أربيل – التآخي
انطلقت اليوم الثلاثاء في العاصمة الاذربيجانية باكو فعاليات مؤتمر المناخ العالمي “الدورة التاسعة والعشرين” بشأن تغير المناخ وبمشاركة إقليم كوردستان متمثلة برئيس الاقليم نيجيرفان بارزاني.
ومن المفترض أن تسعى الدول إلى وضع هدف سنوي جديد لتمويل المناخ ليحل محل التعهد بقيمة مائة مليار دولار الذي تم تحديده عام 2009 وتنتهي صلاحيته في نهاية العام – والذي يقول كثيرون إنه أقل بكثير مما هو مطلوب للتعامل مع ارتفاع درجات حرارة الهواء والبحر المتسارعة.
بعد عام شابه ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى مستويات قياسية وأحوال جوية قاسية، دعا الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ سيمون ستيل إلى تحديد هدف جديد طموح للتمويل المناخي، مشددا على أن ذلك يعود بالنفع على جميع الدول، بما في تلك الأكثر ثراء وقوة.
جاء ذلك في كلمته أمام المفاوضين في مؤتمر الأمم المتحدة التاسع والعشرين لأطراف الاتفاقية “كوب 29” الذي افتتح أعماله أمس الاثنين في العاصمة الأذربيجانية باكو.
وأضاف ستيل أن تغير المناخ الجامح يؤثر على كل فرد في العالم بطريقة أو بأخرى، وأضاف “دعونا نتخلص من أي فكرة مفادها أن التمويل المناخي هو صدقة”.
وأكد ستيل أن عملية اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ “هي المكان الوحيد الذي يمكننا فيه معالجة أزمة المناخ المتفشية، ومحاسبة بعضنا البعض بشكل موثوق للعمل عليها. ونحن نعلم أن هذه العملية تنجح. لأنه بدونها، ستتجه البشرية نحو خمس درجات من الانحباس الحراري العالمي”.
وقدم ستيل أمثلة صارخة تؤكد وجوب التوصل إلى صفقة جديدة بشأن التمويل المناخي، ومشددا على أن جميع الدول ستدفع ثمنا باهظا إذا لم تتمكن ثلثا دول العالم على الأقل من تحمل تكاليف خفض انبعاثاتها بسرعة، وأن الاقتصاد العالمي قد ينهار بالكامل إذا كانت الدول غير قادرة على تعزيز سلاسل التوريد الخاصة بها.
ويجتمع عشرات الآلاف من أنحاء العالم، في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ Cop 29، في باكو عاصمة أذربيجان، والتي تسلمت الرئاسة رسمياً أمس الاثنين، من دولة الإمارات التي استضافت القمة الماضية، إذ تستعد الدول المشاركة لإجراء محادثات صعبة بشأن التمويل وتداول أرصدة الكربون.
ولكن نظراً لأن القمة تتبنى كل عام، مجموعة من الوعود والخطط والوثائق المختلفة، فإن متابعة أسس المناقشات يمكن أن تكون صعبة كما أن بعض المصطلحات الشائعة المصاحبة لنقاشات المؤتمر قد تحتاج إلى تبسيط، وفيما يلي ما ينبغي معرفته عن أهمية المؤتمر، وأبرز المصطلحات المناخية التي يجب أن تعرفها:
لماذا يعقد Cop 29 سنوياً؟
بما أن تغير المناخ يؤثر على كل البلدان، بغض النظر عما إذا كانت تساهم في المشكلة، فإنه يتطلب حلولاً عالمية قادرة على التعامل مع التنوع في الاحتياجات بمختلف البلدان.
وعند توقيع اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ عام 1992، والتي أسست لانطلاق المفاوضات العالمية، بذلت الأطراف جهوداً حثيثة للتمييز بين الدول الغنية التي تتسبب في الجزء الأكبر من مشكلة الاحتباس الحراري، والبلدان الأكثر فقراً التي تعاني منها بشكل غير متناسب.
بعبارة أخرى، تتمحور المحادثات حول فكرة مفادها أن البلدان التي استفادت أكثر من غيرها من أنشطة التصنيع، ينبغي أن تتحمل القدر الأكبر من المسؤولية عن التعامل مع مشكلة الاحتباس الحراري التي نتجت عنها.
وصارت معالجة هذا الخلل أكثر صعوبة مع نمو اقتصادات البلدان النامية، ومع تلاعب دول غنية في أرقام تكاليف أمور أخرى، منها التكاليف التي تفرضها الحرب.
ويوفر المؤتمر مكاناً للدول لمناقشة حلول منها سياسات الطاقة، وخطط التمويل والاحتياجات اللازمة للتمويل.
