٢٦/ ٥/ ١٩٧٦
الجزء الثامن
تأليف: أسعد عدو
ترجمة: بلند داوود
تقديم: د. عبد الفتاح علي البوتاني
تحرير صحفي: سالم بخشي
- يونس روژبياني: كانت مؤامرة الجزائر وانتكاسة الثورة نتيجة لقرار سياسي، ولم تكن نتيجة لهزيمة عسكرية
- كان النظام الإيراني يضيق علينا الخناق ، وقام بتسليم ما يقرب من (۳۰) مناظلا من رفاقنا إلى النظام العراقي بحجة القيام بنشاطات سياسية.
- بعد اتفاقية الجزائر الخيانية، قام النظام بأرتكاب حملات واعمال وحشية ضد شعب كوردستان وتعذيبهم وقتلهم بجميع الأساليب الوحشية، حتى طالت جرائمه الوحشية من تعاون معه من الكورد.
التآخي: متى وصل من ذكرت أسمائهم إلى مقركم؟
إن لم تخن الذاكرة، في (١\٨\١٩٧٦) حيث كان مقرنا في منطقة (ببرانی) جاءنا كل من الأخوة (عمر دبابة، الدكتور خالد، سعدي كچكة، سيد كاكا وقادر عزيز) وحلوا ضيوفاً علينا، وأعلمناهم باتصالنا بالأخ إدريس بارزاني، وكذلك تحدثنا حول إرسال مبلغ من المال من قبل الرفيق فرانسو هريري قبل عدة أيام ، وبدورهم قالوا بأنه من الضروري أن يرسلوا رسالة الى السيد ادريس بارزاني، ليتم التواصل بينهم ، وقاموا بأرسال رسالتهم ، ولكن بسبب وعورة الطريق وقساوة الظروف حينذاك كانت الاتصالات تنقطع بأستمرار.
التآخي: كم مرة زرت منطقة بادينان؟
زرتها مرتين مرة في نيسان (۱۹۷۷) ذهبت الى هناك، بناءاً على دعوة البیشمرگه، وينبغي ان نذكر للتأريخ بأن أهالي منطقة ناوپردان وفي مقدمتهم (محمد أمين آغا ناوپرداني) الذين كانوا يراقبون الطريق ويستكشفونه حتى نعبر بأمان قد قدموا لنا خدمات جليلة.
وفي المرة الثانية عندما عقدنا اجتماعاً مع جميع الأطراف السياسية ، حضره كل من (الدكتور خالد، بایز آغا، عادل كركوكي، سعدي كچكة، رسول مامند، شقيقي أحمد، علي محمد مراد ، حاجي مصطفى، وملا بختيار، حينها قررنا تشكيل لجنة والتوجه نحو مناطق بادينان، لكي نتمكن من إحياء الاتفاقية الموقعة بتاريخ (٢١/٣/١٩٧٧) بين السیدین مسعود بارزانی وجلال طالباني للتعاون والتنسيق بين الجانبين.
تشكلت اللجنة من كل من (انا والأخ عادل كركوكي ، ورسول مامند وملا بختيار) علماً ان الأخ عادل كركوكي حضر بدلاً عن د. كمال كركوكي مسؤول قطاع سوران الذي كان معتقلاً حينذاك من قبل النظام التركي، وذهبنا الى إيران بمعية مراسلنا (حسین فتاح) ومن هناك اتجهنا إلى حدود كوردستان تركيا، وفي (٣٠/٧/١٩٧٧) حللنا ضيوفا لفترة على (حاجي محمد) في قرية ( ماسيرو) ولم يمض وقتاً طويلا حتى دخل إلى غرفتنا شخص وعاد مسرعاً، وفيما بعد علمنا بأنه كان (نوشيروان مصطفى) ومن ثم أخبرونا بأن (مام جلال) مقيم الآن في وادي قريب من القرية، ومعه عدد من قوات المعارضة الإيرانية والتركية.
