التأخي / وكالات
أحدث قرار مصلحة الضرائب المصرية بإلزام “البلوغرز” و”اليوتيوبرز” بإثبات التكاليف التي تتعلق بالتعاون مع مزاولي العمل الحر من الذين يشاركونهم في إعداد فيديوهات، جدلا واستياء بين صناع المحتوى، في ظل صعوبة تطبيق القرار الذي يرتبط بآلاف العاملين في تصميم الفيديوهات ومراجعتها وتجهيزها للبث دون أن يكون لدى هؤلاء وعاء لإثبات حجم التعاملات معهم، وسط توقعات أن ينعكس ذلك سلبا على مضمون المحتوى الرقمي الذي يبث من مصر .
وقالت مصلحة الضرائب المصرية إن مزاولي أنشطة صناعة المحتوى يلتزمون بإثبات كافة التكاليف والمصروفات التي تتعلق بالنشاط مع مزاولي العمل الحر، وتتعلق تلك التكاليف بالأتعاب المهنية التي يتقاضاها مزاولو العمل الحر من تصميم وتعديل فيديوهات وصوتيات وكتابة وإخراج المحتوى المُقدم .
وسوف تُخصص مصلحة الضرائب لكل ممول أو مكلف رقم تسجيل ضريبي موحدا، لجميع أنواع الضرائب الخاضع لها، وتلتزم كل من المصلحة والممول أو المكلف والجهات والمنشآت الأخرى باستخدامه في جميع التعاملات، ويتم إثباته على جميع الإخطارات والسجلات والمستندات والفواتير وأي مكاتبات أخرى .
ويتفق العديد من صناع المحتوى على أن هذه الخطوات غير قابلة للتطبيق، لأن أغلبهم يعملون بشكل تغيب عنه الصفة الاحترافية، ومزاولي العمل الحر ليس لهم مكاتب أو تعاملات ضريبية يمكن أن تساهم في حساب تكاليف إنتاج الفيديو، ومنهم من يعمل في مهن أخرى، ومشاركتهم في صناعة المحتوى الرقمي عمل إضافي .
وتبدو القرارات الأخيرة حلقة ضمن سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة منذ ثلاث سنوات، وهدفت منها إلى الاستفادة من العوائد المالية لصناع المحتوى عبر إخضاعهم للضرائب وفقا لشرائح محددة، إذ أعقب ذلك إخضاع الإعلانات المعروضة على فيسبوك ويوتيوب لضريبة القيمة المضافة .
وقال محمد عادل عجمي، وهو خبير اقتصادي ومقدم برنامج “صباح البنوك” على موقع يوتيوب، إن صانع القرار الحكومي ينفصل عن حقيقة صناعة المحتويات الرقمية، وما يحدث في الواقع يشير إلى أن فئات شبابية تبدأ بث فيديوهاتها على موقع يوتيوب بإمكانيات بسيطة وبالتعاون مع هواة لديهم القدرة على القيام بتجهيز المحتوى في شكله الأخير قبل النشر ولا يقدرون على إثبات مصروفاتهم .
وأوضح أن “قرار الضرائب يجعل هناك حاجة إلى قيام أصحاب القنوات على يوتيوب بفتح مكاتب مرخصة وتعيين موظفين لديهم وإثبات ما يحصلون عليه من رواتب ضمن تكاليف الإنتاج إلى جانب ضرورة التأمين عليه بما يساعد في استخراج الفاتورة الضريبية، وهو أمر يحدث بنسبة ضئيلة لها قدرة على تحقيق أرباح طائلة من الفيديوهات ” .”
وأشار إلى أن مشكلة الحكومة المصرية أنها تتخذ قراراتها بشأن صناع المحتوى دون أن تستمع إليهم لتتعرف على المشكلات التي يواجهونها، كما أن أغلب “اليوتيوبرز” أو “البلوغرز” ليس لديهم تدريبات كافية تساعدهم على التعامل مع مصلحة الضرائب، ما يجعل مثل هذه القرارات تضع رؤى فوقية، في حين أنه سيكون من الإيجابي تشجيع منتجي الفيديوهات على تقديم محتواهم لتحقيق استفادة اقتصادية وإعلامية .
ولفت عجمي إلى أن لغة التهديد والوعيد واستخدام ألفاظ “الإلزام” في بيان مصلحة الضرائب يمنحان إشارة سلبية لصناع المحتوى، ويصعب إنزال هذه القرارات على مجتمع مفتوح، فالحكومة تهدف إلى التعرف على أوجه العمل المختلفة للعاملين في مجال صناعة المحتوى والحصول منهم على ضرائب نظير عملهم في جهات مختلفة، أو ما يُطلق عليه “الضرائب من المنبع” وهي بحاجة إلى نظام مؤسسي تقوم عليه صناعة بث المحتوى الرقمي لضبطها .
وتغيب التعاملات بالفواتير مع الجهات التي تساهم في صناعة المحتوى أو يتجه إليها “اليوتيوبرز” لشراء معدات التصوير، ويرتضي صانع المحتوى عدم الحصول على فاتورة بما لا يقود ذلك إلى تحمله قيمة 14 في المئة وهي ضريبة القيمة المضافة، كذلك الوضع بالنسبة إلى العاملين في مجال المونتير والمونتاج الذين يعملون بالقطعة لدى العديد من صناع المحتوى ويحصلون على نظير عملهم مقابل إنتاج الحلقة الواحدة .
ودعت مصلحة الضرائب العام الماضي جميع الممولين أصحاب أنشطة تقديم المحتوى المرئي والمسموع والمقروء، كنشاط رئيسي للممول أو نشاط إضافي للأنشطة التقليدية، إلى ضرورة إدراج كافة الإيرادات الناتجة عن تقديم هذا المحتوى بكل صوره في الإقرارات الضريبية بشكل سليم .
وبدأت مصر اعتبارا من يوليو الماضي تطبيق ضريبة القيمة المضافة على الشركات التي تقدم خدمات إعلانية وتسويقية، وتشمل الشركات التي ستخضع للضريبة غوغل وفيسبوك ويوتيوب ونتفليكس وتيك توك ومنصات البيع .
وطالبت الحكومة المصرية جميع الشركات غير المقيمة في مصر التي تقدم خدمات إعلانية وتسويقية، بأن تسجل في مصلحة الضرائب وتحصل منها ضريبة القيمة المضافة على الخدمات التي تقدمها لأشخاص غير مسجلين ضريبيا، وهي جميع الخدمات التي تقدمها بمقابل مادي، بينما الخدمات المجانية لن تتأثر بالقيمة المضافة .