اعداد: عدنان رحمن
اصدار 14- 10- 2024
في العام 1981 وتحت عنوان ( سلسلة ديوان الشعر العربي الحديث- 155) صدر عن الجمهورية العراقية- وزارة الثقافة والاعلام- دار الرشيد للنشر، ومن توزيع الدار الوطنية للتوزيع والاعلان- دار الحرية للطباعة- بغداد، صدر ديوان شِعِرْ لزهير احمد القيسي بعنوان ( اغاني الشبّابة الضائعة)وفي مقدمته ورد:
– ” لم يجيء نشر هذا الديوان متأخراً بعض الشيء ! فقد كان لابد لقصائد المرحلة الاولى – الخمسينيات من القرن العشرين على الاقل – ان تنشر في حينها ولكن هذا يحدث لاسباب عديدة كثيرة!. وأول ملاحظة على هذا الشعر انه يمت بالنسب الصريح الى فترة الشعر الرومانتيكي الذي راجت سوقه في الشعر العربي عامة بعد الحرب العالمية الثانية – في العراق خاصة – وان كانت جذوره تعود الى ما قبلها ، أي الى الثلاثينيات والأربعينيات من هذا القرن على الأقل. وربما كنت انا احد التلامذة الاوفياء لمدرسة الشعر الرومانتيكي بكل مواصفاتها من يأس وحزن ودموع ورغبة في الموت وحب قانط من طرف واحد وكآبة وهم الى آخر قائمة مفردات الشعر الرومانسي المعروفة . حتى القصائد القليلة التي تنبض بحس وطني أو اجتماعي أو سياسي أو ثوري أحياناً لا تخرج عن نطاق هذه المدرسة التي كان اساتذتها بيرون وكيتس و شيللي من الانكليز والهمشري وعلي محمود طه والشابي وسواهم من العرب. ولما كانت هذه القصائد جميعها قد نشرت وأعيد نشرها دون استثناء في شتى صحف ومجلات العالم العربي، فقد رأيت ان جمعها واجب تأريخي.. لأنها خرجت عن ملكيتي بنشرها وصار من واجبي جمعها اذ انها غدت ملكاً عاماً للتأريخ وهكذا فلم أتصد لتحريكها الا قليلا ولم أعمد لتغيير بنيتها أو الفاظها الا في القليل النادر مما لا يتعارض مع أصله ولم أحاول تعديلها بل ابقيتها على حالتها التي نشرت فيها حفاظاً على الامانة التأريخية وان رتبتها- وفق ما استطعت – على مسارها الزمني تيسيراً للمطالع والناقد. ختاماً لابد أن أشير بالتحية لاولئك القلائل من الكتاب والنقاد المنصفين الذين انتبهوا الى قصائدي المبددة في الصحف والمجلات العربية – وما اكثرها على مدى ثلاثين عاماً ـ فأشاروا الى دَوري المتواضع في الشعر العراقي مثل طراد الكبيسي ومحمد حسين الاعرجي ويوسف الصائغ وعدنان الراوي و محيي الدين اسماعيل وعبد الرزاق عبد الواحد وعبد الخالق فريد وعلي حسين العويد ومحمود العبطة وحسين مردان وسواهم ممن بدد الزمن اسماءهم من ذاكرتي المتهافتة ، فذكروني في جملة شعراء الخمسينيات ، والى الكتاب والنقاد الآخرين ممن بحثوا في الشعر العراقي المعاصر فلم اكن لديهم مذكورا !! كما اشير بالتحية والشكر والامتنان الى العون الذي اسداه لي عدد من الأصدقاء الكرام أخص منهم بالشكر الوفير الاستاذين الشاعرين رشید ياسين وعبد الصاحب ياسين اللذين كان لهما الأثر الكبير في توجيهي والأخذ بيدي في مطلع شبابي الى طريق الشعر والمعرفة اذ كانا أول من استمع الى قصائدي الأولى في بداية الخمسينيات من هذا القرن وآخر من أذكر في هذه ( المقدمة ) والدي فقد كان لقمعه المتواصل لتوجهاتي الشعرية بداياتها الاولى الاثر الكبير في اندفاعى بعناد في هذه الطريق الشائك … الطريق الذي أشك في أن اكون قد أفدت منه شيئاً ولكنني واثق من انني خسرت الحياة بأجمعها في سبيله!!. وأود أن أهدي هذا الديوان بكل ما فيه الى أولادي الاعزاء احمد وبهاء وقيس وكعب وقين ليكون لهم ذكرى من أبيهم المحب.