، وفي (١/٨/١٩٧٧) عدنا معاً إلى منطقة (دريا سوور) ومن ثم قمنا كلجنة بزيارة القيادة المؤقتة ،حيث كان هناك كل من السادة: (جوهر نامق، عبد الرحمن پيداوي الملقب بالملازم سربست، الملازم علي، والملازم محمد) وعقدنا عدة اجتماعات، وأبدت القيادة المؤقتة استعدادها لتنفيذ تلك الاتفاقية، وعدنا إلى منطقتنا من دون أية معرقلات، في حينها كان النظام قد دمر منطقتنا بشكل وحشي وقام بترحيل المئات من سكان القرى الى المحافظات الجنوبية ، ولهذا اضطررت أن أسلم نفسي للنظام من أجل انقاذ أكثر من (۲۰۰) شخص من اهلي واقاربي من سجني (الكوت والعمارة).
ضيفنا اليوم هو المناضل يونس روژبياني
إعداد: ژيلوان
بمناسبة الذكرى السنوية الـ (۱۷) لثورة كولان المباركة نظمت (التآخي) سلسلة من اللقاءات والتقت الصحيفة مع البیشمركه الوفي لنهج البارزاني الخالد ولثورة أيلول العظيمة، ولثورة كولان المباركة، وزير الداخلية في حكومة إقليم كوردستان الأخ يونس روژبياني، واجرت معه الحوار التالي:
التآخي: السيد يونس روز بياني، لو عدنا حوالي (١٧-١٨) عاماً الى الوراء،ونسألك عن اوضاع الأيام التي تلت مؤامرة الجزائر الخيانية في عام ١٩٧٥،ماذا بقي في ذاكرتكم عن تلك الفترة؟
الحقيقة كانت مؤامرة الجزائر وانتكاسة الثورة نتيجة للأتفاقية بين ايران والعراق ، ولم تكن نتيجة لهزيمة عسكرية، والنظام اعترف بشكل واضح بهزيمته العسكرية امام ضربات قوات البيشمركة البطلة، ولذلك اضطر الى عقد الأتفاقية مع ايران بوساطة جزائرية، وذهابنا الى ايران لم يكن لطلب اللجوء او العيش هناك، بل كان الهدف من لجوئنا الى ايران هو اعادة تنظيم صفوفنا والعودة ثانية الى كوردستان في اقرب فرصة،لأستئناف نضالنا من جديد، ومن اجل ذلك،طلبت القيادة مني ان اتوجه الى معسكر لاجئ (سراب نيلوفر) الواقعة بالقرب من مدينة كرمانشاه، وكان هذا المعسكر خاصاً بالبيشمركة الذين لجئوا الى ايران مع عوائلهم، ومعظمهم كانوا من خيرة المقاتلين الشجعان التابعين لقوة (رزكاري) وقوات التربية في سهل كركوك ومناطق كرميان، وكان الغرض من الزيارة للمعسكر هواللقاء باللاجئين وحثهم على العودة لكوردستان،كما توجه اشخاص اخرون الى معسكرات اللجوء في المحافظات الأيرانية الأخرى لذات الغرض، وجميع تلك التحركات كانت بأشراف من قبل السيد مسعود بارزاني. كنت انا و الأخ رئيس عبدالله،نعمل ونتعاون معاً ونقوم بنشاطات في معسكرات اللاجئين، وكنا على اتصال مستمر مع السيد مسعود بارزاني، وبين حين وآخر كنا نزوره لتلقي التعليمات من جهة، واطلاعه على نشاطاتنا من جهة اخرى.
