل الشديد للاستجابة الإنسانية، فمن غير الواضح إلى متى يستمر هذا الكرم”.
وقال فارغاس يوسا إن علامات مقلقة بدأت تظهر بالفعل، مشيراً إلى أعداد صغيرة من الناس الذين اختاروا العودة إلى لبنان برغم المخاطر، برغم إن “الأعداد التي نلاحظها على الحدود صغيرة، ربما بمعدل 50 شخصاً يومياً”، مضيفاً أنهم يغادرون لأنهم يشعرون “بأن الظروف في سوريا مروِّعة، وأنهم قد يكونون أفضل حالاً في لبنان، برغم القصف”.
وقال إنهم بعودتهم إلى لبنان قد يجدون أنظمة دعم أفضل، وسهولة أكبر في الوصول إلى الخدمات، بل وحتى القدرة على جني قليل من الدخل.
وفي حين أن الأعداد ما زالت قليلة، حذر فارغاس يوسا من أنه “ما لم يكن هناك تمويل حقيقي من الدعم الدولي… فإن هذا العدد من اللبنانيين الذين يختارون العودة إلى ديارهم في ظل هذه الظروف الصعبة للغاية قد يزداد في الأسابيع والأشهر المقبلة … وسيكون هذا مقلقاً للغاية”.
وتابع فارغاس يوسا إن هناك حتى بعض السوريين الذين اختاروا العودة مرة أخرى إلى لبنان، “وذلك في المقام الأول بسبب الظروف الاقتصادية المزرية للغاية هنا في سوريا”.
وفي الوقت نفسه، قال إن هناك “انخفاضاً كبيراً في وتيرة وصول اللاجئين” إلى سوريا مؤخراً، من ذروة راوحت بين 10 آلاف و15 ألف لاجئ يومياً إلى متوسط يبلغ الآن نحو 2000 لاجئ. وأوضح أن هذا الانخفاض مرتبط على الأرجح بالقصف الإسرائيلي المتكرر للمعابر الحدودية. وقال إن “السوريين واللبنانيين خائفون للغاية من استعمال طرق الهرب هذه”، داعياً الجيش الإسرائيلي إلى “وقف هذه الهجمات غير المقبولة على الفور”.
وكان اللبنانيون قد بدأوا نزوحا الى خارج بلادهم لاسيما الى سوريا والعراق مع استمرار تصاعد الهجمات الاسرائيلية على لبنان؛ وكشف وزير المهجرين اللبناني عصام شرف الدين، عن انه حتى يوم 23 تشرين الأول 2024، نزح أكثر من مليون ونصف المليون مواطن من مناطق سكناهم إلى مناطق أخرى في داخل وخارج لبنان، بعد اندلاع الحرب مع اسرائيل فيما أشار إلى أن العراق وسوريا كانا من أكثر الدول استقبالات للنازحين.
واوضح شرف الدين إن” هناك مهجرين من لبنان إلى دول اوربية وافريقية وعربية، وأغلب النزوح كان الى سوريا والعراق”.
وبين، إن الجيش الاسرائيلي “بدأ يقصف الأبنية الخاصة بالمدنيين ما أدى الى نزوح وهجرة مواطنينا بشكل كبير”، فيما اشار الى ان “العراق ابلغ لبنان بان ابوابه مفتوحة للبنانيين لاستضافتهم”، ورأى ان “هذا الموقف يعد تقديرًا كبيرًا من الحكومة العراقية الى الحكومة اللبنانية سيما توجيهات رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ووزير الخارجية العراقي ووزيرة الهجرة وسط دعم كبير لمواطنينا”.
وأشار وزير الهجرة والمهجرين اللبناني إلى، أن” العراق قدم دعمًا الى مهجرينا من ناحية الصحة والتعليم والايواء وهذا كرم كبير من العراق”.
وأوضح شرف الدين، ان” سكوت المجتمع الدولي والعربي كان كبيرًا تجاه القصف الكبير وهذا الامر لا يتم السكوت عليه وسط صمت المحكمة الجنائية على ما يجري بلبنان”.
واختتم وزير المهجرين اللبناني حديثه بالقول، اننا” لن ننكسر والنصر حليفنا وتم البدء بإعداد قوائم للأضرار التي لحقت بمنازل المواطنين لكي نمضي بإعمارها بإرادتنا فهي صلبة ولن ننكسر”، بحسب تعبيره.
