أربيل – التآخي
أكدت القمة المشتركة لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي في الرياض الاثنين على أن لا سلام مع إسرائيل قبل انسحابها من كل الأراضي العربية إلى خط الرابع من حزيران/يونيو 1967، داعية إلى حشد الدعم الدولي لإقامة دولة فلسطين.
وندّد البيان الختامي للقمة بـ”العدوان الإسرائيلي الغاشم على لبنان وقطاع غزة”، داعياً إلى “إنجاز وقف فوري ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة وإطلاق سراح الرهائن والأسرى”، وكذلك إلى “وقف فوري لإطلاق النار” في لبنان.
واجتمع زعماء الدول العربية والإسلامية في الرياض بعد أكثر من عام على اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في غزة والتي أعقبها تصعيد إقليمي تطوّر إلى حرب مفتوحة بين إسرائيل وحزب الله عبر الحدود اللبنانية.
وانعقدت القمة بعد أيام على انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، وهو قد وعد بإنهاء الحرب.
وقال نائب الرئيس الإيراني محمد رضا عارف في الكلمة التي ألقاها خلال القمة إن “العالم ينتظر” من إدارة ترامب إنهاء حروب إسرائيل مع حماس وحزب الله “على الفور”.
وشدّدت القمة في بيانها الختامي على أن “السلام العادل والشامل في المنطقة والذي يضمن الأمن والاستقرار لجميع دولها، لا يمكن تحقيقه دون إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لجميع الأراضي العربية المحتلة حتى خط الرابع من حزيران/يونيو 1967″، وفق قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومبادرة السلام العربية لعام 2002.
وتعتبر الأمم المتحدة أن هضبة الجولان السورية الحدودية مع إسرائيل والضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة أراضي محتلة.
ونصّت المبادرة العربية لعام 2002 التي صدرت بعد قمة تاريخية عقدت في بيروت على “اعتبار النزاع العربي الإسرائيلي منتهياً” و”إنشاء علاقات طبيعية مع إسرائيل في إطار سلام شامل” في حال حصل انسحاب إسرائيلي “كامل من الأراضي العربية المحتلة”، و”القبول بقيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ الرابع من يونيو/حزيران 1967 في الضفة الغربية وقطاع غزة تكون عاصمتها القدس الشرقية”.
وخلال انعقاد القمة، أدلى وزير الخارجية الإسرائيلي المعيّن حديثاً جدعون ساعر بتصريح قال فيه إن إنشاء دولة فلسطينية ذات سيادة ليس أمراً “واقعياً اليوم”.
وقال الوزير رداً على سؤال بشأن إبرام اتفاقيات تطبيع محتملة بعد إعادة انتخاب ترامب رئيساً للولايات المتحدة، “لا أعتقد أن هذا الموقف واقعي اليوم، ويجب أن نكون واقعيين”.
من جهة أخرى، دعت القمة العربية والإسلامية الاثنين إلى توحيد الأراضي الفلسطينية بما يشمل قطاع غزة والضفة الغربية والقدس، مشددة على “سيادة دولة فلسطين الكاملة على القدس الشرقية المحتلة”.
وأكدت دعم “الجهود الكبيرة” التي بذلتها مصر وقطر والولايات المتحدة من أجل “إنجاز وقف فوري ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة وإطلاق سراح الرهائن والأسرى”، وحمّلت إسرائيل مسؤولية فشل هذه الجهود.
“إبادة جماعية”
ندّد القادة بـ”جرائم مروّعة وصادمة” يرتكبها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة “في سياق جريمة الإبادة الجماعية” بحق الفلسطينيين، مشيرين إلى “المقابر الجماعية وجريمة التعذيب والإعدام الميداني والإخفاء القسري والنهب والتطهير العرقي” وخصوصاً في شمال القطاع.
واندلعت الحرب في قطاع غزة عقب هجوم غير مسبوق شنّته حركة حماس على جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، أسفر عن مقتل 1206 أشخاص غالبيتهم من المدنيين، وفق تعداد لوكالة فرانس برس استناداً إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
وخلال الهجوم، خُطف 251 شخصاً لا يزال 97 منهم محتجزين في غزة، بينهم 34 يقول الجيش الإسرائيلي إنهم ماتوا.
وتردّ إسرائيل مذّاك بقصف مدمّر وعمليات برّية في قطاع غزة، ما أسفر عن مقتل 43603 أشخاص، غالبيتهم مدنيون، وفقاً لأرقام وزارة الصحة التابعة لحماس.
وباستثناء هدنة أسبوع تمّ تنفيذها في تشرين الثاني/نوفمبر 2023، وتخلّلها إطلاق رهائن من غزة ومعتقلين فلسطينيين من سجون إسرائيلية، فشلت كل محاولات وقف الحرب.
ونقلت إسرائيل قبل قرابة الشهرين، ثقل عملياتها العسكرية إلى لبنان حيث كانت تتبادل القصف مع حزب الله منذ أن أعلن الحزب غداة هجوم حماس فتح جبهة “إسناد” لقطاع غزة. وكثّفت الدولة العبرية غاراتها الجوية على أهداف لحزب الله ومناطق محسوبة عليه في 23 أيلول/سبتمبر، وباشرت بعد ذلك عمليات برية في جنوب لبنان.
في هذا الصدد، دان البيان الختامي للقمة “العدوان الإسرائيلي المتمادي والمتواصل على لبنان وانتهاك سيادته وحرمة أراضيه”، ودعا إلى وقف فوري لإطلاق النار والتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701” الصادر في العام 2006 والذي وضع حدّاً لحرب بين إسرائيل وحزب الله آنذاك.
ونصّ القرار 1701 على انسحاب إٍسرائيل وانسحاب حزب الله حتى شمال نهر الليطاني بعيداً عن الحدود، وعلى تنفيذ القرار 1559 الذي يدعو إلى تخلّي كل المجموعات المسلحة في لبنان خارج إطار الدولة عن سلاحها.
“فرصة”
رأت المتخصصة بشأن الخليج في مجموعة الأزمات الدولية آنا جايكوبس بأن “هذه القمة فرصة للزعماء الإقليميين ليظهروا لإدارة ترامب المقبلة ما يريدون أن يكون عليه شكل الانخراط الأمريكي” في المنطقة.
وكان ترامب خلال ولايته الأولى بين عامي 2017 و2021 داعماً بشدة لإسرائيل، وقام حتى بخطوات لم يسبقه إليها أي من الرؤساء الأمريكيين، مثل نقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى القدس والاعتراف بضمّ إسرائيل للجولان السوري ودعم المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية.
كما كان عرّاب إبرام اتفاقات تطبيع بين إسرائيل من جهة، وكلّ من الإمارات والبحرين والمغرب من جهة أخرى، كانت الأولى من نوعها منذ تسعينات القرن الماضي.
ورغم أن السعودية لم تنضم إلى تلك الاتفاقات، لكن العلاقات بينها وبين إدارة ترامب كانت وثيقة.
وبعد اندلاع الحرب في قطاع غزة، علّقت الرياض إبرام اتفاق أمني اقتصادي مع واشنطن يمهّد الطريق لتطبيع بين المملكة وإسرائيل، مشدّدة على أنها لن تعترف بالدولة العبرية من دون إقامة دولة فلسطينية.