د . صباح ايليا القس
يتفق مؤرخو الادب على ان حماد الرواية هو اول من قام بجمع هذه الاشعار والقصائد المشهورة مع نهاية الدولة الاموية وابتداء الدولة العباسية .. وفي عددها اراء ايضا فمنهم من يقول انها سبع معلقات وبعضهم جعلها تسع وبل انها وصلت الى عشر معلقات .
ويقال ان حمادا رأى خمولاً في طلب الشعر وانصرافا عنه وزهداً فيه بعد ان كان الشعر الشغل الشاغل لاي اجتماع وفي اي مكان فلم يكن للناس من حديث سوى حديث الشعر يتسامرون به فهو تاريخهم ومجدهم وفيه توثيق اخبارهم وسيرة اجدادهم وقصص غزواتهم وللطراوة يتناشدون اشعار الغزل والحب .
اما الخمول فكانت هذه القصائد مبعث نشاط واقبال لتداولها ومعرفة لسيرة اصحابها وما تشتمل عليه هذه القصائد من قصص واخبار . لكن حمادا لم يطلق عليها اسم المعلقات بل قال ( هذه هي المشهورات ) لذلك فكلمة المشهورات هو اول اسم يطلق على المعلقات وهي من الشعر الجاهلي حصرا .. ويقال أن حماداً بهذا الفعل يعد اول من قام بجمع الشعر ومن حينها تنبه الناس الى هذا التراث الشعري فأخذوا يتداولونه ويبحثون عنه ويسجلونه في قراطيسهم فاذا كان هذا الاقبال انطلق الرواة في جزيرة العرب لتسجيل الشعر والاخبار فاشتهر منهم ناس بالامانة بينما سجل التاريخ عن بعضهم صفة التحايل والكذب .
لم يكتفِ الناس بما جمعه حماداً الرواية بل اشتغل الناس على هذه القصائد المختارة شرحا وتفسيرا وتحليلا وحفظا وتاريخا بل وجعلوها من لوازم المعرفة حينها حتى ان بعضهم درس شعراء المعلقات وانسابهم وتواريخهم وقبائلهم وسير حياتهم وسبب انعقاد هذه المعلقات وذيوعها وتفوقها على غيرها من القصائد .
اما اسم المعلقات فهناك اجتهادات في هذه التسمية فمنهم من يقول انها من ( العِلق ) اي القلادة فهذه القصائد هي قلائد الشعر كذلك يقال انها من التعليق لان الملك كان يقول علقوها في خزانتي والملك يقصد به النعمان بن المنذر ملك الحيرة كذلك التعليق يعني الشرح والتحليل او بيان معاني الكلمات لمن ابتعد به الزمن فلا يفهم بعض الكلمات .
ونقلا عن ابي عبد ربه الاندلسي ( ان هذه القصائد كتبت بماء الذهب في القباطي وعلقتها باستار الكعبة ) وقبلها هناك من قال انها كتبت بحروف الذهب وماء الذهب .. فحروف الذهب فيها شيء من المبالغة اذ لا بد من صائغ ولا بد من دافع المال ولا بد من حماية مع العلم ان الكتابة العربية كانت في بداياتها من دون نقاط او حركات .
اما ماء الذهب فهو مادة كيميائية يستعملها صاغة الذهب وهي مادة حارقة وهذه ايضا مبالغة لا يقبلها العقل .. ومن هنا جاء اسم المذهبات تسمية للمعلقات .
هذه الروايات تتعارض مع ما نعرفه من قصة ان الشعراء اجتمعوا في سوق عكاظ في ايام الموسم وهو من اشهر اسواق العرب المعروفة سابقا وهو للبيع والشراء والتعارف والتزاوج وانشاد الشعر للتفاخر والتباري في قول الشعر . وكان النابغة الذبياني هو من يحكم بينهم والجميع يرتضون حكمه باتفاق الاراء ..
وهناك من النقاد من يرفض هذه النظرية جملة وتفصيلا لا سيما اجتماع الشعراء وتحكيم النابغة .
خلاصة ما نريد قوله ان المعلقات التي نعرفها اليوم كانت لها اسماء غير ما نتعارف عليه اليوم او ما شاع وثبت وانتشر حيث سبق ان اشرنا الى اسماء اخرى سجلتها روايات التاريخ وتجاوزها المعاصرون . نلخصها بقولنا ( المشهورات , المذهبات او السبع الطوال واخيرا المعلقات وذلك هو الاسم الشائع .