فصل الجنسين بمعاهد التدريس الخصوصية في العراق: ردود فعل متباينة

 

بغداد – شفيق عبد الجبار

ما زال قرار وزارة التربية العراقية القاضي بفصل الذكور عن الإناث في معاهد التدريس الخصوصي (الخاصة)، في بغداد والمحافظات، يتصدر ساحة النقاش التربوي والتعليمي في البلاد، كما يلاقي ردود فعل متباينة من قبل المدرسين والطلبة والمتابعين للشأن العام.

ويلجأ مئات الآلاف من الطلبة في العراق من مختلف المراحل الدراسية إلى معاهد التدريس الخصوصي جراء عوامل عديدة، منها ضعف الكوادر الدراسية الحكومية، وعدم وجود تحديث لطرائق التدريس التي تستخدم فيها التقنيات الحديثة والأدوات المختبرية وغيرها، إضافة إلى محاولة الطالب الحصول على فهم أوسع للمناهج الدراسية في “قاعات مكيفة وقليلة الحضور، عكس القاعات الدراسية في المدارس الحكومية المكتظة بالطلبة”، وفق ما تقوله ندى علي، التي تخرجت من السادس الإعدادي أخيراً.

وتضيف علي (مواليد 2003)، في حديث صحفي “رسبت 3 سنوات متتالية في السادس الإعدادي، لكني اخترت التسجيل أخيراً في معاهد التدريس الخصوصي، كنا نجتمع شباناً وشابات من أجل مراجعة المواد الخاصة بنا، كان هناك أثر كبير في التنافس بيننا، لذلك أعتقد أن التنافس بين الذكور والإناث داخل القاعة الواحدة يعطينا دافعاً كبيراً للنجاح والتفوق”. مضيفة “مهما كانت الأسباب المعلنة، فلا أعتقد أن قرار فصل الذكور عن الإناث في معاهد التدريس الخصوصي أمر صحيح، فكل القاعات مراقبة بالكاميرات وجميع المسيئين يجب أن يخشوا من عقوبات القانون، لا أن يفصل الذكور عن الإناث بسبب أفعال فردية حصلت هنا أو هناك”.

وفي بداية أيلول من العام الماضي 2023، أصدر وزير التربية توجيهات صارمة تتعلق بعمل المعاهد والمدارس الأهلية ومنع الاختلاط بين الجنسين وعدم السماح لمدرس المعهد بتدريس طلبته في المدرسة الحكومية ومراعاة الظروف المادية للأسر العراقية.

وتقول زينب أحمد، وهي مديرة إحدى المعاهد التدريسية في بغداد إن “قرار وزارة التربية بفصل الذكور عن الإناث في المعاهد الخاصة جاء على أثر توصية تقدمت بها مديرية التعليم الأهلي داخل الوزارة، وهو أمر لا علاقة له بالشكاوى الكثيرة التي تعلن الوزارة استقبالها عن مشاكل التعليم الأهلي في العراق”، موضحة أن “هناك داخل الوزارة من يشعر بالقلق من وجود الإناث إلى جانب الذكور في هذه المرحلة الحرجة من المراهقة، وهو أمر أجده غريباً في ظل التطور التقني والأمني والتربوي، وأيضاً في ظل الأهمية التي تؤكد عليها قوانين العالم المتحضر بضرورة الاختلاط في مراحل مبكرة ودوره في تنشئة مجتمع سليم وعلاقة إيجابية بين الذكور والإناث بعيداً عن العصبية والذكورية”. وتضيف: “قرارات المجتمعات الذكورية هذه غير مبينة على معرفة عملية حقيقية، ورغم أنها تحاول تفادي وقوع مشاكل في المعاهد، إلا أنها تسببت بعزلة وسحب التنافس بين الذكور والإناث”.

أما المتحدث الرسمي باسم وزارة التربية كريم السيد، فيؤكد  أن “قرار فصل الذكور عن الإناث في معاهد التعليم الأهلية لا علاقة له بما يصدر من آراء هنا وهناك على مواقع التواصل وغيرها بخصوص الصراع السياسي والمجتمعي على قانون الأحوال الشخصية”. مضيفا “هذا القرار هو تطبيق لقوانين الوزارة الخاصة بفصل الذكور عن الإناث في مدارسها ومعاهدها التربوية، وهي تأتي لضمان الحفاظ على سلوك التربية والتعليم”.

وبين أن “القرار الوزاري الصارم ومحاسبة المخالفين في معاهد التعليم الخصوصي، جاء بناء على شكاوى كثيرة وصلت إلى الوزارة، من شأنها أن تسبب مشاكل للطلبة أنفسهم، ولذلك فإن الوزارة حرصت على تنظيم عملية التدريس الخصوصي في العراق من خلال تطبيق القانون الخاص به”، مشيرا إلى أن “الوزارة تتابع باستمرار عمل معاهد التعليم الأهلي، وتحاول جاهدة أن توفر للطلبة كوادر تدريسية في المدارس الحكومية تغنيه عن التسجيل في المعاهد الخصوصية، من خلال توفير إمكانات تعوض الطالب عن الحاجة لصرف ملايين الدنانير من أجل التسجيل في المعاهد الأهلية”، لافتا إلى أن “معاهد التعليم الخصوصي هي معاهد تجارية تبحث عن أرباح مستمرة، ولهذا فرضت عليها رقابة صارمة تمنع وجود سلبيات فيها، وتحاول ألا ينحرف الهدف الأساسي للطلبة وهو التفوق والنجاح والحصول على أعلى المعدلات السنوية”.

وفي جانب آخر، أشاد طلبة وطالبات، خلال أحاديثهم لـ”العربي الجديد”، بقرار وزارة التربية فصل الذكور عن الإناث في معاهد التعليم، حيث رأى العديدون منهم أن “القرار ساهم في التخلص من الكثير من الحالات السلبية داخل المعاهد، منها اهتمام الطلبة بالتعارف مع الفتيات أكثر من المواد، وإشغالنا بالكثير من الأحاديث الجانبية، الأمر الذي يشتت تركيزنا على المواد المخصصة في ظل مرحلة مصيرية كما هو الحال لطلبة السادس الإعدادي”.

معاهد حكومية لرفع مستوى الطلاب في العراق: خطة لتحجيم التدريس الخصوصي

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، تتداول بين الحين والآخر فيديوهات لبعض المدرسين والطلاب في المعاهد الأهلية وهم في أحاديث جانبية بعضها لا يخلو من المزاح الثقيل والعبارات غير اللائقة في فصول الدراسة، الأمر الذي يثير استهجاناً وانتقاداً شعبياً، بينما يفسره البعض بأنه “محاولة لاستغلال ذلك من أجل ترغيب الطلاب بالقدوم إلى هذا المعهد أو ذاك”.

ويقول محمد سعدون، وهو والد أحد الطلاب الذين يتلقون دروسهم في تلك المعاهد، إن قسماً كبيراً من المعاهد استغلت المزج في التعليم بين الجنسين للترغيب والترويج للتسجيل فيها من قبل الطلاب، مضيفا أن الأمر لا يخلو من الترويج، لكنه للأسف صار سيئاً وأثر على التعليم وعلى الهدف من إنشاء تلك المعاهد، لذا نعم فصلهم أفضل للإبقاء على الغاية الأولى من تلك المعاهد وهي تقوية الطالب علميا”.

قد يعجبك ايضا