كما يحضر قادة العالم في كل مؤتمر تقريباً، مما يعطي إشارة مهمة بأن بلدانهم ملتزمة بأهداف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، ويساعد حضور القادة كذلك على تحمل كل بلد المسؤولية أمام البلدان الأخرى عن الوعود السابقة.
لكن المؤتمر السنوي لا يمثل سوى الفعالية الرئيسية ضمن عملية مستمرة؛ إذ يجتمع ممثلو البلدان على مدار العام لتعزيز المقترحات الجديدة حول العمل المناخي، قبل انعقاد المؤتمر التالي، ويمكن الاتفاق عليها بالإجماع بين جميع البلدان.
هل العملية ناجحة؟
في حين أن كل مؤتمر يهدف إلى تعزيز العمل المناخي العالمي، مقارنة بمؤتمر العام السابق، فإن الفعالية توفر أيضاً للدول فرصة لإظهار أن المشكلة قيد المعالجة أمام مواطنيها.
ومن المهم أن هذه الجهود تتضمن حساب البلدان انبعاثاتها وإعلانها، وتساهم في مساعدات بمئات المليارات من الدولارات مرتبطة بالمناخ للدول النامية.
ومن خلال ضرورة اتخاذ القرارات بالإجماع، تضمن العملية أيضاً الدعم العالمي القوي للإجراءات المتفق عليها، مما يحسّن فرص تنفيذ هذه التدابير.
لكن وتيرة التقدم تسير بشكل بطيء جداً، لا يمكن معه كبح ارتفاع درجات الحرارة؛ فمنذ بدأت مؤتمرات Cop في 1995، تواصل الانبعاثات ودرجات الحرارة الارتفاع، مما يعني أن العالم يتجه إلى تغير مناخي حاد.
ويقول أنصار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ إنه ليس هناك بديلاً للتفاوض على تغييرات مجتمعية واقتصادية كبرى لمحاولة الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري.
ما هي النتائج المتوقعة من Cop 29؟
تأمل قمة هذا العام التوصل إلى عدد من الاتفاقات المهمة، وهي هدف سنوي جديد لتمويل المناخ، واتفاق لتشغيل أسواق ائتمان الكربون متعددة الأطراف، والتعهد بمزيد من المساعدات المالية للدول المتضررة بالفعل من كوارث مناخية مكلفة.
وعلاوة على ذلك، من المقرر أن يواصل المفاوضون العمل على التوصل إلى اتفاقات فنية، تستند إلى ما تم إنجازه في مؤتمرات القمة السابقة.
وخارج الإطار الرسمي للمؤتمر، يمكن لمجموعات من البلدان إطلاق مبادراتها الخاصة، أو التعهد بتمويل مشروعات بعينها. ومن المرجح أن تكشف شركات عن صفقات تجارية تتعلق بالعمل المناخي، بينما يحاول الممولون جمع أموال لاستثمارات تتعلق بمكافحة تغير المناخ.
ما هو دور أذربيجان في Cop 29؟
تتولى أذربيجان رئاسة الدورة التاسعة والعشرين من المؤتمر هذا العام، بعد انتقال الرئاسة الدورية للمؤتمر إلى أوروبا الوسطى والشرقية.
وفي العام المقبل، ستكون البرازيل الدولة المضيفة لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (Cop 30) من أميركا اللاتينية.
وباعتبارها الدولة المضيفة للقمة، فهي تعمل طوال العام على توجيه المفاوضات السابقة لانعقاد القمة، والضغط على الحكومات الأخرى من أجل اتخاذ إجراءات طموحة، وهو ما يمنح الرئاسة دوراً مهماً في تحديد أولويات القمة.
ماذا يحدث أيضاً في Cop؟
بعيداً عن المفاوضات بين الدول، توفر القمة الفرصة للجميع لمحاولة لفت الانتباه إلى قضية، أو السعي لتمويلها.
وتتيح المئات من الفعاليات، على هامش المؤتمر، فرصاً للحوار بين ناشطين، وعلماء، وجماعات ضغط ناشطة في مجال مكافحة تغير المناخ، وكبار مسؤولي القطاع المصرفي.
كما يستضيف المؤتمر حلقات نقاش، بحضور جماهيري تتناول موضوعات بدءاً من تحمض المحيطات إلى تصميم مشروعات تعويض انبعاثات الكربون.
كما ستجري في قاعات عرض يطلق عليها اسم “المنطقة الخضراء” مناقشات تقودها وفود دول ومنظمات ومؤسسات غير ربحية.
