الفيليون غرباء في الوطن

كامل سلمان

من عجائب وغرائب هذه الدنيا أن تجد شعباً يعيش في وطنه وهو يشعر بالغربة ، يشعر بأنه مهدد بأية لحظة يتم الانقضاض عليه وطرده ، القانون لا يتعامل معه بإنصاف أسوة بباقي مكونات الوطن ، حقوقه منقوصة دون وجه حق ، ما يؤخذ منه لا يُرد إليه ، هذا حال الأمة الفيلية منذ أن تأسس العراق الحديث كدولة بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية وحتى يومنا هذا ،،، قد نلقي باللوم على الأنظمة السياسية المتعاقبة التي حكمت هذا البلد ولكن من السذاجة أن نعفي بعض من ابناء الشعب العراقي من الظلم والمسؤولية ، أقولها نعم هناك طيف واسع من العراقيين ساهموا في ترسيخ الظلم ضد الفيلية ، فلنعود قليلاً إلى الوراء ونستذكر ما وقع من حيف وجور على يهود العراق في مطلع خمسينيات القرن الماضي عندما هاجمتهم رعاع المجتمع العراقي وسلبوا أموالهم وقتلوا ابناءهم وطردوهم من أرضهم و ديارهم ووطنهم الذي عاشوا وترعرعوا فيه منذ الاف السنين . نحن لا نعمم السوء على غالبية المجتمع العراقي ، فهو مجتمع معروف بالاخلاق الحميدة والأصالة والطيبة ، لكن السيئين فيهم أعدادهم كبيرة ودورهم ريادي وهؤلاء دائماً من يقرر مسلك الحياة للعراق وللعراقيين وهم دائماً أصحاب اليد الطولى في تقلبات الاحداث ، وهم من هللوا ورقصوا عندما وقع الظلم على الفيليين ، فهؤلاء استطاعوا قتل وتهجير اليهود ظلماً وعدواناً ، وهؤلاء استطاعوا قتل وتهجير المسيحين ، وهؤلاء لبسوا ثوب الدواعش وقتلوا وسبوا الايزيدية ، ومن هؤلاء أيضاً تخرج شخص مثل صدام حسين ليفعل فعلته الشنيعة بالكورد الفيلية كما فعل فرعون ببني إسرائيل ، فهؤلاء الأنذال موجودون وبقوة في المشهد العراقي ، ولهم القدرة على تقرير مصير العراق والعراقيين ، ولا يمكن الإئتمان بهم ، فلا وطن بلا أمان . هؤلاء لم ولن يردعهم شيء إلا أن تعلو على هاماتهم بالقوة والثقافة والمعرفة .. الصفة المشتركة التي تجمع اليهود والمسيحين والايزيديين والكورد الفيلية أنهم جميعاً مجتمعات مسالمة تحب الخير لنفسها وللأخرين وبشهادة جميع العراقيين ، وهذه نقطة ضعفهم حسب مايراه الاشرار العدوانيون ، هؤلاء الرعاع الاشرار لهم الحيلة كحيل الشيطان يتلبسون كل يوم بثوب جديد ، فتارة هم قوميّون وتارة هم اسلاميون وتارة هم ليبراليون وتارة هم ارهابيون ، فشرهم غير مأمون وخيرهم غير مأمول ، بناءاً على ذلك يجب على الكورد الفيلية أن يضعوا هذا الأمر نصب أعينهم ويتذكروا بأن ما أصابهم من مصائب وويلات بالأمس القريب قد يعاد تكراره طالما الأشرار موجودون ويتربصون بهم ، فلا مناص من المواجهة ولا قرار غير التحدي ، بقوة الارادة الفيلية والصلابة والعزيمة يمكن المواجهة والثبات ، فما مطلوب صفاء النوايا ووحدة الرأي على مستوى المثقفين والعامة ، على مستوى العشائر والأفراد ، على مستوى الأغنياء والفقراء ، وحدة وقوة الفيلية كفيلة بمنع أي إعتداء يتعرضون له مستقبلاً ، يجب أن يهابهم من تسول له نفسه العدوان ، يا أخوتي ويا أبناء عمومتي خففوا من توجساتكم بمن سيكون قائداً عليكم ، ولا تثقلوا كاهل من يقودكم بالتشكك والتشكي ولا تبحثوا عن قائد بمواصفات خيالية ليسير بكم على الدرب الصحيح ، فالقائد الفيلي المخلص الشجاع العاشق لأمّته وله القدرة أن يتحمل مسؤولية لم شملكم يكفي لكي نثق به ، هذا كل ما نحتاجه بالقائد ، فأنكم أصعب من الصعب لتفهموا ماذا تعني وحدتكم ، فلو عرفتم معنى وحدتكم من قبل لكنتم اليوم سادة هذه الأرض ، أتدرون بأن وحدة الفيليين لا تتحقق إلا بمعجزة من السماء نظراً لتباعد الأفكار ، لكنه يبقى حلمنا الجميل ، فقد خصنا الله بالمزايا والخصال التي يتحسر عليها من عاش بجوارنا ، و هذه المزايا والخصال ستبان جلياً عندما تتعاضد الايادي وتتآلف القلوب حينها سنحسد أنفسنا بما حابانا الله من فضل وعطاء . الجميع من ابناء هذا الوطن يعلمون يقيناً بأن الفيليين إينما تحط رحالهم يحط الخير معهم ، والدنيا تضحك بوجودهم ، فالفيليون منبع السعادة والفرح ، وهاهم اليوم يعيشون أفضل الأزمان للتفاهم والتقارب ورص الصفوف وإدراك الواقع ، والكل اليوم يشعرون بأن الوقت قد حان لنعلن وحدتنا ولنعلن أنفسنا بأننا أمة حية ولنعلن بأننا كورد فيليون أمة لها جذور في هذه الأرض ، ولنعلن بأن دماء الشهداء الفيليين لم تذهب سدى ، ولا عذر لمن يتخلف عنا من ابناء جلدتنا ولا عذر لمن يتحجج ويتردد ، فمن حق ابناءنا وأجيالنا علينا أن نرث لهم ما يتفاخرون به بين الأمم وبين افراد المجتمعات من عز وكبرياء ، لكيلا يشعرون بأنهم غرباء في أوطانهم ، ولكيلا يموت تراثنا للأبد .

قد يعجبك ايضا