النظام الأيراني وجهاز مخابراته كان يتابع نشاطاتنا بشكل دقيق ومكثف، وكان على علم بتحركات رفاقنا في معسكر(سراب نيلوفر)، حيث قام نظام الشاه بأعتقال مايقرب (٣٠) شخصاً منهم الى النظام العراق بسبب القيام بنشاطات حزبية، ونظراً لهذ الوضع العصيب،كنا نعقد اجتماعتنا بسرية تامة و وصلنا الى قناعة ان نعود الى كوردستان، لكن بعد المشورة مع الزعيم الخالد مصطفى بارزاني عن طريق السيد مسعود بارزاني، نصحنا بعدم الإستعجال، ولذلك تفائلنا بتحسن الأوضاع، بالرغم من استمرار مضايقات نظام الشاه لنا الذي كان يتابع تحركاتنا بدقة متناهية، وخلال تلك الفترة تم اختيار عدد من رفاقنا كأعضاء في القيادة من اجل تنفيذ تلك الأهداف.
، ولكن بعد أن استشرنا زعيمنا الخالد مصطفى بارزاني عن طريق الأخ مسعود بارزاني، كانت نصيحته تفيد بعدم الاستعجال، ولذلك تفاءلنا بتحسن الوضع أكثر بالرغم من أن مؤسسات النظام الشاهنشاهي ظلت تتابع تحركاتنا بدقة أكثر، وفي تلك الفترة أيضاً تم تعيين عدد من رفاقنا كأعضاء في القيادة من أجل تفعيل تلك الأهداف.
في خضم هذه الأوضاع،اعتقل رفيقين من القيادة المؤقتة من قبل جهاز المخابرات الأيراني المعروف ب( السافاك) حينها كنت اسكن مدينة مهاباد في ايران ، وعند وصولي للبيت،وجدت أن كل من الرفيقين ( جوهر نامق و كريم سنجاري) اللذان كانا أعضاء في القيادة المؤقتة، ينتظرانني ، واخبراني عن اعتقال الرفيقين (عارف طيفور و محمد رضا)، فكان لا بد من معالجة وضع الرفيقين (جوهر وكريم) وإلا سوف يتم اعتقالهما أيضاً، ولمعالجة الموقف اتصلنا بالراحل (أسعد خوشوي) وكان حينها البارزاني الخالد والسيد مسعود بارزاني لا يزالان في طهران، فاتصلا به، وفي النهاية أمن أسعد خوشوي، مرشداً من أجل إيصال الرفيقين (جوهر و كريم) إلى منطقة بادينان التي كانت حينذاك متشكلة من قطاع واحد ، وبعد أن أنجز الرفيقان مهمتهما هناك، نحن أيضاً استمرينا في تنفيذ مهاماتنا ، وكان نظام الشاه غاضباً من نشاطاتنا كثيراً، فزاد من ضغوطاته علينا ، وقام بتشتيت اللاجئين وتقسيمهم على المدن والمناطق النائية في جميع انحاء ايران ، لكن النظام لم يستطع جمع واثبات اية ادلة علينا ليقوم بأعتقالنا، لكننا كنا نشعر بأننا نعيش في ما يشبه سجن كبير، ومن اجل السيطرة على تحركات اللاجئين، قامت اجهزة الأمن الأيرانية بتوفير فرص عمل وتوظيف للاجئين،ليس حباً او عطفاً بهم، وانما لأجل ان يكونوا تحت المراقبة الدقيقة المستمرة.
في تلك الفترة، ظهرت على البارزاني الخالد اعراض المرض، ما اضطر الى ترك ايران متوجهاً الى الخارج ، ثم تولى السيد ادريس بارزاني، المسؤولية كاملة، وتزامناً مع تلك التطورات، قام الرفاق الذين وصلوا اراض كوردستان، بأعداد الأرضية المناسبة لأندلاع الثورة ، وبعدها استأنف الكفاح المسلح في (٢٦/٥/١٩٧٦).
\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\
التآخي: هل كان اختيار يوم (٢٦/٥/١٩٧٦) بمثابة ساعة الصفر بالنسبة للقيادة المؤقتة، أم هو مجرد صدفة؟
من الواضح بأن النظام العراقي كان منشغلاً بتنفيذ خطة إخلاء القرى وترحيل سكانها، والرفاق في منطقة بادينان كانوا إلى حد ما قد نظموا امورهم، واتخذوا قراراً بإعلان المقاومة والكفاح المسلح، وإلا قرارهم الأولي كان ينحصر بالعمل التنظيمي والنضال السياسي السري، ولهذا قررت القيادة المؤقتة أن تدافع عن الشعب و ممتلكاتهم بالقوة، ومنع النظام من ترحيلهم من أرضهم و وطنهم بسهولة.
