25 ايلول ، انتصار ارادة شعب كوردستان

 

رئيس التحرير

لم يكن اجراء الأستفتاء في اقليم كوردستان قراراً فردياً لشخص او جهة سياسية معينة كما يدعي البعض، وانما كان قراراً كوردستانياً بأمتياز،لأن مشروع الأستفتاء تم بعد دراسات معمقة من قبل مراكز الأبحاث والدراسات واجتماعات مكثفة عديدة من قبل قادة الأحزاب السياسية الكوردستانية ونقاشات من قبل اساتذة جامعيين واكاديميين وطبقة المثقفين والأهم من كل ذلك تم اتخاذ القرار النهائي من قبل برلمان كوردستان،الذي يمثل صوت وارادة غالبية الشعب الكوردستاني، حيث صادق في جلسته الأستثنائية المنعقدة في يوم الجمعة 15 ايلول 2017 على اجراء الأستفتاء في 25 ايلول 2017 وكان هذا القرار التأريخي رسالة جريئة مهمة مفادها، ان ارادة وعزيمة شعب كوردستان على اتخاذ قرار بشأن حق تقرير مصيره بنفسه بالطرق السلمية الديمقراطية لن تتزعزع رغم الحروب والدماء التي سالت على ارض كوردستان على مدى العقود الماضية.

 

كما ان يأس واحباط شعب اقليم كوردستان من تنصل الحكومات المتعاقبة بعد 2003 من تنفيذ مواد الدستور العراقي الذي صوت عليه اكثر من 80% من ابناء الشعب العراقي بنعم، وبالأخص المماطلة في تنفيذ المادة 140 من الدستور والذي كان مقرراً مع نهاية عام 2007 كانت دلالة واضحة على ان الاحزاب والقوى السياسية العراقية المتصدية للمشهد السياسي التي كتبت الدستور بأيديها تراجعت عن قرارها وان كل ما كتب وتم الأتفاق عليه هو مجرد حبر على ورق، وهذا كان احد الأسباب الرئيسة لأتخاذ قرار اجراء الأستفتاء .

 

والأمر الآخر هو ان الذاكرة الكوردستانية على مدى عقود من الزمن كانت وماتزال مليئة بذكريات أليمة وقاسية من عمليات الأبادة الجماعية واستخدام انواع الأسلحة المحرمة دولياً، والمفاوضات غير المجدية مع الحكومات المتعاقبة في العراق، كل هذا ولد قناعة لدى المواطن الكوردستاني، انه لابد من اتخاذ قرار لتقرير المصير، رغم معرفة تداعياته وانعكاساته السلبية.

 

الأسباب الآنفة الذكر وجملة امور اخرى كخرق الشراكة والتوازن والتوافق في نظام الحكم من قبل القوى السياسية التي تقود البلاد منذ 2003،ارغمت شعب كوردستان على اتخاذ قراره التأريخي،دون تحديد وقت محدد لتنفيذ نتائجه ، اي بمعنى ان الاقليم لم يكن يعلن الأنفصال بمجرد ان تكون نتائج الأستفتاء ايجابية، الا بعد موافقة بغداد والأتفاق معها على التفاصيل كما اعلن ذلك الزعيم مسعود بارزاني مراراً في وسائل الأعلام ، وكان هذا الموقف مهماً وكان على اصحاب القرار في العراق والدول المحيطة والدول الصديقة للشعب الكوردي المعنية بهذا الأمر قراءة هذه النقطة المهمة بشكل جيد ودقيق ، وحث الحكومة العراقية على تغيير مواقفها وسلوكها ازاء حقوق شعب كوردستان لكنها للأسف لم تتصرف بشكل منصف ومسؤول وعادل ازاء هذا الحق المشروع.

 

اليوم يصادف الذكرى السابعة على اجراء الأستفتاء الذي يعد وثيقة تأريخية ومعبرة عن ارادة غالبية شعب كوردستان بجميع قوميتاته واطيافه،اذ من بين 72.16 بالمائة من الناخبين المؤهلين في إقليم كوردستان والمناطق الكوردستانية خارج الأقليم الذين أدلوا بأصواتهم، صوت 92.73 بالمائة لصالح تشكيل كيان كوردي مستقل رغم معرفتهم مسبقاً بما سيرافق العملية من ضغوطات سياسية وأقتصادية ومواقف سلبية سواء من قبل شركائنا في العملية السياسية والحكومة العراقية او من الدول المحيطة و الصديقة.

 

اليوم نقولها وبصراحة وبلا تردد ، لسنا نادمين على قرارنا الوطني في 25 ايلول 2017 الذي يعد انتصاراً لأرادة شعب كوردستان ،لأننا تركنا وثيقة تفويض من الشعب غير قابلة للنقاش وقراراً وطنياً بالغ الأهمية للأجيال القادمة ،بناءاً على مبدأ، حق تقرير المصير،حق مشروع ومكفول لجميع الشعوب التي تمتلك مقومات بناء كيانها المستقل وترغب العيش على ارضها باستقلال وكرامة و الى جانب الشعوب الأخرى بسلام و وئام.

قد يعجبك ايضا