د. تيسير عبدالجبار الآلوسي
كوردستان أرض الحرية وصداقة الجبال الشامخة نحو سماء الوجود الراسخة أعمدة حياة وكينونة وجودية ثابتة؛ ستنطلق فيها جولة جديدة من الانتخابات للتصويتين الخاص [18 أكتوبر] والعام في العشرين [20]منه.. سيشارك شعب كوردستان في الانتخابات بحجمه الكبير عبر تأمين المستلزمات المطلوبة لإجراء الانتخابات.
يحق لحوالي: 2.899.578 أن يساهموا في التصويت لاختيار برلمان كوردستان من بين 1190 مرشحة ومرشح تقدموا في 136 قائمة انتخابية وقد تم إعداد 1431 مركز اقتراع بينها 1266 مركزا للتصويت العام. فيما ستراقب العملية الانتخابية وسيرها أكثر من 12 مؤسسة مختلفة إلى جانب 6 قنصليات لكل من : الولايات المتحدة وروسيا وتركيا وألمانيا وبريطانيا وفلسطين. كما يجري تدريب المراقبين وإعدادهم، إذ أنّ عملية المراقبة ستتم بواسطة ما يناهز الـ 1600 مراقب في عموم محافظات كوردستان.
وبقطع النظر عن الاستعدادات اللوجستية وتوفير متطلبات التصويت العام والخاص وهي جداً ضرورية فإنَّ أمورا جداً مهمة وكبيرة تبقى أية عملية انتخابية بحاجة إليها. فوعي المواطنة والمواطن أساس وجوهري في تحديد موقفه من المشاركة من عدمها، وهي هنا حتما تتطلب أوسع مهمة للتسجيل البايومتري كونه الأداة والمدخل للمشاركة الفعلية. وطبعا الوعي بمعنى المشاركة في حسم الموقف من الخيارات البرامجية الأنسب لكوردستان من بين مجموع الأحزاب التي يطلقون عليها كبيرة ومتنفذة وصغيرة أو هامشية قد تكون كمالة عدد!! لكن هذا التقسيم لن يكون وارداً أو صحيحاً بوجود وعي كوردستاني عميق ورصين يمكنه قراءة التجاريب التي مرت بكوردستان وتحديد من يمثل شعب كوردستان ممن تشظى وانقسم مبتعداً عن حزبه ومبادئه التي قام عليها..
ونحن نتابع تلك الحقائق الجارية في متغيرات الواقع الحزبي السياسي بخلفية ما فرضته شخصيات بعينها لتقسيم حركة أو أخرى بطريقة استغلت الظرف وأبعدت الشخصيات المناضلة المخلصة وأبقت على ما يتلاءم والتوجهات التي باتت تمالئ أطرافاً خارج كوردستان سواء ممالأة جهات ميليشياوية ببغداد أو مراكز نفوذ وتدخل في دولة إقليمية ثيوقراطية باتت تهدد وجوديا بما تمتلكه من مصادر مالية مافيوية وميليشياوية مسلحة بأسلحة الفتك..
إن التجربة المسلحة الأولى كانت مريرة أوقعت أفدح الخسائر يوم لجأ بعضهم إليها وتم تجاوزها بفضل الحكماء ووجودهم وبفضل التوجه نحو الوحدة الكوردستانية المدافعة عن قيم الهوية والاستقلالية وسلامة التمسك بمهام البناء والتنمية. وتجنب أية انشغالات قد تكون تدميرية مؤذية. لكن التجربة الجديدة وفي ضوء التشظيات التي أصابت طرفا أو آخر في الوجود الحزبي لم يقف عند حدود تغيير في التوجه أو بعض رؤى مخالفة للنهج الديموقراطي وإنما اندفعت في إيقاعها وتسببت بفوضى وأشكال انشطارات بعضها مما أصاب شعب كوردستان بصورة جسيمة!
وتسبب التوجه المشار إليه والذي ربما تسربت بعض مكالمات هاتفية أو مما يتم خلف الجدران والأستار تسبب في تهديد الأمن القومي الكوردستاني وفي منح قوى خارجية موطئ قدم لاختراق المشهد برمته والاقتراب من ولوج جريمة اغتيال التجربة الكوردستانية بالاستناد إلى إطلاق شائعات أو تسليط ضوء على بعض أخطاء ومهفوات وتضخيمها لصالح مآرب خاصة!
ودفع هذا إلى ضيق أفق أشاع خطابا انحدر ببعض مفرداته نحو السوقية التي أشعلت فرص التوتر والاحتقان وإثارة فرص الخصام باتجاه ظاهرة استقطاب ربما تفشت حتى نحو خطاب بعض القوى المعتدلة الإيجابية عندما باتت تتحدث بطريقة حياد بين ما أسمتهم قوى متنفذة بمحاولة لتصوير استقلاليتها وابتعادها عن صراعات بعينها..
إن الصائب الصحي والصحيح يكمن في وعي جمهور شعب كوردستان لما جرى ويجري ولذاك الخطاب التحريضي العدائي مع كوردستان وتطلعاتها وهو خطاب يريد التستر على من وقف ضد شعب كوردستان من داخله وخارجه محاولا القفز على أن هذا الشعب وغالبيته قد صمدت دوما ضد تلك الأحابيل وحياكتها المؤامرات التي أرادت تمزيقه واللعب بالضد من قيم الوحدة والإنقاذ بوساطة الصمود والوحدة نفسها..
من هنا بات بصورة جلية مطلوبا التنبيه إلى ضرورة استعادة أوسع جبهة كوردستانية في الظرف الراهن بسبب تهديدات باتت تخترق تلك الجبهة عبر انسحاب طرف كاد يتشظى بوقت يحصر قيادته بفرد أو آخر مبعداً عناصره النضالية الخبيرة.. ولعوامل خارجية تهدد مجمل المنطقة ودولها وتدفع نحو حروب عبثية لا ناقة للشعوب فيها ولا جمل..
إن قضايا الثروات وتوزيعها ومنطق العدالة الاجتماعية ودمقرطة الحياة وتوسيع القواعد الشعبية الموحدة حول قيادة منتخبة شرعيا يتطلب وعيا بضرورة المشاركة الأوسع ووعيا بالخيار الموضوعيي حيث يفرض الشعب بخياراته أياً كان تنوعها بين الديموقراطي واليساري يدفع نحو التمهيد لتشكيل الجبهة الشعبية للبناء والتنمية وهي جبهة قد تضطر لإبعاد طرف أو آخر بسبب خيار ذاك الطرف في الانتماء لخارج كوردستان بينما الجبهة الجديدة ستكون لأهل كوردستان المتمسكين بتطلعاتهم في الحياة