حوار رووداو مع المفكر العراقي عبد الحسين شعبان

 

 

متابعة التآخي

أكد الكاتب والمفكر العراقي عبد الحسين شعبان، أن المنطقة ستبقى تعاني من حالة عدم “اللا استقرار” وانعدام السلم والتقدم والتنمية، ما لم يتم الاعتراف بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني والشعب الكوردي، مشيراً إلى أن القضية الفلسطينية والكوردية معتقة ومزمنة في دول المنطقة.

 

جاء ذلك في حوار أجراه نيونر فاتح مع عبد الحسين شعبان، الخميس (10 تشرين الأول 2024)، ناقش معه ما تعيشه المنطقة من حرب تشنها إسرائيل على قطاع غزة الفلسطيني وجنوبي لبنان، ومآلات الصراع.

 

وأدناه نص الحوار:

 

رووداو: مرحباً مشاهدينا، نحاور في أربيل المفكر العراقي والعربي عبد الحسين شعبان.. أنت تأتي من بيروت من لبنان، والاهتمام العالمي حالياً صراحة انتقل من غزة إلى لبنان. كيف هو الوضع الراهن في بيروت؟

 

عبد الحسين شعبان: بعد حرب الإبادة التي تعرضت لها غزة منذ فترة، انتقلت حرب الإبادة إلى لبنان لتوسيع دائرة الحرب. هدف إسرائيل، ورئيس الوزراء نتنياهو تحديداً، هو توسيع دائرة الحرب وألا تتوقف الحرب. لذلك، لبنان الآن في أشد المعاناة. أولاً، جرى تدمير مناطق كاملة من بيروت، وجرى تشريد أكثر من مليون نازح ولاجئ أصبح داخل لبنان وخارجه، إضافة إلى انعدام الحياة الطبيعية بكل ما تعني الكلمة من معنى، أي انعدام الخدمات الطبية في بيروت، تحديداً مناطق الضاحية الجنوبية وما حولها. ثانياً، توقفت الدراسة تماماً، وانعدمت أبسط أمور الحياة من الكهرباء والماء والوقود والغذاء أحياناً، وغير ذلك. إضافة إلى أن هذه الحرب مفتوحة على عدة أمور دون توقف، كما أن هناك محاولات للاجتياح من شمال لبنان، يعني جنوب اللبناني، شمال فلسطين أقصد.

 

قضيتان رئيسيتان تعيشهما دول المنطقة، القضية الكوردية والقضية الفلسطينية. القضية الكوردية قديمة ومزمنة في دول المنطقة، وإن لم يتم الاعتراف بحق تقرير المصير، ستبقى هذه المنطقة تعاني من حروب ونزاعات وصراعات واحترابات داخلية أيضاً. وكذلك القضية الفلسطينية، إن لم يتم الاعتراف بحق تقرير المصير وإقامة الدولة الوطنية الفلسطينية القابلة للعيش وعاصمتها القدس الشريف، وعودة اللاجئين الفلسطينيين، لا يمكن لهذه المنطقة أن تعيش حالة من الاستقرار والسلم والتقدم والتنمية.

 

بهذا المعنى، 4 ملايين ونصف إنسان في لبنان الآن يعيشون في حالة من الخطر المحدق، ولم تعد الضاحية لوحدها هي المهددة، وإنما الضربات الصاروخية والاستهدافات الإسرائيلية العدوانية شملت مناطق أخرى من لبنان، ويمكن أن تتوسع إلى مديات أخرى.

 

رووداو: أنت شاهد على أحداث المنطقة.. كيف نُعرِّف ما يحدث الآن؟ هل نحن داخل أحداث مشابهة لما حصل مثلاً في عام 1967 من القرن الماضي أو عام 1973؟ هل هذه حرب عربية – إسرائيلية؟ حرب مذهبية – إسرائيلية أو حرب إسلامية – يهودية؟

 