بغداد – عيواضية
زهير أحمد القيسي”.
ومن الشعر الذي كتبه ومنها القصائد:
– ” مرثية حسين مردان
أصعبٌ هو المرتقى ؟!
أمرٌ هو الملتقى ؟!
أذاك هو الدرب ؟! ماذا يقول الحداة ، إِذا دَجَنّ أحدقا
ترى حين تطبق كف الردى .
أتجدي الرقى ؟!
توقيت ريب المنون .. فهل يتقى ؟!
على كأس خمر ، سواء ، ودنيا هدى ، أو تقى !
أأخرس خوف الردى لسانك والمنطقا ؟!
لقد كنت تخشى الدجى والمنون .. فكيف إذا أطبقا ؟!
تقول : وداعاً .. أقول : إلى الملتقى !
۱۹۷۲
يا ديالى
آه لو عدنا سوياً يا ديالى
في غد نمشي على الجرف اختيالا
نحجب الشمس باوراق جريده
وعلى الماء شراع يتلألأ
و عصافير شريده
تنقر الحب وتجتاب الظلالا
آه لو عدنا سوياً يا ديالى
★
وخطت على دفتري كلمتين :
( أحبك من كل قلبي)
ليحفظك الله لي
ليحفظك الله أنت
لقلبي ، ويبقيك لي
فأنك معنى حياتي
و مطمح مستقبلي
تساءلت والدمع في مقلتي
وملء ضلوعي نحيب
أأهواك حقاً ؟ أأهواك يا
ورد الفضاء بصوت رهيب :
فؤادك يهوى فقيم السؤال
وتلك شهود الهوى الثائر
على مقلتيك دموع
وهذا الحنين الذي في الضلوع
لقد صغرت كلمات الهوى
فليست تفید
وليست تعبر عما أريد
فحبك اعظم من ان يسمى
هوى أو غراما
وحق صغيرك يا جنتي
احبك وليأخذ الموت روحي
اذا ما كذبت عليك
وان خنت هذا القسم
لینهش دود القبور جروحي
وتسلمني للعدم
يد الله ، فالله حب
واني احبك يا جنتي
١٩٥٩
طفلة
طفلة باركها الفن فغامت في خيالي
و تناهت مثل افق راعش الألوان حال
مثل سر اصفر الألوان في قلب المحال
كأبتسامات جنون حف بالنور المهال
انت لحن مد في انشاده خيط ابتهال
كأنين جال كيما يرتوي بين الدوالي
صفرة الوهم واطراق امانيَّ الخوالي
هدهت ظناً تواری كقصاصات عجال
وروى خمر حياة من معاصير التلال
نهضت دنيا لتفنى في وجودي وخيالي
١٩٤٩”.
وعن مكتبة ملهم في العام 2024 صدر كتاب بعنوان ( طلايب جاسمية وأبو جاسم) الذي هو مشاهد من الأدب الساخر للصحفي والباحث مؤيد عبد الستار ومنها:
– ” مشهد رقم ( 23)
جاسمية تغني أجلبنك ياليلي.. يا أبو جاسم
* يلوم المادره بعلتي شامرها
– ها.. أنا أخو المصرف جاسمية.. خير .. خو ما كو شي؟
* لا .. ما كو شي.. حكومتكم المابيها طعم .. لا شيش ولا كباب
– يا معوده بس كولي… أنا عندج
* هاي من ..شوكت بعد ما فرهدت صندوك العرس !
