جدلية السياسة والأخلاق

 

 

 

 

خالدة خليل

يعيش الشرق الأوسط مخاضاً حضارياً صعباً لولادة مرحلة جديدة ومغايرة يجب التهيئة لها من الآن ، وذلك بالإستفادة من التجارب التاريخية والأحداث الكثيرة التي مرت بها المنطقة من نكبات واحتلالات وثورات واستقلالات وأزمات تكاد توصف بأنها مستمرة أدت إلى خلق الفوضى وعدم الإستقرار.

 

ومن الأخطاء الشائعة في تعريف السياسة هو تبرير الرضوخ للواقع على أعتبار أن السياسة هي فن الممكن حسب تعريف الواقعيين لها  ، بينما كان القصد من العبارة بمعناها العميق هو أن السياسة فن التغيير ولكن بشكل موضوعي يدرك الحقائق الواقعية ويتعامل معها بطريقة التوازن بين النتائج والقيم .

 

فقد عادت إلى الواجهة مرة أخرى جدلية العلاقة بين السياسة والأخلاق ، مع تطور الأحداث في الشرق الأوسط وطبيعة هذه التغييرات التي يرافقها العنف والدم .

 

وأياً كانت الأسباب التي تحاول أن تبرر العنف والموجبات التي تدعم طريق الدم، فإنها بالتالي لن تفضي إلا إلى المزيد من النكبات .فالعنف لايوّلد إلا عنفاً .

 

ولذلك كانت الديمقراطية واتباع الأساليب المدنية هي الأكثر تأثيراً ، لأن الفضيلة السياسية ( وهو ما ندعو اليه ) لا تستطيع النمو في مناخات التطرف والعنف والعزلة التي يرافقها غياب الحقوق والحريات ، ولتصبح الديمقراطية هي الخيار الوحيد في بناء مجتمع عانى فيه الإنسان الشرق أوسطي من تاريخ طويل من التهميش والتسلط والقمع في مواجهة العنف وحسم صراعات المصالح السياسية ، ويتبعها العمل على إنضاج آلية لتكريس قوانين عادلة تصون حقوق الناس وترعى مصالحهم ، بإرساء قواعد للسلوك السياسي الذي تنظمه القيم الأخلاقية والإنسانية في المجتمع  .

 

لا شك أن غياب البعد الأخلاقي عن السياسة يجعلها تتحول إلى سياسة تعبوية وتتحول السلطة في الدولة إلى سلطة تقنية تعمل على  تنظيم الحياة العامة لكنها ستعجز عن تحقيق تنمية المجتمع وقيمه وحرية الإنسان وكرامته ، لذا لابد من وجود البعد الأخلاقي في السياسة .

 

 

قد يعجبك ايضا