وفي ذات الوقت كانت في منطقة سوران أيضاً مجموعة أخرى من البيشمركة هاجموا قاعدة عسكرية للعدو، وكان من بينهم عليكو ومجموعته الجوالة، وكان السيد إدريس البارزاني يقود تلك العمليات، وطلب مني أن أذهب بأي طريقة كانت إلى اللقاء بعليكو الذي كان موجوداً في كوردستان وحينذاك كان السافاك يراقبنا بدقة ، و كانت لنا بعض السيارات والأثاث في مدينة بيرانشهر الحدودية، ذهبت بحجتها إلى تلك المنطقة و وصلت إلى جبل قنديل و (دشتوران) عن طريق إثنين من عناصر الحزب، ومن هناك بعثت رسالة الى (عليكو) واخبرته بضرورة اللقاء معا ، فجاء والتقينا و تحدثنا معاً عن الظروف المحيطة والتحديات التي ستواجهنا في المرحلة المقبلة، وبعد ختام اللقاء ،و اثناء عودتي الى داخل الأراضي الأيرانية، اعتقلتني المخابرات الأيرانية في مدينة (نغدة) ووقفتني لمدة (٤٨) ساعة، ثم أطلقت سراحي .
بعدها لم نتوقف، استمرينا بتنظيم البيشمركة اللاجئين الى داخل الأراض الأيرانية وإرسالهم إلى كوردستان العراق، وكنا قد أرسلنا قبل ذلك وجبة اخرى منهم، من بينهم (تحسين شاويس، أسعد محمد صالح روژبياني، قادر فرج) وكذلك أرسلنا بعد ذلك مجموعة اخرى من المقاتلين إلى قطاع كركوك والسليمانية ، من بينهم ( الملازم حسن خوشناو ونصر الدين مصطفى) وكنا نرسل افراد آخرين إلى القطاع الأول بشكل سري لغاية عام ۱۹۷۷.
في عام (۱۹۷۷) تبين لنا حاجة العمل التنظيمي والعسكري لكوادر اضافية، وقمنا بأرسال عدة مجاميع إلى قطاع بادينان، ومن بينهم (مصطفی نيرويي، العريف ياسين، الشهيد ملا أمين)، و مـن سوريا جاء البيشمركة المعروف (محمود يزيدي)، وفي هذه المرحلة كلفت بالذهاب إلى القطاع الثاني، ولكن قبل الذهاب بأيام، كان رأي السيدين مسعود و ادريس بارزاني، ان انتقل الى القطاع الأول بسبب ظرف طارئ هناك وكان الرفيق حميد أفندي قد سبقني بالذهاب إلى هناك، وبدوري توجهت إلى قطاع بادينان برفقة مجموعة مكونة من (١٠-١٢) من الپیشمرگه الذين كانوا معي، احدهم الآن يشغل احد المناصب فی منطقة (برده رش) وقد رافقنا من دون أن يخبر اسرته بذلك، وتحرکت المجموعة على شکل افراد وبشکل منفصل وبعد الوصول الى المكان المحدد، اجتمعنا مرة أخرى في منطقة (چالديران) ومنها تحركنا نحو منطقة (سيده كان) وكان الرفيق حميد أفندي قد وصل إلى هناك قبلنا، ولم يكن أحد منا يحمل معه سلاح، وهناك أمنت لنفسي مسدساً.