– اهو .. هم رجعنا على سالفة عام الاول .. هسه شتردين.. فلوس؟؟ أنا حاضر
* إي.. مبيّن عليك الخير .. شو لابس نعال جديد… من أين لك هذا؟
– الله وأكبر .. هسته إنتِ حاسدتني على هذا النعال كاعدتلي ركبه ونص، من عين لك هذا
* لا .. مو حجيك ثكيل اليوم مال شتردين آني حاضر .. هاي مو من عوايدك
– وداعتج جاسمية.. أخلي الزور خواشيج والشط مرك.. إنتِ تامرين.
* ما كتلي.. من أين لك هذا؟
– شوفي جاسمية.. مجلوب السلف صار جبير بالوزارة.. واحنا راح نبربع
* هم رجعنا على المجلوب.. ما تفك ياخه من هالطلابة
– لا .. هسه أسولفلج وانتِ احكمي.. مجلوب السلف صار مدير التشريبات بالوزارة وأني
أساعده بعد الدوام
* تشريبات شنو لا يكون تريد تگول مدیر تشریفات
– ما أدري.. يكول صار مسعول الضيافة
* هاي هيه!!
– إي جا هيه قليلة … يا جاسمية.. ما يسوي الوزير شي الا هو يعرف.. واسطته
صارت يم نجم سهيل
* وانت شنو محلك من الاعراب؟ تشرب شاي ويه الوزير بعد الدوام؟!
– لا .. شمالج گلب سمجه.. أروح بعد الدوام ومجلوب يناوشني هل الله قاسمه.. لان آني
أمشي الواسطات
* يعني تاخذون رشوة.. خوش والله.. وجاي تكول إطلبي شتردين
– إنت ليش تسميها رشوة.. سميها عمل خير وهدية لوجه الله .. العقربون أولى بالمعروف.
* یا اقربون شنو أنت عم الوزير خال الولد ؟ لو مجلوب السلف من عقربون الحكومة؟
– خليها سكته يا جاسمية .. لا تفضحينه هاي الشغلة هم راح تسديها بوجهنه
* شوف أبو جويسم .. تجوز من هالسالفة تجوز .. لو أحلف بهاي المسية.. أخذ الفاسة
والبس السترة الصفرة والم الناس عليكم
– جاسمية مجلوب السلف مواعدني بنعال تسكام حياوي.. انتِ ليش تقطعين رزقنا
* اسمع أبو جويسم: أجلبنك ياليل ثنعاش تجليبه.. طاري هالجلب أرجوك لاتجيبه
***
مشهد رقم ( 25)
جاسمية وغراميات أبو جاسم
* فاسقني كأسا وخذ كاساً اليك… فلذيذ العيش أن نشتركا
– هاي شنو أبو جويسم … شو هم رجعنا على الكاس والطاس
* يعني قابل آني ناظم هاي القصيدة العصماء.. ما سمعتي داخل حسن يغني- ياغزال الكرخ
ياويلي عليك.. انا الياويلي
– لا يابه داخل حسن ما غنه هاي الاغنية .. داخل حسن غنه يمه يا يمه
* إي انتِ ظلي بها العقل البارحة مجلوب السلف سمعنا قوان مال زمان الاول.. أبو كاظم
يغني: اويلي يا ويلي.. انا الياويلي
– والياويلي شجابها على غزال الكرخ
* يعني غير غزلان الكرخ ياخذن العقل.. مخصوص بعد البيك الثالث.. ايباه.. شلون
زحلاوي عد مجلوب السلف.
– اي بالكرخ غزلان؟ وهنا بالرصافة احنا طليان.. هذا قصدك ها؟؟
* لا .. وداعتج جاسمية.. سويلي ما عون جاجيك.. اجيبلج باجر جرغد بریسم
– وهذا صاحبك شلون يكول: فاسقني كاسا وخذ كاسا اليك فلذيد العيش أن نشتركا
* ليش شبيها.. كاس اله وكاس الي..
– لا .. هو إذا صدك يحب، ما يؤمر حبيبه
* اگلج .. انتِ هواي ثخنتيها .. هو بيك زحلاوي.. دخلتيها بايراد ومصرف.. متگليلي
شيكول يرحم ذاك الأب؟
– يگول: اتهنه باول كاس والثاني ليه… يا اسمر لذيذ العيش نشرب سويه- مو يكول اسقيني
أول كاس واخذ الثاني الك”.