دلزار اسماعيل رسول
الصمت…كلمة تخفي وراءها ضجيجا كبيرا..و تلفها آلاف الحوارات و الأحاديث في طياتها، و الصخب الذي يختبئ تحته أدهى بكثير من التعابير الناطقة ، فهو يستوعب الاف الكلمات في جعبته و يضعك امام الاف الاحتمالات…فإذا اختار الصمت فاعلم انه اكتفى و امتلأ حتى وصل الى حافة الهاوية …و علم أن الافصاح لم يعد له فائدة ، فلقد استعمل كل اللغات و كل تعابير العالم ، ولم ينفع لكي نتفاهم و نتبادل الآراء و نتحاور كشريكين في الحياة تجاذبا لبعضهما البعض و رأوا في أنفسهم انشدادا و تفاهما قلما تجد نظيره في الاخرين…ولكن بعد استعمال كل السبل تصل الى باب مسدود و جدار موصود ….
لقد اتيت بعدوي الى عقر داري…و شاركتيني مع غريمي في مضارب خيامي…و رغم ذلك سامحتك و غضيت الطرف عنك كأن شيئا لم يكن…لكي نبدأ من جديد و نخوض غمار تلك التجربة بحلة جديدة و تصورات اعمق و اشمل من ذي قبل ، علّنا نجد ما يؤنس وحدتنا و نستكمل به شتات روحنا…فرأيتنا نواجه عقبة وراء عقبة و زلة بعد اخرى و هفوة تلو الاخرى …حتى سقطنا من جديد و تأكد لي مقولتك القديمة التي لم أنساها …أننا لن نتفق أبداً في حياتنا …و صدقت مقولتك حقا ، و أشد على يديك على تحقق نبؤتك …
لقد كنت دائما احس باني لست الوحيد المتربع على عرش قلبك وهذا في حد ذاته سبب لي قلقا دائما …كان هناك دائما شخص يزاحمني عليه…و الدليل على ذلك بأنك لم تراعي مشاعري و لم تخشي سخطي على إتهامي..فالمحب يحسب حساب الشعرة التي تقصم ظهر البعير و الهباء التي قد تقع على الطعام فيفسده…لان مشاعره هي رأس ماله و أغلى ما يملكه في هذا الوجود …و الشخص الذي تحبه هو في وادي و كل العالم في وادي آخر…ولكن عبثا ذهبت نداءاتي…
لم تكوني ملكي يوما ما ولن تكوني ملكي…هذه حقيقة يجب أن اعترف بها…و يؤيده تجاربنا في السنوات الماضية…ولكن كنت اخدع نفسي و أواسيها و اشاغلها بشتى الطرق و الحيل…ظلت متشبثا بها … ممسكا بأوهن خيط يوصلني لها ، لكي أحاول الوصول اليها مرة اخرى بعد أن أنقطعت السبل بيننا…
حين تمرين في بلادك…قولي لها…لقد مشى عليك رجل احبني من كل قلبه…و كنت في كفة و كل الدنيا في كفة أخرى ، يخفض جناحيه لكي أتوسدهما ، و يلوي الحديد لكي يصنع منها رمزا أبديا لعشقنا …لقد مر من هنا ….ولن يرجع ابداً….