وفي حين شهدت بعض مؤتمرات القمة احتجاجات كبرى منظمة، مثل تجمع الآلاف أمام مقر انعقاد Cop 26 في جلاسجو عام 2021، فإن المؤتمرين الأخيرين في مصر والإمارات سمحا بالاحتجاجات فقط في مناطق محددة.
ومن المرجح أن تشهد أذربيجان، القليل من الأنشطة المدنية خارج مقر انعقاد المؤتمر وسط إجراءات أمنية مشددة.
وفيما يلي دليل لبعض المصطلحات التي سيتم استخدامها في المؤتمر:
اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية
يشير المصطلح إلى الاتفاقية التي تم التوصل إليها عام 1992، وتُلزم نحو 200 دولة بمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري، وكذلك إلى الأمانة التي أُنشئت لتنفيذ الاتفاقية.
كوب Cop
يشير المصطلح إلى (مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ) الذي يعقد سنوياً للدول الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، منذ دخول الاتفاقية حيز التنفيذ في عام 1994.
الهدف الكمي الجماعي الجديد
المصطلح حديث نسبياً، وسيكون محورياً في Cop 29. ويشير إلى التمويل المرتبط بالمناخ، وهو تعهد مالي مستهدف سنوياً يقدم للجهود المرتبطة بالمناخ في الدول النامية.
المساهمات المحددة وطنياً
المساهمات المحددة وطنياً هي التعهدات التي يقدمها كل بلد لخفض انبعاثاته، والتكيّف مع تغير المناخ. ويتعين على البلدان تحديث وتوسيع المساهمات المحددة وطنياً الخاصة بها كل خمس سنوات.
ويحل موعد الجولة التالية من المساهمات المحددة وطنياً في فبراير، ومع ذلك تخطط بعض البلدان لتقديم التعهدات الجديدة في باكو.
الاحتباس الحراري
يشير المصطلح إلى الارتفاع التدريجي في درجة حرارة الغلاف الجوي للكوكب.
تغير المناخ
على الرغم من أن (تغير المناخ) يستخدم في كثير من الأحيان على أنه مرادفاً لمصطلح (الاحتباس الحراري) فهو يعني شيئاً مختلفاً. ويعبر (تغير المناخ) عن الاحتباس الحراري وتداعياته مثل الأحوال الجوية المتطرفة.
غازات الاحتباس الحراري
هذه الغازات قادرة على حبس حرارة الشمس في الغلاف الجوي، والتسبب في ظاهرة الاحتباس الحراري.
وأقوى هذه الغازات الميثان وثاني أكسيد الكربون، ويعرفان أيضاً باسم “الانبعاثات الكربونية”؛ لأن كلاً منهما يحتوي على الكربون، وتأتي الانبعاثات الكربونية الزائدة في العالم في الغالب من حرق الوقود الأحفوري ومن الأنشطة الصناعية الأخرى.
اتفاق باريس للمناخ
تم التوصل لاتفاق باريس للمناخ عام 2015 من خلال Cop 21 في باريس، ووافقت البلدان على محاولة الحد من ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي إلى “أقل بكثير” من درجتين مئويتين فوق متوسط درجات الحرارة في عصر ما قبل الصناعة، مع استهداف الحفاظ على الزيادة عند 1.5 درجة مئوية.
كما يدعو اتفاق باريس إلى تحديث تعهدات خفض الانبعاثات على المستوى الوطني (المساهمات المحددة وطنياً) كل خمس سنوات.
صافي الانبعاثات الصفري
لا يعني هذا المصطلح عدم إطلاق أي انبعاثات، بل عدم إطلاق انبعاثات إضافية فوق حجم ما يتم إعادة التقاطه من خلال تقنيات الحد من ثاني أكسيد الكربون، أو زراعة الأشجار، أو غير ذلك من الوسائل.
الوصول إلى صافي الانبعاثات الصفري يعني توقف تركيزات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي عن الزيادة.
الخسائر والأضرار
تعهدت الحكومات العام الماضي بتخصيص 800 مليون دولار لصندوق جديد تحت اسم “الخسائر والأضرار” لمساعدة الدول الأكثر فقراً المتضررة من الكوارث الناجمة عن تغير المناخ. وسيقرر الصندوق، الذي أصبح لديه مدير ودولة مضيفة، الآن كيفية توزيع الأموال، ويدعو إلى المزيد من المساهمات في Cop 29.
أرصدة الكربون
تسمح أرصدة الكربون لأي دولة، أو شركة بالتعويض عن بعض انبعاثات الكربون التي تطلقها من خلال الاستثمار في مشروعات لخفض الانبعاثات في أماكن أخرى.