التآخي: بأعتباركم خريج الكلية العسكرية، من الناحية التعبوية، كيف كان يقاوم البيشمركة جيشاً مدججاً بالسلاح، بأسلحة بسيطة؟
الحقيقة لم يكن هناك وجه المقارنة بين امكانيات قوات البيشمركة والجيش العراقي من حيث العدة والعدد والتكنلوجيا التي كان يمتاز به الجيش، حيث يمكن القول بأن البيشمركة كانوا يقاومون بيد خالية وبأمكانيات بسيطة ولكن بأرادة وعزيمة قويتين،كونهم اصحاب قضية ويقاتلون من اجل تحرير ارضهم وشعبهم من الأحتلال ومؤمنين بتحقيق النصر من دون الأعتداء على احد، وبالمقابل الجيش لم يكن لديه دافع للقتال، يضاف الى ذلك ان النظام كان مصاباً بالغرور ويتصرف تحت سكرة النصر بعد مؤامرة الجزائر الخيانية في عام ١٩٧٥، لکننا کنا نۆمن بأن ارادە الشعوب وشوکتهم لا تنکسرو بالأخص الشعب الكوردي الذي تعلم الكثير من ثورة ايلول وتجاربها،كما كنا مؤمنين بقضية شعبنا العادلة ولذلك عدنا الى ساحة النضال بأيادي خالية،وكنا نحمي انفسنا بتلك الأسلحة التي كانت الجماهيريقدمونها لنا بشكل امانات، الى ان حصلنا على كميات من الأسلحة كغنائم من العدو وتمكنا تدريجيا من ادارة شؤوننا ذاتياً.
وفيما يتعلق بحرب الأنصار(العصابات) والحرب الجبهوية، فإن معظم قوات البيشمركة كانوا من اولئك الذين شاركوا في ثورة أيلول العظيمة، واكتسبت خلالها خبرات جيدة في حرب الأنصار، كما أن طبيعة كوردستان مناسبة جداً لخوض هكذا نوع من الحرب.
كما نعلم، ان نواة مفارز البيشمركة في ثورة كولان، مبنية على اسس بدائية، حيث كانت المفارز تتكون من واحد الى ثلاثة اشخاص فقط، بحسب القاعدة التي تقول: عليك أن تتواجد في كل مكان، وفي ذات الوقت الا تتواجد في أي مكان، وكانت قوات الپیشمرگه تتصرف بطريقة أربكت قوات العدو التي تعرضت لهزائم متوالية في العديد من الأماكن وتدني معنوياتها بشكل كانت عاجزة عن المواجهة والصمود امام البيشمركة.
كما كانت خسائر العدو بالأرواح كثيرة جداً، مقارنة بخسائر البيشمركة، وبالأخص في المعارك التي جرت في مناطق (سيدكان و ميركسور ومزوري)
كما خضنا في تلك المناطق التي كنت متواجداً فيها الكثير من المعارك البطولية ضد النظام، واحدة من تلك المعارك هي المعركة التي انتصر فيها الشهيد الخالد (ملا أمين )مع مجموعة صغيرة من البيشمركة التي لم تتجاوز عددهم سبعة اشخاص، عندما وقعوا في کمین للجيش، وهاجمهم العدو من جميع الأتجاهات، وتمت محاصرتهم من قبل اكثرمن ثلاثة أفواج، ورغم عدم تكافؤ قوة الجانبين في المعركة ، حدث ارتباك كبير بين صفوف الجيش الى درجة، انقطعت اتصالاتهم الداخلية وبدأت مدفعياتهم تخطأ وبدلا من ان يقصفوا مواضع البيشمركة بالمدفعية كانوا يقصفون الجنود في الخنادق الأمامية ، وفيما بعد وصلتنا معلومات دقيقة تفيد، مقتل (۱۲۰) شخصاً بين ضابط وجندي ونظراً لتوالي انتصارات قوات البيشمركة والتحاق اعداد كبيرة من الشباب الكوردستاني بالثورة واتساع قعة المواجهات بين الجانبين، عرض النظام في عام ١٩٧٨ التفاوض مع قيادة الحزب، لكن القيادة رفضت العرض لأسباب معينة.
