بنية الإيقاع القصصي في (ضحكات شوبنهاور السعيد) لرأفت عادل

 

محمد يونس محمد

موجز نظري

تشكل القصة على المستوى العضوي عصب اساس للحياة، فالحياة عالم واسع من القصص، وقصص الحياة لا تستند على أفق نظري كما لمفهوم القصة في البعد الأدبي، والقصة بذلك الانتقال من بعد الواقع والحياة العملية والوجود البشري إلى البعد الأدبي، ونظرية القص التي قدمها لنا رولان بارت في كتاب غير واسع قادنا فيه نحو وجهة نظر، اما سوزان لوهافر فقد وسعت فكرة مفهوم القصة النظري المقابل للبعد العضوي والعملي للقصة في كتاب – الاعتراف بالقصة القصيرة – ، وقد اعتبرت القصة ذلك العالم الشاعري، والذي يسمى بصيغة مغالطة – العالم الشعري – فهو لا يبتعد باللغة خارج مجال اللغة العملي، ويضع الحس البديل للحدس، والقصة كما ارى هي مبدأ حدس ينشط مجموعة الاحاسيس المرتبطة به، وكما أن القصة هي فعل مجموعة من الجمل العملية على الغالب، ولا يمكن أن تعزل الحياة كليا عن القصة، لكن يمكنك تماما قلب الحياة على رأسها احيانا لتبلغ القصة عابرا اليه من أفق الحكاية، تلك الكلمات لا تفي بالغرض الموضوعي، لكن تجارب الطاقات الكبرى من تشيخوف وهمنغواي ودينو بوتساتي وأخرين، كانت قد اغنت مفهوم القصة النظري عبر صيغ الكتابة الماهرة، ولا انسى ابدا ذلك الفنان المتفرد القصير العمر فولفانج بورشرت، الذي جعل القصة كدائرة معرفة واحساس غير محدد، وعلى وجه الخصوص في العصر الذهبي خلال القرن العشرين، ولدينا اليوم تجربة جديدة في مجموعة –ضحكات شوبنهاور السعيد – لرأفت عادل، كنموذج معاصر وتجربة جديدة وأولى بالنسبة للمؤلف.

 

 

الإيقاع وفعل القص

تشكل بنية القصة النظرية وجهة نظر غير مكتملة، فيما يشكل أفق وجهة النظر العملي التحول الموضوعي نحو اكتمال أو التوسع في وجهة النظر، وكل تجربة جديدة هي تنتج لنا العوالم التي تحتاج منا المعايشة، وتجربة رأفت عادل قدمت لنا الافق العملي للقصة في عدة ابعاد، منها البعد الإنساني يشكل المحور الرئيس لجميع القصص، والقصص كذلك قد تنوعت فيها الإيقاعات التي تعتبرها سوزان لوهافر مقومات اساس، وعلى المستوى الفعلي مجمل وجودنا الحياتي المجسد هو حالة من الإيقاعات العضوية، ووحدة زمن مرادفة لها، والزمن يشكل الأهمية الكبرى في البعد العملي للقص، وتجربة الكتابة عند رأفت عادل انهمكت بخلق علاقة ما بين البعد العملي في القصة وتلك المشاعر التي انبثقت من شعور المؤلف، ومن ثم اناب عنه شخوصه، والقصة – مجرد سيجارة – بالرغم من التزاحم ايقاعات القص فيها على المستوى العضوي تقبلت تلك المشاعر، وذلك التبدل من حس إلى آخر، والقصة بالرغم من وجود اساس للفكرة، لكن تلك الفكرة تتحول من مضمون قصصي نحو آخر، وتعتبر تلك القصة انضج وأفضل وأجمل القصص، فهي مرحة وحزينة بذات الوقت، وتتبدل من ايقاع عضوي إلى آخر بشك مستمر، وذلك التجديد في الافكار أحد أهم المهام القصصية، ونظرية القراءة تجد المتعة الحقيقية تتجلى في التجديد، والتفسير الموضوعي لنظرية القصة يعتمد فكرة التجديد الشامل، وحتى يشمل ذلك جمل القص ايضا.

 

 

 

التجربة الإيقاعية المتعددة الوجوه تمثل بانورما قصصية إذا جاز التفسير، والقصة لابد أن لا تسير بمسار واحد، وذلك أحد الأسس الموضوعية للمستوى الدلالي للقص، والتجربة على المستوى الدلالي لابد أن قبل أن تنتهي من دلالة تكون قد هيأت دلالة لاحقة اكثر حيوية،  والقص في النظرية هناك تأكيد على التزاحم الدلالي المثير لوعي القارئ وضرورة استخدامه، وكذلك القصة الثانية- حرب مع فئران – التي كانت بتماس غير مباشر مع قصة – المسخ – وكما كريكوري ساما كان بطل القصة يعاني من سلطة الفأر، وعلى المستوى النفسي للشخصية هناك فوبيا واضحة، ولم تجد لها نهاية إلا مع نهاية القصة، وكان تسارع الإيقاعات في تلك القصة قد منجها طاقة نفسية واضحة سلبيا، وكم كانت قصة – صديقي الكلب – متفوقة في مضمونها القصصي، وقد شهدت على المستوى العضوي للدلالة لحاظ خاطفة، وكذلك المقابل الحسي له، وكما اتجهت بنا قصة – حلم ملطخ بالدم – نحو عالم العرافة وذلك الجوهر الروحي، وكانت شخصية الملا عويز هي عامل اساس للتجلي الدرامي في القصة، والتي تصاعد ايقاعها ليبلغ النهاية المحتومة، وفي تلك القصة هناك نوع من التزاحم ايقاعات المستوى الدلالي، بالرغم من صيغة الواقع المباشرة في تجلي الحدث القصصي .

قد يعجبك ايضا