ارهاصات بيئية .. الاخفاق بتشجير المدن والتأثير في جودة المناخ

صادق الازرقي

يلاحظ ان مدن العراق تشهد اخفاقا واضحا في تشجير الشوارع والمساحات الواسعة الفارغة لاسيما بين المدن والمحافظات، كما لا تجري اعادة زراعة المناطق المهملة التي كانت تعرف بتشجيرها الكثيف، وإذا جرت عمليات تشجير فسرعان ما تهمل النباتات من دون متابعة لتذبل وتموت لاحقا.

ان إخفاق جهود التشجير في المدن العراقية يعزى إلى مجموعة من الاسباب ولكن لكل سبب طريقة للعلاج واجبة التنفيذ.

وكثيرا ما يجري الحديث عن ان العراق يعاني من نقص حاد في الموارد المائية بسبب تراجع تدفق الأنهار الرئيسة وتغير المناخ، ويقال ان هذا النقص يجعل ري الأشجار والنباتات أكثر صعوبة ويزيد من التحديات المتعلقة بالتشجير، وفي الحقيقة فان الوسائل العلمية في الزراعة تطورت لتستغل اقل كمية من المياه للسقي ومنها طريقة التنقيط واختيار اشجار مقاومة للجفاف.

كما ان تعرض العراق لموجات حر شديدة يؤدي إلى تلف النباتات والأشجار المزروعة حديثًا، ويقلل من فرص بقاء الأشجار في بيئة تتطلب رعاية مستمرة ومياه كافية، ويمكن هنا توفير رعاية يومية للنباتات المزروعة بتشغيل الايدي العاملة وتوفير العمال الزراعيين للعناية بها.

اما مشكلة التصحر وزحف الرمال، التي يعاني منها البلد فيمكن مواجهتها وعلاجها بعمليات زراعية خاصة قبل الشروع بزراعة الأشجار، وتلك عملية يعرف بها المختصون الزراعيون؛ كما يمكن مواجهة الرياح القوية التي تحمل الرمال وتؤدي إلى إتلاف الأشجار والنباتات، بزراعة مصدات الرياح الكثيفة في أطراف المدن والترب الصحراوية.

والملاحظ من اوضاع العراق انه غالبا ما تغيب السياسات البيئية الواضحة والمستدامة التي تدعم جهود التشجير وهناك نقص في الخطط طويلة الأجل لإدارة الغطاء النباتي والحد من التصحر، كما تؤثر البيروقراطية المفرطة والفساد في عديد المشروعات الحكومية، بما في ذلك مشاريع التشجير، وقد يؤدي سوء الإدارة إلى إهدار الموارد وعدم تنفيذ المشاريع البيئية بفعالية.

ان المدن العراقية شهدت نموا سكانيا سريعا وتوسعا عمرانيا عشوائيا من دون مراعاة كافية للمساحات الخضر؛ أدى ذلك إلى تدمير كثير من المناطق التي يمكن استغلالها للتشجير فاستبدلت بالبنية التحتية والطرق.

وبعض المناطق المخصصة للتشجير أو الحدائق العامة تتعرض للتجاوزات من قبل بعض السكان أو الاستثمارات غير المنظمة، مما يقلل من المساحات المتاحة للتشجير.

كما تبرز هنا قلة التوعية البيئية بشأن أهمية التشجير وفوائده، فهي ليست كافية، مما يؤدي إلى قلة الدعم والمشاركة الشعبية في مشاريع التشجير.

وقد يعاني المجتمع من نقص الاهتمام بالحفاظ على الأشجار المزروعة، اذ يجري إتلاف النباتات بسبب السلوكيات غير المسؤولة مثل الرعي الجائر أو التخريب؛ والعراق يفتقر إلى شراكات كافية مع المنظمات الدولية التي تقدم الدعم المالي والتقني لمشاريع البيئة والتشجير.

كما ان الاضطرابات الأمنية المستمرة في العراق، بخاصة في بعض المناطق، قد تعوق الجهود البيئية وتجعل من الصعب تنفيذ المشاريع بسبب عدم الاستقرار، وكذلك فان الأزمات السياسية المتكررة تؤثر على أولويات الحكومة، وغالبا ما تتراجع القضايا البيئية مثل التشجير في ظل التركيز على القضايا الأمنية والسياسية.

لذا فان الأمر يستوجب سياسة زراعية فاعلة آنية وطويلة الامد خاصة بالتشجير الواسع حفاظا على البيئة والمناخ وصحة الانسان.

قد يعجبك ايضا