نهاد الحديثي
اعلن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر انه وجّه رسالة إلى مجلس الأمن الدولي يحضّه فيها على الضغط على الحكومة العراقية لوضع حدّ لهجمات تشنّها على الدولة العبرية “ميليشيات موالية لإيران , وأكّد ساعر في رسالته أنّ “لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، على النحو المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة، واتخاذ كل التدابير اللازمة لحماية نفسها ومواطنيها من الأعمال العدائية للميليشيات المدعومة من إيران في العراق, وقال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني،، إن الرسالة التي أرسلتها إسرائيل إلى مجلس الأمن الدولي تمثل «ذريعة وحجّة للاعتداء على العراق»، مشدداً على رفض بلاده لهذه التهديدات,, وتحقيقاً لمساعي الكيان المستمرة نحو توسعة الحرب في المنطقة, واضاف ان قرار الحرب والسلم هو قرار بيد الدولة العراقية، وغير مسموح لأي طرف بأن يصادر هذا الحق,,
أكد نائب رئيس مجلس الوزراء العراقي، وزير الخارجية فؤاد حسين،، أن هنالك تهديدات واضحة للعراق من قبل الكيان الصهيوني، مشدداً على أن الحكومة لا تريد الحرب وسياستها تركز على إبعادها عن البلاد, وقال في كلمته خلال أعمال المنتدى الخامس للسلام والأمن في الشرق الأوسط (ميبس 2024) الذي اقامته الجامعة الأمريكية في دهوك إن «المنطقة تحت النار والعراق جزء من المنطقة ونحن قلقون على الوضع» لافتا إلى أن «هناك تهديدات واضحة من قبل الكيان الصهيوني», وأضاف، أن «رسائل الكيان الصهيوني التهديدية للعراق وصلتنا بواسطة أطراف ولم نجب عليها» مشددا على أن «القانون العراقي يمنع أي حالة تطبيع مع الكيان الصهيوني ولا نتواصل مع تل أبيب.
وتابع، أن «العراق يلعب دوراً مهماً في المنطقة ولا يريد حرباً وهو ليس جزءاً منها» لافتا إلى أن «التهديدات قد تؤدي إلى حرب شاملة في المنطقة ونعتقد أن رقعة الحرب سوف تتوسع في المنطقة,, وأكد، أن «الدولة العراقية تتعامل مع من يكون في البيت الأبيض». وتوقع سياسة مختلفة لترامب عن رئاسته السابقة» لافتا إلى أن «العراق لديه علاقات قوية مع الصين وأمريكا وتجارة العراق مع الصين تصل إلى أكثر من 50 مليار دولار سنويا,, واستطرد قائلا: «نتعامل الآن مع جو الحرب في المنطقة والتهديدات الصهيونية جدية وواضحة وملموسة على العراق» مبينا أن «التهديد الداعشي كما كان ليس موجوداً ونتخوف من عودته بسبب الفوضى بالمنطقة», وشدّد على أنَّ العراقَ “لا يُريدُ الحربَ، ويسعى لإبعادِ خطرِها”، وفقًا لوكالةِ الأنباءِ الرسمية.
وكان التقريرُ الإسرائيليُّ إلى مجلسِ الأمنِ قد ضمَّ أسماءَ 6 تشكيلاتٍ عسكريةٍ عراقيةٍ, ورأى هوشيارُ زيباري، وزيرُ الخارجيةِ الأسبق، في منتدى دهوك، أنَّ التهديداتِ التي أطلقتها إسرائيلُ ضدَّ العراقِ “كانت متوقعةً نظرًا لمواقفِ أطرافٍ سياسيةٍ وفصائلَ عراقيةٍ من الحربِ القائمةِ في المنطقة”
والمعروف ان الفصائل المسلحة لديها قناعة أن معركتها الحالية معركة مصير، وهي بالتالي تتجاهل كل الدعوات المحلية ودعوات الحكومة لعدم الاشتراك في الحرب والتصعيد ضد إسرائيل , وترجح المصادران الفصائل تشن هجماتها الصاروخية من خارج الأراضي العراقية، ما يجعلها تتماهى مع الدعوات المحلية بعدم استخدام العراق منطلقاً للمواجهة مع إسرائيل,,ورغم أن قالت الحكومة العراقية مراراً وتكراراً إنها ضد استخدام أراضيها لضرب دول الجوار، أو في أي أعمال عدوانية ضد الدول الأخرى، كما تؤكد الأنباء الصادرة عن كواليس الحكومة وزعماء الأحزاب السياسية، تحركاتٍ عاجلة وسريعة منذ أسابيع تجريها شخصيات سياسية مقربة من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني؛ لإقناع جماعات الفصائل بعدم التصعيد ضد إسرائيل؛ للحيلولة دون تعرض العراق إلى ضربة إسرائيلية محتملة,الا ان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يعرف أن إسرائيل ستوجه ضربات إلى العراق ردا على استمرار الميليشيات في إطلاق صواريخ ومسيّرات باتجاهها، لكن طريقة الرد ليست معروفة، وهل أن حكومة بنيامين نتنياهو ستستهدف قادة الميليشيات ومخازن أسلحتها أو ستوجه ضربات انتقامية ضد العراق.
