رفعة عبد الرزاق محمد
إذا ذكر عالم التحقيق التراثي في العراق، ذكرت اسماء عديدة، جديرة بالتنويه والتقدير، لم تسلط عليها الاضواء الا قليل. ومن هؤلاء المرحوم عبود الشالجي، المحقق المخلص والمؤلف الكبير والمترجم الدقيق. وفي السطور التالية نطل على حياة الشالجي واثاره منتهزين الفرصة لتذكير من يعنيهم امر الفكر العراقي وتراثه واعماله المخطوطة.. وهي حرية بالنشر والذيوع.
حياته:
هو عبود بن مهدي بن محمد بن احمد الشالجي، نسبة الى مدينة “شلج” احدى مدن منطقة الدجيل.. اذ كان اجداده من المزارعين هناك، وقد ذكر ياقوت في معجم البلدان: شلج بكسر اوله وسكون ثانيه، قرية قرب عكبرا، وهي مع شاطئ دجلة. ويذكر الشالجي في بعض اوراقه ان الماء انقطع من الدجيل فجلا اهلها الى انحاء مختلفة فأقام بعضهم في الكاظمية، وبعضهم في الاعظمية، وبعضهم في اماكن متفرقة من بغداد، اما اسرته فقد تديرت محلة (عمار سبع ابكار) من محلات الجانب الشرقي من بغداد، وعملت في مهن صناعية وتجارية عديدة.
ولد الاستاذ عبود الشالجي في بغداد يوم الخميس الاول من ربيع الاول سنة 1329هـ الموافق للثاني من آذار سنة 1911، بدأ تحصيله في كتاب المحلة ثم المدرسة الابتدائية والمتوسطة في المدرسة الجعفرية، وهي من المدارس الاهلية المرموقة ببغداد يومذاك. ومن اساتذته الذين انتفع بهم في هذه المدرسة المرحوم صادق الملائلة، التربوي والاديب القدير. ثم دخل المدرسة الثانوية (المركزية)، فوجد عالما رحبا من العلم والثقافة الحديثة وهو يذكر بالخير عددا من اساتذته الاجلاء مثل المرحوم طه الراوي الذي زامله يعد في مجلس النواب حين عين الشالجي كاتبا فيه. وكان الراوي قد شغل وظيفة سكرتير مجلس الاعيان، ومن محاسن الايام ان يكون زميله في الوظيفة نفسها اد الادباء الشبان، هو المرحوم مصطفى علي.
وكان الاستاذ الشالجي قد دخل كلية الحقوق بغداد في السنة الدراسية 1926- 1927 وتخرج فيها سنة 1929 – 1930 وهو لم يزل موظفا في مجلس النواب، وقد ذكر الشالجي انه كان من الكتاب الذين دونوا خطبة المرحوم عبد المحسن السعدون رئيس الوزراء، التي انتحر على اثرها مساء الثالث عشر من شهر تشرين الثاني سنة 1929، وبعد تخرجه عين بوظيفة (كاتب ضبط) في المحاكم المدنية وله فيها ذكريات جميلة ومهمة، ومنها قضية المكاتيب السرية التي اقضت مضاجع الحركة السياسية في العراق في اوائل الثلاثينات واتهم بها المرحوم مزاحم الباجه جي وثلة من اصدقائه.
وفي سنة 1933 عين حاكماً في المحكمة المدنية وتنقل في انحاء مختلفة من مدن عراقنا العزيز حتى استقالته سنة 1940 إثر خلاف وقع بينه وبين وزير العدل فآثر الانصراف الى المحاماة وأصبح من المحامين الاكفاء الذين شهدت ساحات القضاء مواقف مشهودة له، وفي سنة 1969 احال نفسه الى التقاعد واستقال من نقابة المحامين وانتقل الى لبنان طلبا للراحة والاستجمام والتفرغ التام للقراءة والبحث والتحقيق. وبعد اندلاع الحرب الاهلية في لبنان ارتحل الى (ليماسول) في قبرص ثم استقر في لندن حتى وفاته فيها يوم الاحد الرابع عشر من نيسان 1996م.
