ارهاصات بيئية .. من اجل غذاء صحي وبيئة سليمة

 

صادق الازرقي

تثبت نتائج الدراسات يوما بعد آخر ان اختيارنا السليم اليومي للأطعمة يؤثر بشكل مباشر على صحتنا وسلامة البيئة.

ان الزراعة التقليدية تستهلك كميات هائلة من المياه والأسمدة الكيميائية التي تلوث التربة والمياه الجوفية، كما ان تربية المواشي وإنتاج الأغذية المصنعة يسهمان بشكل كبير في انبعاثات غازات الدفيئة التي تؤدي إلى تغير المناخ.

 وان نقل الأغذية لمسافات طويلة يزيد من الاعتماد على الوقود ويطلق المزيد من الانبعاثات، وان كميات هائلة من الطعام تلقى في القمامة، مما يهدر الموارد الطبيعية ويسهم في إنتاج غاز الميثان الضار.

لذلك تنصح الدراسات لأجل بناء مستقبل أكثر صحة واستدامة بمجموعة من الاجراءات منها اختيار الأطعمة الطازجة والموسمية، بدعم الزراعة المحلية والمنزلية فذلك يقلل من الانبعاثات الكربونية.

كما يتوجب التقليل من استهلاك اللحوم والمنتجات الحيوانية لأن تربية الحيوانات تستهلك مساحات شاسعة من الأراضي والمياه. ويُنصح ايضا بتقليل الهدر الغذائي بالتخطيط للوجبات اليومية والشراء بحسب الحاجة، وحفظ الطعام بشكل صحيح.

 كما يتوجب دعم الزراعة العضوية للحفاظ على التربة والمياه وتقليل استعمال المواد الكيميائية الضارة، واختيار   الأطعمة المصنعة بشكل أقل، التي تحتوي على كميات أقل من السكر والملح والدهون المشبعة.

وتجمل الدراسات فوائد اتباع نظام غذائي صحي ومستدام بتقليل خطر الإصابة بأمراض مزمنة مثل السكري والقلب، وخلق بيئة نظيفة بحماية الموارد الطبيعية وتقليل التلوث،  ودعم الزراعة المحلية وخلق فرص عمل، وبالنتيجة تقوية الاقتصاد، وجعل اختيارنا اليومي للأطعمة خطوة نحو مستقبل أكثر صحة واستدامة لنا وللأجيال المقبلة.

لقد كانت الحدائق المنزلية الامامية والخلفية تنتشر في العراق بصورة لافتة، وكانت تمثل جزءا رئيسا من التصميم الاساسي للمدن؛ وكان من النادر ان نجد منزلا ليست فيه حديقة يمكن استغلالها فضلا عن الزينة لإنتاج محاصيل الخضر والفاكهة.

ولكن الاحداث اللاحقة في البلد وتقسيم البيوت وتغير النمط العمراني للمدينة لاسيما في العاصمة بغداد؛ ادى الى اختفاء تلك الظاهرة الايجابية، وما يتبعها من اعتماد السكان بشكل كلي على السوق الذي تصدر اليه المنتجات الزراعية المزروعة على وفق النمط التقليدي في الزراعة، الذي تبينت مخاطره الآن بسبب التغيرات المناخية والدراسات البيئية المستجدة في هذا المضمار.

لقد كان للزراعة المحلية والمنزلية دور كبير في الحصول على منتجات بستانية آمنة من الناحية الصحية فهي لا تتعرض مثلما عليه الحال الآن، الى المشكلات البيئية المتعلقة بنقلها من مسافات بعيدة وحتى من الدول الاخرى الى الاسواق العراقية، كما ان المزارع المحلية تتميز بجودة نوعية منتجاتها وعدم تعرضها الى مواد كيمياوية مجهولة المصدر سواء برشها في اثناء الزراعة او التسويق.

وقطعا فان المعالجة الوقتية لهذه الاشكالية تتمثل في التخطيط لإنشاء المزارع المحلية ضمن المجمعات السكنية وكذلك الحدائق المنزلية في حالة المنازل الافقية؛ لأن ذلك يوفر بيئة سليمة لتنمية المنتجات الزراعية ويؤمن جودتها من ناحية النوع، ووقايتها من المضار المرتبطة بتوريدها من مصادر غير معروفة، وبالنتيجة تأثير ذلك على صحة السكان ونمط معيشتهم.

والأولى هنا تشجيع الزراعة المحلية غير التقليدية بتطوير تقنياتها لتحسين نوعيتها وكمياتها، وتجنب الاستيراد لاسيما ما يتعلق بمنتجات الاستهلاك اليومي.

قد يعجبك ايضا