أربيل – التآخي
أكد رئيس حكومة إقليم كوردستان، مسرور بارزاني، يوم السبت ، أن الخسائر الناجمة عن إيقاف صادرات نفط الإقليم تبلغ مليار دولار شهرياً؛ أي ما مجموعه 20 مليار دولار حتى الآن وهذا أضر بالبلاد بأكملها، فيما عبّر في سياق آخر عن الرغبة بعدم انخراط العراق في حروب المنطقة بل أن يؤدي دوراً بنّاءً في تحقيق السلام والتقريب بين الأطراف المتصارعة وأن تضع الحكومة الاتحادية مصلحة شعبها كأولوية وفوق جميع الاعتبارات.
جاء ذلك خلال مشاركة مسرور بارزاني في ندوة حوارية ضمن فعاليات اليوم الثاني من منتدى الأمن والسلام في الشرق الأوسط بمحافظة دهوك.
وقال مسرور بارزاني إن القرارات الصادرة في أمريكا تؤثرعلى العالم أجمع ومنها إقليم كوردستان، وقد كانت لدينا تجربة مع إدارة ترامب السابقة ونأمل بإقامة علاقات أمريكية جيدة مع العراق والإقليم حيث يمثل الإقليم شريكاً موثوقاً في الحرب على الإرهاب وعامل استقرار في المنطقة.
وعبّر عن أمله في إرساء السلام كحل للصراعات بالتشاور مع الأطراف المعنية وبما يصب في مصلحة الشعوب التي تعاني من ويلات الحروب، ونؤمن بأن السلم هو الحل الأنجح بدلاً من الحروب.
وأكد على الشعور بالقلق حيث لا نريد أن يتورط العراق في الانخراط بالحروب بل أداء دور بنّاء في إرساء السلام والتقريب بين الاطراف المتصارعة فهذا لا يصب في مصلحة الشعب العراقي، ولا بد من أن تضع الحكومة العراقية مصلحة المواطنين كأولوية”، مشدداً على “دعم أي مبادرة أو خطوة باتجاه تحقيق السلام.
وحول وجود القوات الأمريكية في العراق، قال مسرور بارزاني إن هذه القوات موجودة بناء على طلب الحكومة الاتحادية من أجل التصدي للإرهاب الذي كان يشكل خطراً على البلاد والعالم، حيث جاءت قوات التحالف الدولي لدعم العراق وإقليم كوردستان، مبيناً أنه “إذا كان هناك تقييم بعدم الحاجة لوجود التحالف الدولي، فأننا نرى أن داعش ما زال فاعلاً من خلال تحركاته ومسلحيه في العراق والمنطقة، وأننا نحتاج إلى تحالف عالمي لمحاربة الإرهاب، وحتى إذا كان العراق قادراً على حفظ أمنه فهذا لا يعني إنهاء العلاقات مع الولايات المتحدة التي لديها قوات منتشرة في دول كثيرة بالشرق الأوسط وهذا طبيعي مع وجود علاقات مشتركة مع بغداد.
وأبدى رئيس حكومة الإقليم رفضه لأي قرار أحادي بهذا الصدد، قائلاً: لا بد من وجود إجماع حول الآليات والتوقيت، ففي 2011 حينما انسحبت القوات الأمريكية لم نكن نرى هذا القرار صائباً وبالفعل نشأ هذا الفراغ الأمني والذي تم استغلاله من قبل داعش والتنظيمات الإرهابية ما استدعى عودة القوات الأمريكية مرة أخرى، لذا لا بد من التفكير ملياً في البديل ومن سيملأ الفراغ.
ومضى بالقول: لدينا علاقات جيدة مع الولايات المتحدة ونأمل مواصلة التنسيق الأمني والتعاون الاقتصادي وتعزيز الاستقرار.
وتابع: العراق بلد اتحادي لكن للأسف هناك عدم تمرير القوانين التي تتماشى مع النظام الاتحادي من أجل معالجة الملفات العالقة بين أربيل وبغداد، مبيناً: الخسائر الناجمة عن إيقاف صادرات نفط إقليم كوردستان تبلغ مليار دولار شهرياً، أي ما مجموعه 20 مليار دولار حتى الآن، وهذا يضر بالبلاد بأكمله، وكوردستان بشكل خاص، وللأسف هذه الخسائر لم يتم تعويضها، ومن نتائجها تأخير صرف الرواتب.