عبد الحسين شعبان: دعني أقول لك إن جوهر العدوان هو واحد. وجود إسرائيل في المنطقة منذ عام 1948 كان بؤرة للعدوان وبؤرة للتوتر أيضاً وقاعدة للتوسع على حساب الجيران حتى بعد قرار الأمم المتحدة 181 في عام 1947، الذي أقيمت بموجبه إسرائيل عام 1948 وحتى عام 1967. هي حرب بين دول، جبهات مفتوحة، وحرب تقليدية كلاسيكية، اصطدامات واقتحامات ودفاعات واستهدافات وفصل قوات لاحقاً. حرب 1973 أيضاً هي حرب بين دول، وهذه الحرب ربما هي أقرب إلى الاجتياح الإسرائيلي إلى لبنان عام 1982 وإن اختلف الأمر في هذه الحرب. إسرائيل اجتاحت غزة بالكامل ودفعت السكان المحليين إلى رفح إلى الجنوب، وأبادت ما أبادت حتى الآن، أكثر من 150 ألف بين قتيل وشهيد وجريح، إضافة إلى أن الحياة أصبحت تكاد تكون مستحيلة في القسم الأكبر من غزة بنسبة تصل إلى 85%. أصبحت الحياة فيها مستحيلة، ويراد نقل هذه التجربة إلى لبنان استباحات ودخول محدود، ولكن الضربات الصاروخية والقصف من الجو عبر المسيرات والطائرات وقتل بعض العناصر، بما فيهم السيد حسن نصر الله، الذي يشكل رمزية بالنسبة للكثير من حركات التحرر اللبنانية أو العربية أو حتى الأجنبية. هذا الأمر ضاعف من الدمار الذي حصل ويحصل في لبنان، لهذا هذه الحرب هي عدوان بكل ما تعني هذه الكلمة مكتمل الأركان من الناحية القانونية وهي في نفس الوقت حرب إبادة بتوصيف من الأمم المتحدة، التي وصفت الحرب في غزة باعتبارها حرب إبادة، والآن بالنسبة للبنانيين هي أيضاً حرب إبادة. ولذلك، دولة مثل فرنسا طلبت أن توقف الدول المانحة للسلاح لإسرائيل أن توقف بيع السلاح أو نقل السلاح إلى إسرائيل، لأن هذه الحرب التي تجري في لبنان منذ أسابيع هي أقرب إلى حرب الإبادة التي كانت في غزة أيضاً.

 

رووداو: ليس هناك لاعب واحد على الساحة، إنما متعددون. لكن برأيك، من هو السبب وراء استمرار اللااستقرار في المنطقة عموماً؟

 

عبد الحسين شعبان: اللااستقرار في المنطقة ليس من اليوم، بل منذ عام 1948 بدأت هذه الحالة من خلال طرد الفلسطينيين، وعدم قبول قرار حق العودة رقم 197 لعام 1948-1949، وعدم التزام إسرائيل حتى بشروط الهدنة التي وقعت معها، ومع محاولة التوسع ومحاولة شفط مياه الأرض من الأراضي الفلسطينية ومن الأراضي التي حواليها مثل الأردن. استمرار عمليات الإجلاء والإحلال وبناء المستوطنات، وإلى آخره. هذه البؤرة أو هذه القاعدة للتوسع للحرب وللعدوان ما تزال مستمرة، وهي التي سببت في أن تعيش المنطقة حالة “اللااستقرار”، لكن هذا ليس لوحده. وهذه الحالة دفعت بالبلدان العربية إلى العسكرة والتسلح وإلى وقف التنمية أو تعطيل التنمية ووقف الإصلاحات بحجة أن العدو يدق على الأبواب. لذلك، بدل من التطور المدني الواعد الذي كان في مصر وسوريا والعراق في الثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات، بدأت حالة النكوص، وتسلطت حكومات عسكرية دكتاتورية على البلاد وتعطلت التنمية. إضافة إلى ذلك، بدأ التعصب يسود داخل هذه البلدان تحت عناوين مختلفة، التعصب في داخل البلدان العربية مقابل التعصب داخل إسرائيل، وبدأت بعض القوى تنغلق على نفسها أكثر فأكثر بحجة الدفاع عن الوطن ضد إسرائيل وضد عدوانها. التعصب إذا ما ساد وهيمن وتحول إلى سلوك يصبح تطرفاً، والتطرف إذا ما تحول إلى فعل انتقل من الفكر إلى الفعل، سيصبح عنفاً، والعنف إذا ما ضرب عشوائياً سيصبح إرهاباً، خصوصاً إذا كان عابراً للحدود ويستهدف إضعاف ثقة الدولة بنفسها وإضعاف ثقة المجتمع والمواطن بالدولة وبالمجتمع المدني. لذلك، هذه الأمور، يضاف إلى ذلك التقاطعات والمصالح الإقليمية، حيث لدينا إيران أيضاً لديها مشروعها القومي الأيديولوجي الذي بمسحة طائفية، ولدينا أيضاً المشروع التركي العثماني الأيديولوجي القومي بمسحة طائفية أيضاً. هذه المشاريع كلها تتقاطع في الأرض العراقية، في الأرض العربية لتخلق حالة لا استقرار. وأضيف إلى ذلك -وهذا مهم جداً- أن الغرب بأطماعه التاريخية، بمحاولاته نهب ثروات دول المنطقة وإشغال شعوبها باحترابات داخلية، لعب ويلعب دوراً في تذرير المنطقة وتقسيمها وتفتيتها وتحويلها إلى دوقيات أو إمارات مصغرة، لكي يكون الجميع أقليات وبينهم أقلية متميزة علمياً وتكنولوجيا ومدعومة من الغرب اسمها إسرائيل. وكان وزير الخارجية الأميركي السابق هنري كيسنجر في العام 1975 قد قال علناً: “يجب أن نشيد إمارة وراء كل بئر نفط”. هذا نفسه مشروع برنارد لويس في عام 1979 الذي تبناه الكونغرس عام 1983 في جلسة سرية، بأن دول المنطقة ينبغي أن تتقسم إلى 41 كياناً ولا أحد سيعفي نفسه من عمليات التقسيم، لا الذي هو موالي للغرب ولا الذي يزعم أنه ضد الغرب ولا الذي يحاول أن يهادن الغرب سيكون معفياً من هذا التقسيم.