هنا لابد من ذكر معلومة وهي ان آمر لواء الجيش العراقي في منطقة (ميركه سور) كان صديقي اثناء الدراسة في الكلية العسكرية، ويبدوا ان النظام كان يريد استثمار صداقتنا من اجل ترتيب لقاء اوحوار بيني وبينه، وكان الآمر يعلم بأنني متواجد في المنطقة، لذلك كلف احد اصدقائي من ابناء المنطقة لكي يلتقي بي ويعرف ان كنت مستعداً للحوار ام لا.
وبعد وصول الوسيط تحدثنا طويلاً ، ومن ثم عاد و ارسل صديق آخر للقاء اعضاء القيادة، وبعد عودة الوسيط الثاني ارسل النظام وفداً تفاوضيا رسمياً والتقى بأعضاء قيادة الثورة في منطقة (هرني) القريب من منطقة (كاني رش) الواقع في سهل برازكر.
وخلات اللقاء،اعلن وفد النظام بصراحة وقال ” اننا مستعدون لتنفيذ جميع مطالبكم، بشرط عدم المطالبة بالأنفصال) وتكررت اللقاءات بين الجانبين حتى نهاية شهر شباط من عام ١٩٧٩،عندما انتصرت الثورة الأيرانية في ايران و انتشر خبر وفاة البارزاني الخالد، في هذه الفترة ظن النظام ان بوفاة البارزاني الخالد ستتوقف الثورة وتنتهي المقاومة، لذلك بدأ ينصرف عن التفاوض رويداً رويدا.
عندما تلقينا خبر وفاة زعيمنا الخالد بارزاني، كنت أنا في منطقة (النيرويين) وعاد الكثير من القادة والبيشمركة الى ايران للمشاركة مراسيم تشييع جثمان البارزاني، ولكني بناءاً على امر من السيد ادريس بارزاني لم اعد الى ايران، وامرني الا اغادر المنطقة واقوم بتشجيع الجماهير واعلامهم بأن نهج البارزاني لن يتوقف ولا يموت وان ابناءه عازمون على اكمال المسيرة،وان الوفاة سيدفعنا الى تعضيد النضال،لنيل حقوقنا المشروعة، وبقيت في المنطقة الى حين مراسيم الأربعينية حيث عدت الى ايران.
التآخي:كيف كان تعاون الجماهير مع قيادة الثورة وقوات البيشمركة؟
كما أسلفت، عندما عدنا إلى كوردستان كان النظام ثملاً بأوهان نصره، وكان يعتقد بأنه انتصر انتصاراً حقيقياً ونهائياً على الشعب الكوردي، ولهذا شن حملات اعتقال وتعذيب وقتل المناضلين وابناء الشعب الكوردي بكل الأساليب، حتى من كان يقف بصف النظام لم يسلم من تلك الحملات.
هذه الممارسات التعسفية للنظام، خلق حالة من الأستياء والغض الجماهيري،والجماهير الكوردية بطبيعتها وطنيون، ويصعب عليهم مشاهدة العدو وهو يدنس حرمة ارضهم والتجاوز على حقوقهم، كما كان للجمهور تجارب غنية مع ثورة ايلول العظيمة وقيادتها والبيشمركة وكانوا ينظرون بعين الثقة والأرتياح لنا،فكانوا لا يبخلون علينا بتقديم المساعدة من المأكل والملبس والسلاح والتعاون في رفدنا بالمعلومات المهمة التي كانت تفيدنا في الجانب العسكري، وهنا لابد من تقديم الشكر والإمتنان لأشقائنا الكورد في كل من ايران وتركيا وسوريا الذي قاموا بمساعدتنا والتعاون معنا بروح قومية عالية.
التآخي: شكراً جزيلاً
شكراً لكم، وكذلك بهذه المناسبة أقف بإجلال أمام روح جميع شهداء ثورة كولان التقدمية، وخاصة روح البارزاني الخالد وروح الأخ إدريس، الحياة والخلود لكل شهداء طريق تحرير الکورد وكوردستان.