ارهاصات بيئية .. من أجل وسائل بيئوية آمنة لتوليد الكهرباء

صادق الازرقي

لم تزل الحكومات العراقية المتعاقبة منذ عقود تعتمد في انتاج الطاقة الكهربائية على الوسائل التقليدية القديمة لإنتاجها، من ذلك الاصرار على توليدها من الوقود الاحفوري لاسيما النفط والغاز، التي غدت وسائل بدائية تنأى عنها الدول باستمرار.

ومن المعلوم ان استغلال وسائل الطاقة القديمة، مثل الفحم والنفط والغاز، في إنتاج الكهرباء تترتب عليه عدة سلبيات، من أبرزها، التلوث البيئي، اذ ان حرق الوقود يطلق كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون والغازات الأخرى، ما يسهم في ظاهرة الاحتباس الحراري وتغير المناخ؛ كما تنتج عنه انبعاثات ضارة، مثل أكاسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين، التي تؤدي إلى تلوث الهواء والأمطار الحمضية.

والوقود الأحفوري مثل النفط والفحم موارد غير متجددة، واستمرار الاعتماد عليها يستنزف هذه الموارد بسرعة، مما قد يسبب أزمات في المستقبل نتيجة لنقص هذه الموارد، كما ان عمليات استخراج ونقل الوقود الأحفوري قد تؤدي إلى تسربات كيميائية تلوث المياه الجوفية والتربة، مما يؤثر سلبا على البيئة والحياة البرية وصحة الإنسان.

وان التلوث الناتج عن حرق الوقود الأحفوري مرتبط بعديد المشكلات الصحية مثل أمراض الجهاز التنفسي، وأمراض القلب، وبعض أنواع السرطان، وان التعدين واستخراج الوقود الأحفوري يؤديان إلى تدمير المواطن الطبيعية، مما يهدد التنوع البيولوجي ويؤثر على الأنظمة البيئية.

وفضلا عن ذلك تعتمد أسعار الوقود الأحفوري على عوامل دولية متقلبة، مما يجعل تكلفة الكهرباء غير مستقرة وتابعة للتقلبات السياسية والاقتصادية؛ وان محطات الطاقة القديمة بحاجة إلى صيانة مستمرة ولديها كفاءة أقل مقارنةً بمصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح.

لذلك وغيرها من الاسباب أصبح التوجه نحو الطاقة المتجددة خيارا أكثر استدامة وصديقا للبيئة وصحة الإنسان.

وفي العراق بخاصة، ونظرا لتكرار المشكلات المتعلقة بإنتاج الطاقة الكهربائية وعدم تلبيتها لحاجات السكان المتنامية لدينا، يعد التحول الى استعمال البدائل النظيفة لتوليد الكهرباء عاملا حاسما في التطور من نواح كثيرة أبرزها تأثيره الايجابي الكبير في صحة السكان والمناخ والبيئة.

اننا نرى كيف تسعى الدول المتحضرة الى البحث الدائم عن المصادر البديلة عن استعمال الوقود، فتلجأ الى استعمال المفاعلات النووية والى طاقة الرياح واستغلال الطاقة الشمسية حتى تلك الدول التي يقل فيها معدل شروق الشمس السنوي.

ونعتقد، ان علينا في العراق ان نسعى جاهدين لاستعمال المصادر البديلة عن الوقود في إنتاج الكهرباء، نظرا لتوفر الامكانيات بذلك، ومنها توفر الاموال التي جرى صرف مليارات الدولارات منها في العقدين الماضيين في اقل تقدير من دون نتيجة تذكر، كما تتوفر الطاقة الشمسية في البلد بصورة كبيرة، كما ان طقس العراق يتميز بوفرة الرياح التي يمكن استغلالها لإنتاج الكهرباء؛ وفضلا عن ذلك يمكن الاستفادة من علاقات العراق المتميزة مع الدول المتقدمة للاتفاق على انشاء مفاعلات نووية صغيرة تنتشر في المدن والارياف لإنتاج الكهرباء.

ان البحث عن بدائل لإنتاج الطاقة الكهربائية في العراق يؤمن لنا سبلا نظيفة ومستدامة وصحية تنتج الكهرباء بفعالية، بعكس وضعنا الحالي الذي تشح فيه تلك الخدمة الضرورية وتتكرر ازماتها الدورية بانتظام.

قد يعجبك ايضا