 

رووداو: كيف ترى وتقيّم دور الدول الخارجية على الوضع الراهن في المنطقة حالياً؟ كيف ترى وتقيّم دور الدول الخارجية والإقليمية أيضاً على ما يحدث في المنطقة؟

 

عبد الحسين شعبان: في الواقع، الولايات المتحدة حسب تصريحاتها هي الشريك فيما قامت وتقوم به إسرائيل في غزة بزعم الدفاع عن النفس. وحسب القانون الدولي والمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة لا ينطبق هذا على قيام إسرائيل بحرب إبادة ضد الشعب العربي الفلسطيني في غزة ولا ضد الشعب اللبناني ولا عمليات الاستهدافات الأخرى. هذا أولاً. ثانياً، أنها مدت وتمد إسرائيل بكل الأسباب التي تساعدها على استمرار عدوانها. ثالثاً، حتى من الناحية السياسية والدبلوماسية عندما تصرّح بأنها تريد وقف هذه الحرب بشروط، وإعادة الأسرى والمختطفين وغير ذلك، فهي تجانب الحقيقة عندما تتبنى وجهة النظر الإسرائيلية. هي بحكم مسؤوليتها كدولة دائمة العضوية في مجلس الأمن، كان عليها أن تتخذ قراراً حازماً عبر مجلس الأمن، بإصدار قرار حازم إن لم تنفذه إسرائيل سيُطبّق عليها الفصل السابع، أي المواد من 39 إلى 42 من ميثاق الأمم المتحدة. هي لم تتخذ هذا الموقف ومعها بريطانيا وألمانيا وفرنسا في البداية وإن تغير الموقف الفرنسي بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان، إضافة إلى دول مثل إيطاليا وغيرها. بهذا المعنى، حجّ هؤلاء رؤساؤهم من بايدن وأوستن وزير الدفاع الأميركيين، إضافة إلى وزير الخارجية الأميركي حجّوا إلى تل أبيب بعد عملية “طوفان الأقصى” لإبداء التضامن والدعم لإسرائيل وتشجيعها على ما قامت به وتقوم به في غزة. لهذا أظن أنه لو كان المجتمع الدولي على ما هو عليه في السابق وفيه نوع من التوازن، ولو افترضنا وجود الاتحاد السوفيتي السابق، لما حصل ما حصل للفلسطينيين وللعرب اليوم. العرب إضافة إلى أن عدد من الحكومات العربية كانت تريد التطبيع مع إسرائيل، وبهذا المعنى انشغلت عن دعم الفلسطينيين للتفكير بعلاقات ثنائية بينها وبين إسرائيل.

