المحاصصة

فاطمة علي

هي نظام يتم فيه توزيع المناصب أو الحصص أو الموارد على أساس نسب معينة بين أطراف متعددة، عادةً استناداً إلى انتماءات سياسية، أو عرقية، أو طائفية، أو دينية، أو مناطقية. هذا النظام يُستخدم غالباً في البلدان التي تتسم بالتنوع الإجتماعي أو الانقسامات الاجتماعية والسياسية الحادة، حيث يُعتقد أن المحاصصة تساعد في ضمان تمثيل عادل للجماعات المختلفة وتقليل النزاعات.

في الأنظمة السياسية التي تعتمد المحاصصة، يتم تخصيص المناصب الحكومية العليا أو الموارد الاقتصادية وفقاً لهذه النسب المتفق عليها. إلا أن المحاصصة يمكن أن تؤدي إلى آثار سلبية، مثل تعزيز الطائفية والولاءات الضيقة، وتقليل الكفاءة المؤسسية، وصعوبة تحقيق إصلاحات شاملة، إذ أنها قد تجعل مصلحة الجماعة فوق مصلحة الدولة.

كآلية سياسية تُستخدم بشكل خاص في الأنظمة السياسية ذات الطبيعة التوافقية أو التي تتسم بتعددية اجتماعية وسياسية عميقة. في هذه الأنظمة، تُعتبر المحاصصة وسيلة لتحقيق توازن يضمن تمثيل مختلف الفئات المجتمعية في السلطة.
ولكن على الرغم من نواياها في تحقيق الاستقرار، غالباً ما تُنتقد لأنها تعزز الانقسامات وتضعف الأداء السياسي.

كيفية ارتباط المحاصصة ببعض الأنظمة السياسية:

1. النظام التوافقي: يعتمد النظام التوافقي، كما هو الحال في لبنان أو بلجيكا، على المحاصصة كأساس لتوزيع المناصب بين الطوائف أو الفئات العرقية. في هذا النظام، يُفترض أن يساهم التمثيل المتساوي بين الجماعات في تحقيق التوافق وتجنب الاحتقان، خاصة في دول متعددة الطوائف. يتضمن هذا التوزيع المناصب الوزارية، ورئاسات السلطات، وقطاعات أخرى في الدولة.

2. النظام الفيدرالي: في بعض الأنظمة الفيدرالية، تتضمن المحاصصة توزيع الصلاحيات بين الأقاليم أو الولايات، وذلك لضمان تمثيل الأقليات أو الجماعات الإقليمية. ومن الأمثلة على ذلك العراق، حيث تُوزع المناصب وفقاً للمكونات العرقية والدينية (عرب، كرد، شيعة، سنة)، وتُضمن المشاركة في السلطة لصالح الأقاليم والمجموعات المختلفة.

3. الديمقراطيات الهشة أو الانتقالية: في الدول التي تمر بمرحلة انتقالية أو بعد نزاعات طويلة، قد يُلجأ إلى المحاصصة كحل لتجنب النزاعات المستمرة، مثلما حدث في البوسنة والهرسك بعد حرب البلقان. ويتم بناء المؤسسات السياسية على أسس تضمن تمثيل كل الجماعات كوسيلة لتحقيق السلم الاجتماعي.

4. أنظمة الأحزاب المتعددة: في بعض الدول الديمقراطية التي تتسم بتعدد الأحزاب، قد تتشكل تحالفات ائتلافية بين الأحزاب لتشكيل الحكومة، وهذه التحالفات قد تتضمن نوعاً من المحاصصة من حيث توزيع الحقائب الوزارية والمناصب. ورغم أن المحاصصة هنا تكون على أسس سياسية وليست طائفية أو عرقية، إلا أنها تُشبه من ناحية الهدف، وهو ضمان تمثيل مختلف الأطراف.

إيجابيات وسلبيات المحاصصة:

الإيجابيات:
تضمن تمثيل مختلف الأطراف في الحكم، ما يساعد على تحقيق التوازن.
تُقلل من احتمال نشوب نزاعات بين المكونات.
تدعم الاستقرار السياسي المؤقت في الأوضاع الهشة.

السلبيات:
تشجع على الانقسامات والولاءات الضيقة.
تُضعف أداء المؤسسات، إذ يُعين الأفراد بناءً على انتماءاتهم وليس كفاءاتهم.
تُعرقل الإصلاحات السياسية الشاملة، إذ تصبح المصالح الجماعية أولى من مصالح الدولة.
باختصار، المحاصصة قد تكون ضرورة في بعض الأنظمة السياسية لضمان التمثيل العادل والاستقرار، لكنها يمكن أن تُصبح عائقاً أمام التنمية والتقدم إذا لم تُدار بفعالية، وقد تتحول إلى عقبة مستدامة تعزز الانقسامات بدل الوحدة.

قد يعجبك ايضا