ذكر أن ما ينتجه إقليم كوردستان من النفط أقل بكثير من حصة الإقليم وفق الاتفاقية الموقعة مع أوبك بلس، فالعراق ينتج 4.5 ملايين برميل، أما في كوردستان فالكمية لا تتجاوز 500 ألف برميل، وهذا أقل من نصف الحصة المقررة، وليس من العادل تخفيض الإنتاج أكثر والذي يجب أن يخضع للنسب المئوية.
وشدد على السعي لتنويع الموارد الاقتصادية والاهتمام بالزراعة والصناعة وعدم الاعتماد على النفط فقط، ونحث الحكومة الاتحادية على اتخاذ خطوات مماثلة.
ورداً على سؤال بشأن الاستثمارات الصينية في الإقليم، قال مسرور بارزاني: لدينا علاقات جيدة مع الولايات المتحدة وحلفائنا الغربيين لكن هذا لا يعني عدم قدرتنا على إقامة علاقات جيدة مع الصين ودول أخرى، لدينا اقتصاد حر ونستضيف جميع المنافسين للاستثمار في كوردستان، فالاستثمارات الصينية موجودة في العراق ونحن نرحب بها في إقليم كوردستان، ولم نتعرض لضغوط من أجل منع الاستثمارات الصينية.
وبالتطرق للعلاقات الخارجية، لفت إلى أن لدينا علاقات جيدة مع تركيا في المجالات التجارية والاقتصادية فضلاً عن وجود تفاهمات أمنية، مبيناً: علاقات طبيعية مع روسيا وهناك شركات روسية عاملة في الإقليم والعراق.
وعن الوضع السوري، ذكر مسرور بارزاني تباين الأوضاع في أجزاء سوريا مع وجود مجاميع متعددة تسيطر على كل منطقة، موضحاً أن حكومة دمشق تعرضت لضغوط في السنوات الماضية لكن حصل انفتاح من قبل المجتمع الدولي مؤخراً.
وأردف قائلاً: لدى إيران تأثيراً كبيراً على العراق، أما إذا كان ذلك برغبة عراقية أم أمراً مفروضاً، فهذا السؤال يجب أن يوجه إلى بغداد، لكن بكل الأحوال إيران شريك مهم للعراق ومستوى وطبيعة العلاقات أمر يعود لهما. وحول حقوق المرأة في العراق، شدد على أن العراق كان أحد الدول المتقدمة في الشرق الأوسط، لكن التضييق على تلك الحقوق المرأة يعود لبعض العوامل ومنها الفقر وانعدام العدالة وانتشار الأمية خلال السنوات الماضية، لكن في كوردستان الأمر مختلف حيث تتمتع المرأة بحرية وحقوق أكبر في مجتمعنا مع سعينا المستمر لتمكين المرأة وزيادة مشاركتها في البرلمان والحكومة وشغل مناصب رفيعة، وقد أثبتت المرأة نجاحها، ونحن نعمل على خلق فرص متكافئة للجميع. وفي الختام، وجهّت المحاورة سؤالاً لمسرور بارزاني عن ما هو التهديد الأكبر الذي يواجه المنطقة، وفي إجابته قال رئيس حكومة إقليم كوردستان: انعدام الثقة، فالتاريخ أثبت أن المجتمعات التي تعاني من غياب الثقة وقيام الأنظمة بفرض نفسها وأيدلوجياتها، يقوم الفاعلون الرئيسيون فيها بعدم احترام الديمقراطية وتحجيمها بإطار رأي الأغلبية دون الأخذ بدور الأقلية، لذا من الصعب التعامل معها وبناء مجتمع رغيد، فانعدام المساواة والثقة مصدر للكثير من المشاكل، ومعالجة هذا الأمر يكون من خلال الالتزام ببناء بيئة مناسبة لخلق الثقة والفرص العادلة.