 

الأمر الآن يحتاج إلى إعادة نظر. العرب الآن كلهم أصبحوا مستهدفين، ليس العرب فقط، بل المنطقة كلها أصبحت مستهدفة. إسرائيل تتغول ولا أحد يلجمها، بما فيهم الولايات المتحدة التي هي عرابها في المنطقة، لا تريد أن تلجم إسرائيل، بل تريد أن تكمل عملية الإبادة وتكمل مشروعها فيما أعلنته. ورغم مرور هذه الفترة، لم تحقق إسرائيل الأهداف الكبرى التي أعلنت عنها، أي لم تُنهِ المقاومة، ولم تستطع فرض شروطها، ولم يستسلم الشعب العربي الفلسطيني أو الشعب اللبناني، ولم تستعد الأسرى الذين هم هدف مكمل للأهداف الأساسية، ولم تفكك البنية التحتية لهذه التنظيمات التي تطلق عليها “إرهابية”، لأن الشعب الفلسطيني شعب يدافع عن وطنه وأرضه وحقه في تقرير المصير.

 

قضيتان رئيسيتان تعيشهما دول المنطقة، القضية الكوردية والقضية الفلسطينية. القضية الكوردية قديمة ومزمنة في دول المنطقة، وإن لم يتم الاعتراف بحق تقرير المصير، ستبقى هذه المنطقة تعاني من حروب ونزاعات وصراعات واحترابات داخلية أيضاً. وكذلك القضية الفلسطينية، إن لم يتم الاعتراف بحق تقرير المصير وإقامة الدولة الوطنية الفلسطينية القابلة للعيش وعاصمتها القدس الشريف، وعودة اللاجئين الفلسطينيين، لا يمكن لهذه المنطقة أن تعيش حالة من الاستقرار والسلم والتقدم والتنمية.

 

حتى لو استمرت هذه الحرب إلى حين آخر، لا بد من حل سياسي. كل الحروب تنتهي بحلول سياسية. لاحظ أن الحرب التي دامت في أوروبا ثلاثين عاماً انتهت باتفاقية ويستفاليا عام 1648. هذه الاتفاقية نظّمت العلاقات بين الإمارات والدوقيات والفدراليات الأوروبية، وقررت أن تعيش بسلام، وأن تعترف كل منها بسيادة الآخر وحقها في ممارسة شعائرها الدينية. بعد ويستفاليا، نشأت الدولة القومية في أوروبا، ومع صعود الرأسمالية في أوروبا أصبحت الطابع العام للتطور التاريخي الذي حصل على الصعيد العالمي. لا بد من حلول سياسية، لكن الحلول السياسية تحتاج إلى توازن قوى “balance of power”. هذا التوازن مفقود بالوقت الحاضر

 

رووداو: هل تعتقد أن الحل السياسي والدبلوماسي باستطاعته إنهاء ما يحصل في المنطقة؟

 

عبد الحسين شعبان: حتى لو استمرت هذه الحرب إلى حين آخر، لا بد من حل سياسي. كل الحروب تنتهي بحلول سياسية. لاحظ أن الحرب التي دامت في أوروبا ثلاثين عاماً انتهت باتفاقية ويستفاليا عام 1648. هذه الاتفاقية نظّمت العلاقات بين الإمارات والدوقيات والفدراليات الأوروبية، وقررت أن تعيش بسلام، وأن تعترف كل منها بسيادة الآخر وحقها في ممارسة شعائرها الدينية. بعد ويستفاليا، نشأت الدولة القومية في أوروبا، ومع صعود الرأسمالية في أوروبا أصبحت الطابع العام للتطور التاريخي الذي حصل على الصعيد العالمي. لا بد من حلول سياسية، لكن الحلول السياسية تحتاج إلى توازن قوى “balance of power”. هذا التوازن مفقود بالوقت الحاضر. الفلسطينيون أو اللبنانيون أو المقاومون لوحدهم، في حين أن مع إسرائيل الولايات المتحدة والدول الكبرى. بالتالي، لا بد للضمير العالمي أن يتحرك. وقد تحرك فعلاً؛ 62 جامعة أميركية جرت فيها احتجاجات كبرى وعدد من الجامعات الأوروبية، وهناك نهضة في موقف عدد من اليهود أيضاً في أوروبا وأميركا ضد ممارسات إسرائيل العدوانية. كما أن جزءاً من الرأي العام داخل إسرائيل بدأ يقف ضد سياسات نتنياهو العدوانية، ويحتاج هذا إلى دعم دولي وعربي بالأساس. علماً بأنه لأول مرة لم يكن الرأي العام العربي بالمستوى المطلوب، وهذا أمر محزن ومؤسف، في حين أن أميركا اللاتينية أو بعض الدول الأفريقية أو بعض الدول الآسيوية، إضافة إلى العديد من المدن الأوروبية، كانت سبّاقة للاحتجاج على ما قامت به إسرائيل في غزة وما تقوم به حالياً في لبنان.

