التعداد العام في مضمار السياسة والتنمية

لطيف دلو

إن اول تعداد عام للسكان في العراق قد جرى في 13 شباط عام 1920 بإشراف بريطانيا التي احتلت المنطقة اثناء الحرب العالمية الاولى قبل تشكيل الحكومة العراقية المؤقتة برئاسة عبدالرحمن الكيلاني في 26 ت2 من ذلك العام ، وكل ما تبين لي من خلال المعلومات المدونة في مجلدات تاريخ الوزارات العراقية للكاتب عبد الرزاق الحسني ، كان المقصود من ذلك التعداد معرفة عدد السكان ومن ثم حجم القوميات والاديان والطوائف لتوزيع السلطات وفق الاكثرية لكل منها وللمعادلة بين السنة والشيعة اضافت بريطانيا ولاية الموصل الى العراق بفعل نفوذها في عصبة الامم والتخلي عن تأسيس الدولة الكردية بين العراق وتركيا وحددت نسبة الكورد 17% في العراق وكان القصد من ذلك التعداد سياسي وليس تنموي .
إن الاحصاءات التي تلت ذلك التعداد في الاعوام 1934 و 1947 و 1957 كانت سياسية وتنموية وإضافة الى عدد السكان كانت تشمل كافة الامور من الابنية وموادها الانشائية والزراعة والحيوانات وكل صنف او فئة على حدة واحتوت على كافة الامور التى لها علاقة بالدولة وحياة المواطن واعتمدتها الحكومات العراقية وتعاملت معها كأساس خاصة في القضايا السياسية في تحديد مناطق القوميات والطوائف لتحقيق مأربها وغض النظر عن خططها التنموية بسبب التعصب والخلافات السياسية حتى في الاحصاءات او التعدادات التي تلتها لتفاقم امور الامن والاستقرار في ربوع البلاد .
أما التعداد السكاني الذي سيجرى بتاريخ 20 ت2 2024 في البلاد يظهر بأنه ياخذ مسارا تنمويا بدلا من السياسة لعدم أحتواءه على القومية والطائفية وكذلك تسجيل جميع الساكنين من المحافظات الاخرى في المناطق المشمولة بالمادة 140 حسب منطقته السابقة بموجب التعداد 1957 وكذلك المرحلين من هذه المناطق الى مناطق اخرى لاسباب سياسية بنفس الاسلوب .
ما يتضمنه هذا التعداد من ظاهرة حضارية غير مسبوقة في المساوات بين مكونات الدولة تبشر بالامن والاستقرار إن نفذت وطبقت في واقع الحال دون حبر على الورق كما حال المادة 140 ومواد اخرى دستورية لها علاقة وثيقة بهيكل الدولة وحياة المجتمع تصدوا لها مسؤلون في الحكومة وتباهوا بايقافها دون دراية لتبعياتها المأساوية كما حدثت .
يؤمل من هذا التعداد ان تتحقق آمال جميع المكونات بأن تكون الهوية الوطنية تشخصهم داخليا وتميزهم دوليا دون تفريق وسلام على كل من اتبع الهدى وجعل السلام يعلو ولا يعلى عليه كما هو فعل الحق .

قد يعجبك ايضا