مؤيد عبد الستار
ساهم الاديب والمشرف التربوي الراحل عبد الستار كاظم في رفد التربية والتعليم بافكار نظرية وعملية بهدف تطوير الاساليب التعليمية و نشر ماحصل عليه من خبرة في الصحافة لتصل الى اوسع قطاعات المجتمع . كما ساهم من خلال اهتمامه بالادب بنشر ترجمات شعرية وقصصية من اللغة الكردية الى العربية وسنعيد نشر ما توفر من تراثه الغني .
توفي الراحل عام 1995 بعد رحلة طويلة من العمل في التربية والتعليم والصحافة .
(2)
كيف يشرح المعلم معاني مفردات اللغة ؟
عبد الستار كاظم
من اسباب ضعف الطلاب في اللغة العربية عدم الاهتمام الكامل بمعاني المفردات سواء كان ذلك في دروس القراءة أو دروس المحفوظات أو أية مادة اخرى ، اذ كثيرا ما يعمد المعلم الى شرح معاني المفردات الصعبة بصورة اعتباطية كما في مخيلته هو دون الرجوع الى المعجم للتأكد من صحة المعنى وبذلك يرسم صورة خاطئة في ذهن الطالب لمعاني تلك الكلمات وينتج عن ذلك ارباك للطالب وعدم ادراكه ادراكا تاما للمعنى الحقيقي المقصود في العبارة ، و
بتراكم هذه المعاني الخاطئة تقل قدرة الطالب على التعبير الصحيح عما يجول في خاطره من أفكار.
* لاحظت ذات مرة أحد الزملاء وهو يلقي درسا في المحفوظات وموضوع درسه كان قصيدة لاحد شعرائنا البارزين حافلة بالمعاني الجليلة مما اضطر المعلم الى شرح أغلب المفردات التي وردت في ابياتها حتى بلغت تلك المفردات أكثر من سبعين كلمة لاثني عشر بيتا من الشعر .
وأدهشني ما رأيته مدونا في دفاتر المحفوظات من تفسيرات غريبة لمعاني تلك الكلمات مما حدا بي ان القي نظرة على المفردات ومعانيها التي دونت ازاءها وما أن قرأت بعضها حتى أغرتني بان أقرأ كل ما جاء في الدفتر من معاني لا لمفردات القصيدة وحدها بل لما سبق أن دون من معاني لقصائد أخرى … أقول أغرتني لانها جاءت بمعان جديدة غريبة بعيدة كل البعد عما يجب أن تكون عليه حيث كانت لا تمت بصلة لحقيقة تلك الكلمات وفحواها .
* جلست الى المعلم أناقشه عن المصدر الذي استقى منه هذه المعاني لتلك المفردات فوجدته يقف مفاخرا بانها من عندياته إذ أنه خبير باللغة العربية ومفرداتها ! فسألت الزميل ما اذا كان قد رجع الى أحد المعاجم للتأكد من صحة المعاني .. ولكنه أصر على صحة ما املاه على طلابه ولا حاجة له للعودة الى المعجم فانه كما يعلم الجميع يعتبر معجما للمفردات !! وانه منذ ستة عشر عاما يتبع هذه الطريقة وبهذا الاسلوب ولم يعترض عليه معترض رغم كثرة المفتشين الذين زاروه.
وعندما سألت مدير المدرسة عما اذا كان في مكتبة المدرسة معجم ما فجاء لي بمعجمين بدلا من معجم واحد لم يمسهما سوء وكانها اقتنيت توا .
جلست والمعلم وبين ايدينا المعجم وبدأنا باستخراج معاني المفردات المدونة في أحد دفاتر الطلاب منتقين اكثر من معنى للمفردة الواحدة وبعد ان انتهينا من ذلك عدنا الى القصيدة مفتشين عن أقرب معنى للمفردة الواردة فيها ثم قارنا تلك المعاني بما هو مدون في دفاتر الطلاب فلاحظت الارتباك اخذ يبدو على محيا الزميل وكاد من خجله يتصبب عرقا فقام معتذرا بانه لم يسبق له أن تلقى أي توجيه الى هذه الناحية ولذلك كان يعتقد أنه على صواب في ما يدونه من معاني للمفردات …
* تصور أخي المعلم …أحد زملائك قضى ستة عشر عاما وهو يعلم اللغة العربية وبهذا الفهم للكلمات ومعانيها فيا ترى كم من طالب ذهب ضحية اهماله التزود بالعلم الصحيح من منهله الصحيح.
إن المعلمين الذين هم على هذه الشاكلة قلة – والحمد لله – الى جانب اولئك الذين ينهجون نهجا علميا صحيحا همهم أن يوصلوا الحقائق الى الطالب مهما لاقوا في سبيل ذلك من مصاعب ومتاعب. وما اكثر الزملاء الذين يدهشك حسن اسلوبهم وجودة طريقتهم وحرصهم في أن يقف طلابهم على أصدق المعلومات باسهل طريق ، سلاحهم في ذلك التتبع المستمر والبحث المتواصل عن أفضل سبل التعليم ملاحقين ما يستجد في حقل فن التعليم الى جانب استمرارهم في تثقيف أنفسهم ذاتيا غير مكتفين بما تلقوه من معلومات عندما كانوا في معاهد المعلمين .. والحق أن النجاح يكون دائما حليف من يواصل طلب العلم بهدف أن يفيد ويستفيد .
……………….
جريدة التأخي ، العدد 20003 في 3/ 9/ 1975