 

رووداو: هناك رأي داخل بعض المثقفين العرب. أنت تحدثت عن الخطر على جميع الدول العربية، لكن هناك أيضاً فريق يقول إن ما يحدث هو حرب بين إيران وأذرعها في المنطقة مع إسرائيل.. ما دخل العرب في هذا؟ قادة العرب لم يوافقوا ولم يصدروا الضوء الأخضر لبدء الهجوم على إسرائيل، فلماذا على العرب تحمل المسؤولية تجاه ما يحدث في المنطقة؟

 

عبد الحسين شعبان: جزء من هذا الكلام صحيح، وجزء منه خاطئ. بدليل أن إسرائيل قامت بعدوان قبل وجود الثورة الإسلامية في إيران. في عام 1948، توسعت على حساب قرار التقسيم، وفي عام 1952، أصدرت قوانين للجنسية دفعت الفلسطينيين إلى الخارج وأحلت محلهم اللاجئين الذين جاءوا من أصقاع الدنيا ليصبحوا مواطنين، وأصبح أصحاب الأرض الأصليون لاجئين. في عام 1956، شنت إسرائيل حرباً على البلاد العربية بالتعاون مع بريطانيا وفرنسا، وهو العدوان الإنجلو-فرنسي-الإسرائيلي على مصر بعد تأميم قناة السويس. في عام 1967، شنت حرباً على البلاد العربية، وفي عام 1973 دخلت في حرب، وفي عام 1982 اجتاحت لبنان. لم يكن لإيران أذرع آنذاك بالمعنى الذي تفضلت به، أي لم يكن لها أتباع أو مؤيدون يشتركون معها في الولاء لذات القيم أو المفاهيم أو المبادئ.

 

من جهة ثانية، فلسطين ما تزال محتلة، والشعب الفلسطيني لم يحقق إرادته في تقرير المصير. هذا سبب موضوعي، حيث إن إيران موجودة أو غير موجودة، فسيظل هناك سبب يدعو إلى المقاومة. ولا أظن أن شعباً يتعرض للاحتلال ولا يواجه المحتلين بالمقاومة. مثل هذا الشعب سيكون شعباً من العبيد وليس شعباً حراً مثل الشعب العربي الفلسطيني أو مثل كل شعوب المنطقة كالشعب الكوردي وشعوب المنطقة الأخرى. من جانب آخر مهم، إسرائيل ترتكب عدوانات مستمرة. بمعنى أن العراق لم يدخل معها في صراع آنذاك، لكنها قامت بقصف المفاعل النووي العراقي عام 1981، في حين كان العراق منشغلاً بالحرب العراقية-الإيرانية. على سبيل المثال أيضاً، قامت بقتل العديد من العلماء العراقيين والعرب ومن دول المنطقة. هي (إسرائيل) تمارس دور الشرطي في المنطقة، وتقوم بعمليات اغتيال تحت عناوين الدفاع عن النفس ولا أساس لها في القانون الدولي، وأنا أتحدث هنا من الزاوية القانونية أيضاً.

 

لذلك، إيران تستثمر هذا بإعلان موقفها من إسرائيل، والأخيرة تتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني، فتجد القوى المناهضة لإسرائيل حجة في تحريك هذا الوسط أو دفع هذا الوسط أو دعمه. هذا الكفاح من الناحية القانونية مشروع، لأنه دفاع عن الوجود وحق تقرير المصير وإقامة الكيانية التي يستحقها الشعب العربي الفلسطيني أسوة بالشعوب الأخرى.

 

رووداو: المفكر العراقي العربي عبد الحسين شعبان، شكراً جزيلاً على هذه الفرصة.

 

قد يعجبك ايضا