بين القرار الرسمي وتحركات الفصائل .. جدل وحوارات وتفتيش عن مصلحة العراق

 

 

متابعة التآخي

قلق متصاعد في العراق في ظل التوترات التي تشهدها لبنان والمعارك المستمرة مع إسرائيل، وسط تصعيد حاد يعصف بالمنطقة بأسرها، فبينما تزداد سخونة المواجهات في الجبهات اللبنانية والفلسطينية.

 

وتتوجه الأنظار الآن إلى العراق، حيث بدأت الفصائل العراقية تلعب دوراً متزايدا في الصراع الدائر، ما يثير تساؤلات حول تأثير هذا الدور على استقرار العراق والمنطقة بشكل عام.

 

وتقول صحيفة ‹تايمز أوف إسرائيل› إن هناك احتمالاً لتكثيف الفصائل العراقية هجماتها على إسرائيل، إذ أشارت الصحيفة إلى تصاعد ملحوظ في نشاط تلك الفصائل، التي باتت تركز على استهداف مناطق مختلفة داخل إسرائيل، باستخدام طائرات مسيرة وصواريخ كروز.

 

ورغم أن بعض هذه الهجمات لم تصل إلى أهدافها، إلا أن الصحيفة تحدثت عن نجاحات متفاوتة حققتها هذه الفصائل في عملياتها العسكرية، ما يعكس تصاعداً في تخطيطاتها.

 

170 هجوما منذ 2023

ومع تصاعد هذه الهجمات، يبدو أن الهدوء النسبي الذي كان يميز الجبهة العراقية مقارنةً بالجبهات الأخرى في لبنان وغزة قد يتغير بسرعة، خاصة مع التوترات الإقليمية المستمرة.

 

ومنذ 7 أكتوبر، كثفت الفصائل العراقية هجماتها على إسرائيل تضامناً مع حماس، التي تعتبر جزءا من «محور المقاومة» المدعوم من إيران، كما أنها خلال الأسابيع الأخيرة، شنت هجمات متعددة باستخدام طائرات مسيرة على مدن إسرائيلية مثل إيلات.

 

وفي 25 أيلول/ سبتمبر، أطلقت الفصائل طائرتين مسيرتين على إيلات، وبعد أيام قليلة، شنت هجمات أخرى بصواريخ كروز استهدفت شمال إسرائيل، ما أسفر عن استنفار الجيش الإسرائيلي وتفعيل صفارات الإنذار في العديد من المدن.

 

أما التصعيد الأخير من قبل الفصائل العراقية فهو ليس جديداً، إذ أشارت تقارير إلى أن تلك الفصائل نفذت 170 هجوماً على إسرائيل منذ العام الماضي، مع تسجيل أكثر من 70٪ منها في أيلول/ سبتمبر 2024 وحده.

 

وهذا العدد الكبير من الهجمات يعكس مدى الانخراط العسكري المتزايد للفصائل العراقية في النزاع الإسرائيلي، ويعزز المخاوف من احتمال تحوّل العراق إلى ساحة مواجهة إضافية بين إسرائيل وإيران.

 

مفترق طرق

على الصعيد السياسي، يقف العراق الآن عند مفترق طرق بين واشنطن وطهران، ومع تحديد موعد نهائي لانسحاب القوات الأمريكية من العراق، يبدو أن الفصائل العراقية تحاول ملء الفراغ الذي سيتركه هذا الانسحاب، ما يثير التساؤلات حول دور الحكومة العراقية في هذا السياق.

 

وهذه الفصائل المدعومة من إيران باتت تلعب دورا حاسما في المشهد السياسي العراقي، حيث ساهمت في تغيير موازين القوى داخل البرلمان، كما أنها تدافع عن السياسات التي تصب في مصلحة إيران وتعارض المصالح الأمريكية.

 

ويحذر الخبير في الشأن الأمني حميد العبيدي من «الانخراط خلف توجهات الفصائل المسلحة التي يبدو أنها خرجت عن السياق الرسمي في البلاد، إذ أن قضية الحرب والسلم حددها الدستور العراق بشكل واضح، أما انخراط بعض الجماعات في الحروب الاقليمية، فهذا بالتأكيد سيضر مصالح العراق، كما أن الانخراط في هذه الحروب، ليس لمصلحة العراق وشعبه، وإنما يأتي في سياقات مختلفة، وظروف تهدف لتعزيز القبضة الأمنية على المناطق وزيادة النفوذ في الشرق الأوسط».

 

وأضاف العبيدي لـ (باسنيوز)، أن «هناك تبايناً بشأن آلية التعاطي مع الحرب في غزة، وكذلك لبنان، ففي الوقت الذي تدفع الحكومة والقوى السياسية نحو الحلول السلمية، وإنهاء الحرب هناك، تتجه الفصائل المسلحة نحو السلاح، وهذا سيخلق جبهة مستعرة جديدة، وهي الجبهة العراقية التي ليس لديها قدرة ميدانية على مواجهة إسرائيل، خاصة السلاح الجوي المتطور».

 

وتلعب هذه الفصائل دوراً حاسماً في البرلمان العراقي، حيث تستخدم أجنحتها السياسية لتمرير قرارات لا تصب في صالح المواطنين، أو تخدم أجندة مغايرة.

 

ما المخاطر؟

ومع تصاعد النفوذ الإيراني في العراق، يزداد القلق حول المخاطر التي تطرحها هذه الفصائل المسلحة، والتي يبدو أنها سحبت القرار الرسمي من الحكومة العراقية.

 

وتُثار تساؤلات حول مدى التزام هذه الفصائل بقرارات الحكومة العراقية، خاصة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية والأمنية، أو إذا كانت تأخذ أوامرها مباشرة من دول إقليمية وتحديداً إيران.

 

وفي ظل هذه التطورات، يحذر مراقبون من أن استمرار تصاعد التوتر قد يؤدي إلى ضربات إسرائيلية مباشرة على العراق خلال الأيام أو حتى الساعات المقبلة، خاصة وأن التحذيرات الإسرائيلية المتواصلة تشير إلى أن أي تصعيد إضافي من قبل الفصائل العراقية قد يدفع إسرائيل للرد بقوة على تلك الهجمات، ما يهدد بتوسيع دائرة الصراع ليشمل الأراضي العراقية.

 

بدوره أكد مصدر عسكري عراقي، أن «التصعيد الحاصل بين إسرائيل والفصائل قد يجر العراق إلى مواجهة غير محسوبة العواقب، خاصة وأن العراق لا يزال يعاني من تداعيات سنوات طويلة من الحرب وعدم الاستقرار».

 

وأضاف المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه لـ (باسنيوز)، أن «المؤسسة الأمنية تستعد لأي طارئ، لكن الأمر لا يتعلق برد أي هجوم، باعتبار أن القدرات الجوية للمؤسسة العسكرية محدودة، كما أن هناك نقاشات بشأن ما إذا كان العراق مستهدفاً بالفعل من قبل إسرائيل كمؤسسات رسمية أم أن الأمر يتعلق فقط بالفصائل، وهذا محط نظر وبحث».

 

وتأتي تلك الأحداث في وقت تزداد فيه الدعوات داخل العراق بضرورة الالتفاف حول القرار الرسمي، واتخاذ قرارات السلم والحرب بناءً على المصلحة الوطنية فقط وليس بناءً على الولاءات الإقليمية.

قد يعجبك ايضا