وكان الاستاذ عبود الشالجي قد انخرط في بعض النشاط السياسي، فقد كان أحد اعضاء الهيئة الادارية المؤسسة للحزب الوطني الديمقراطي سنة 1946ثم أثر الاستقالة من الحزب مع اعضاء اخرين احتجاجا على ما سموه بالتغلغل اليساري ونفوذه في الحزب.
آثاره:
عكف الشالجي على التأليف والتحقيق بعد تقاعده عن المحاماة وانتقاله الى لبنان، وقد وجد متسعا من الوقت لإخراج تلك السلسلة الذهبية من الكتب النادرة، سواء من مؤلفاته او من تحقيقاته. فآثاره المطبوعة هي:
- الكنايات العامية البغدادية (بيروت 1979)
- موسوعة الكنايات العامية البغدادية ط1-3 (بيروت)
- موسوعة العذاب ج1 – 7 (بيروت).
- الرسالة البغدادية، ابو حيان التوحيدي (بيروت 1980) تحقيق.
- الفرج بعد الشدة، القاضي ابو علي التنوخي (بيروت) تحقيق في خمسة اجزاء.
- نشوار المحاظرة واخبار المذاكرة للتنوخي (بيروت) تحقيق في ثمانية اجزاء.
وله بعض المقالات القيمة، نشرها في اماكن مختلفة.
اما اثاره المخطوطة، فنذكر اولا ان قسما منها صارت عرضة للحرق في الحرب اللبنانية الاهلية سنة 1975 (معارك بحمدون) بعد ان اعدت للطبع.
1-الرواتب في الاسلام.
2- المائدة في الاسلام
3- الاثمان في الاسلام ط1-2
4- الصداق في الاسلام
5- تطور الطب والجراحة في الاسلام
6-الالعاب في الاسلام
- الخبر بين صاحب الخبر وصاحب البريد.
- الطرائف 1-3
9- اخر ما قالوا
10- كيف ماتوا
11- الامثال والكنايات في شعر ابن الحجاج.
12- عربستان او بلاد ألف ليلة وليلة. رحلة للأمريكي بيري فوك. ترجمة واعده للنشر سنة 1959 وقد طبع على الالة الكاتبة. نشر الفصل التاسع عشر والفصل الخامس والعشرين منه في مجلة (سومر) العدد 1-2 (1960) .
13- رحلة الى اور وسوسيان لوفتس ترجمة اعدها للنشر سنة 1961 وطبعت على الالة الكاتبة.
طرائفه:
ذكر الاستاذ حسين الكرخي في مخطوطته “ظرفاء بغداد” شئيا من ظرف المرحوم عبود الشالجي فقال:
وهو كأي بغدادي اصيل ظريف، والظرف طبع فيه لا يفتعله ولا يتكلفه وكان مجلسه في مكتبه ببغداد ملتقى الوجوه البغدادية من اهل الادب والعلم والسياسة والظرافة وله مداعبات ونوادر اخوانية كثيرة امتثل بباقة ندية منها هنا.
حين كان قاضيا في مجلة اراد صاحب دعوى التزلف اليه فقد وقر الى ذهنه ان امرا صدر بترقيته في حين انه امر نقله الى الموصل، فطير له برقية تهنئة
فاجابه الشالجي بالبيتين الساخرين:
الحمد لله على ما حبا اوشكت الغمة ان تنجلي
درهمكم قد ضاع منكم سدى فقد تحولت الى (الموصل)
والدرهم كما هو معلوم اجرة ارسال البرقية.
وعندما كان المرحومان يونس السبعاوي وعبد الهادي الظاهر يعملان في مكتب محاماة مشترك، وعند حلول أحد الاعياد داعبها الشالجي ببيتين شعر ارسلهما الى صديقه الظاهر، وهما:
كل عيد وانت في خارج الحكم معنى بباطلات الدعاوي
يئس الناس من نجاح دعاوٍ انت فيها ويونس السبعاوي