وكانت مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة قد ذكرت في اوائل ايام النزوح اللبناني، أنها تقوم بمتابعة أوضاع النازحين اللبنانيين الذي يتوافدون على العراق، مشيرة الى ان عددهم وصل إلى أكثر من 16 ألف شخص، وقد بدأ يتوافد أيضا سوريون نزحوا من لبنان.
وأوضحت المفوضية في تقرير لها؛ انها على علم بوصول 16,727 لبنانيا الى العراق مع بداية تصاعد الاعمال العدائية في لبنان عبر نقاط مختلفة بما في ذلك معبر القائم الحدودي (9,552) ومطارات بغداد (6,248) والنجف (927).
ولفت التقرير الى انه في غضون اسبوع، بلغ عدد اللبنانيين الآتين عبر القائم بمعدل 375 شخصا يوميا، مضيفا أنه في 18 تشرين الأول، كان هناك 54 وافدا عبر مطار النجف و250 عبر مطار بغداد.
وقال التقرير؛ إنه فيما تواصل المفوضية متابعة اللبنانيين الذين يعبرون من سوريا الى العراق بعد فرارهم من “الأعمال العدائية” في لبنان، فإنها بدأت ايضا بمراقبة اعداد من السوريين وغيرهم من القادمين من لبنان الى العراق ويقومون بالتواصل مع المفوضية.
وبحسب التقرير، فقد جرت استضافة 43% من الوافدين اللبنانيين الجدد في النجف وكربلاء، فيما يتوزع الباقون في شتى المحافظات في وسط وجنوب العراق، بما في ذلك بابل ونينوى.
وبحسب إحصاءات المفوضية، فإن 62% من الوافدين اللبنانيين هم من النساء والأطفال، كما أن نحو 50% من العائلات الوافدة، تتولى مسؤوليتها نساء.
وذكر التقرير أن الحافلات التي تنقل اللبنانيين الى العراق، التي نظمتها وزارة النقل وجهات خاصة، قامت في غضون اسبوع بنقل الوافدين الجدد الى بابل بدلا من النجف وكربلاء حيث تشير التقارير إلى أن مرافق الإقامة قد وصلت إلى طاقتها القصوى في هاتين المدينتين.
وتابع التقرير أنه بناء على أوامر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في 7 تشرين الأول، فان المواطنين اللبنانيين الآتين الى العراق يجب ان تجري تسميتهم “ضيوف العراق”، وليسوا “نازحين”، كما أن وزارة التعليم طلبت استقبال التلاميذ والطلاب اللبنانيين في صفوفها حتى لا يضيع العام الدراسي عليهم.
وقال التقرير انه ردا على الشائعات بان العراق يعتزم تقديم رواتب للوافدين اللبنانيين، فإن مستشارا لرئيس الحكومة نفى ذلك، لكنه أكد أن الحكومة ملتزمة بتقديم الدعم الإنساني والإسكان للبنانيين.
من جهة اخرى، وبرغم عمليات النزوح بسبب الاعمال العسكرية، فقد أكدت “إدارة الجمارك” في حكومة النظام في سوريا، استمرار حالات التهريب من لبنان إلى سوريا على الوتيرة نفسها، برغم التصعيد الإسرائيلي والقصف المستمر على المناطق اللبنانية، مشيرة إلى أن عمليات التهريب صارت تعتمد بشكل أكبر على الدراجات النارية و”الدواب”.
جاء ذلك بعد تداول أحاديث عن انخفاض معدلات التهريب في المدة الماضية من جراء القصف الإسرائيلي المتصاعد والمتكرر على المناطق الحدودية بين سوريا ولبنان.
مصدر في “الجمارك” صرّح لصحيفة “الوطن” السورية المقربة من الحكومة، قائلاً “لا يتواجد انخفاض في معدلات التهريب بقدر ما هو تحول في طرق التهريب، اذ توقف التهريب عبر المركبات والشاحنات الكبيرة تجاه ارتفاع وتيرة التهريب عبر الدراجات النارية، وحملاً (على الكتف) واستغلال الدواب (الحيوانات) المدربة على نقل المهربات. وتسجّل المفارز الجمركية حالات وقضايا تهريب قادمة من الأراضي اللبنانية”.