في حين تستمرّ الفصائلُ في تطوير “مسيراتٍ” وتوجيه ضرباتٍ إلى إسرائيل، بحسب بياناتٍ تصدرُ عن تلك المجاميع,, وجّهت وزارةُ الخارجيةِ العراقية رسائلَ إلى العالم ردًا على تلك التهديدات التي يُتوقّعُ بأنها باتت قريبة, كما اشارت مصادر سياسية قريبة من “الإطار التنسيقي” إن “رئيسَ الحكومةِ محمد شياع السوداني وعدَ التحالفَ الشيعي بوقفِ الهجماتِ وحمايةِ البلاد, وتشير المصادر ان السوداني يقابل الخطر الداهم بتوجيه الاتهامات إلى إسرائيل متغاضيا عن تحميل الميليشيات مسؤولية جر العراق إلى حرب لا مصلحة له فيها، وغير قادر على مواجهة تداعياتها الاقتصادية والإنسانية خاصة إذا نفذت إسرائيل هجمات قوية على أهداف مدنية بتدمير أحياء سكنية أو بلدات بأكملها لمجرد تخزين الأسلحة فيها كما يحدث في غزة ولبنان أو ضربت منشآت النفط
والكهرباء كما هو الشأن في اليمن,, وترى الأوساط السياسية العراقية إن السوداني فشل في النأي بالعراق عن إيران والميليشيات الحليفة لها، وبان بالكاشف أنه لا يقدر على ذلك بالرغم من تعهداته المعلنة بتحييد العراق عن الحرب، وإن سلبية رئيس الوزراء تعطي شرعية لأي هجوم إسرائيلي خاصة بعد الشكوى أمام مجلس الأمن , وترى أوساط سياسية عراقية أن الشكوى التي وجهتها إسرائيل إلى مجلس الأمن ضد الميليشيات العراقية ليست أكثر من تمهيد لهجمات إسرائيلية وشيكة على العراق بقطع النظر عن قرار المجلس أو موقف بغداد من الشكوى,, وتضيف المصادر ان اسرائيل تملك ما يكفي من المبررات لتنفيذ هجماتها على مواقع الميليشيات. وقبل أيام ذكرت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” أن تل أبيب حددت أهدافا لضربها في العراق ومنها استهداف لقادة المليشيات وسلاحهم, وتشير تقارير استخبارية إن الأقمار الاصطناعية راقبت عمل طهران على نقل صواريخ بالستية ومعدات ذات صلة من إيران إلى الأراضي العراقية، مع الهدف المفترض لاستخدامها في هجوم وشيك ومتوقع على إسرائيل
وتشير مصادران حكومة السوداني لم ولم تبذل ما يكفي من الجهد لتنبيه الميليشيات إلى خطر التصعيد مع إسرائيل، مع معرفتها بأن الأمر يختلف عن الاشتباك مع الولايات المتحدة التي كان تعاملها مع الميليشيات متسما بالليونة. لكن إسرائيل لا تقيم وزنا للتوازنات الخاصة بأي جهة، سواء أكانت عراقية أم إقليمية، وإذا ردت فإن ردها سيكون شاملا وقويا، ولا شيء يمنعها من أن تعتبر العراق هدفا لضرباتها, واكتفت حكومة السوداني بتوجيه تحذيرات عامة بشأن تحييد العراق من دون اتخاذ خطوات عملية لمنع إطلاق الصواريخ والمسيرات، فهل أن الأمر يتجاوزها، وأن الميليشيات أكبر من الحكومة وتتلقى أوامر من طهران مباشرة، وهو ما يمكن أن يفسر توجيه اللوم إلى إسرائيل بخصوص موضوع الشكوى المقدمة إلى مجلس الأمن, ويعرف السوداني أن إسرائيل تعمل على تفكيك المجموعات المسلحة المعادية لها، وكما فعلت مع حماس وحزب الله ستوسع نشاطها إلى ضرب الحوثيين بتكثيف أكبر وأكثر فاعلية بهدف تصفية القادة العسكريين والسياسيين، ثم إلى العراق لملاحقة زعماء الميليشيات ومواقع نفوذها وشبكات تهريب الأسلحة عبر سوريا إلى حزب الله
وتشيرُ التسريباتٌ إلى أن جهاتٍ أمريكيةً حذّرت الحكومةَ العراقيةَ بأنها “لن تتمكنَ من إيقافِ إسرائيل بسببِ استمرارِ هجماتِ الفصائل,, وخلافًا للجهودِ السياسيةِ، تسرّبت وثيقةٌ عن إصدارِ قائدِ جهازِ مكافحةِ الإرهاب توجيهاتٍ بإعدادِ قوةٍ مجهّزةٍ تضمُّ مقاتلينَ وعجلاتٍ وأسلحةً وعتادًا، على أن تكونَ في حالةِ استعدادٍ دائمٍ لأيّ طارئ,, وأشارت الوثيقةُ إلى ضرورةِ توفيرِ الأرزاقِ والمياهِ بكمياتٍ تكفي لمدةِ شهرٍ لضمانِ جاهزيةِ هذه القوةِ للعملِ في المناطقِ النائيةِ دون عوائقَ لوجستية,,وتُبرز الوثيقةُ أهميةَ الجهدِ الاستخباريِّ لرصدِ ومنعِ أيّة محاولاتٍ لإطلاقِ صواريخَ أو طائراتٍ مسيّرةٍ تستهدفُ مستشاري التحالفِ الدولي,
المأزق الذي يعاني منه العراق اليوم ليس مجرد نتيجة للتدخلات الخارجية أو التحديات الإقليمية، بل هو نتاج فشل داخلي في استيعاب التنوع وإدارة الخلافات بشكل بناء, العراق يقف اليوم عند مفترق طرق. فهل يختار الانجرار وراء صراعات داخلية وإقليمية تزيد من تآكله أم يسعى لاستعادة مكانته كدولة مستقلة ذات سيادة تُصان فيها الحقوق وحماية المصالح العليا للانتماء الوطني للعراق اولا واخيرا.