مراهنة على صحافة الجودة .. نقابة الصحافيين في تونس تطلق مشروع “المؤسسات الصحفية الناشئة”

التأخي / وكالات

تسيطر على وسائل الإعلام التونسي الخاصة حالة من الاستقطاب السياسي الحاد جعلتها تفقد القدرة على إقناع الجمهور التونسي حتى في الجانب الترفيهي ما جعل أغلبية هذه الوسائل مهددة بالإغلاق، فأطلقت نقابة الصحافيين مشروعا يعتمد على صحافة الجودة لدعم أبناء المهنة من أجل إنشاء مؤسساتهم الإعلامية الخاصة .

وحذر نقيب الصحافيين التونسيين زياد الدبار من أن 80 في المئة من المؤسسات الإعلامية الخاصة مهددة بالغلق جراء الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها، مبينا أن صحافة الجودة تمثل تحديا حقيقيا لضمان استقرار قطاع بات مهددا في وجوده .

وتراهن الهياكل الإعلامية في تونس على صحافة الجودة لإعادة الاعتبار للإعلام الذي فقد نسبة كبيرة من ثقة الجمهور لضعف المحتوى بشكل عام وحالة الاستقطاب السياسي الذي يعيشه .

وتتباين وجهات النظر حول أزمة الإعلام التونسي، ففي الوقت الذي تقول فيه نقابة الصحافيين إن الأزمة سياسية وتوجه أصابع الاتهام للسلطة في كل مناسبة، فإن قطاع الإعلام في تونس، بحسب الدبار، “يعيش اليوم تحديات حقيقية تتمثل بالخصوص في التراجع عن جملة من المكتسبات في ظل تواصل غياب سياسة عمومية للإعلام ومحاولات ضرب القطاع عبر تطبيق تشريعات ماسة من حرية الصحافة والإعلام والنشر، وسجن الصحافيين وملاحقتهم قضائيا بهدف تهديدهم وترهيبهم ” .”

غير أن هناك وجهة نظر أخرى بأن وسائل الإعلام التي حملت خطا معارضا ارتمت في أحضان الأجندات، وشرعت بلعب دور أخطر من الذي كانت تلعبه زمن الدكتاتورية، وذلك بخلط الأوراق في الكثير من الملفات، ويؤكد المتابعون أن الحرية الإعلامية في تونس لم تنتج في الحقيقة تجارب

رائدة تعكس الأفق الذي حاولت الثورة التوجّه نحوه .

وكانت هناك تجارب قليلة لما يمكن وصفه بالإعلام المعارض، دارت في فلك أحزاب وشخصيات معارضة وعكست مصالح ورؤى هذه الأحزاب أكثر من الصالح العام وتسليط الضوء على المرحلة الحساسة التي تعيشها البلاد وبالتالي لم تعكس نبض الشارع ولا هموم المواطن التونسي .

وغلب على وسائل الإعلام الخاصة عموما التركيز على الجانب الترفيهي كوسيلة أكثر سهولة لاستقطاب الجمهور الذي مل الاستقطاب السياسي، كوسيلة أكثر نجاعة في جذب المعلنين وتأمين النفقات، لكن يبدو أن هذا التناول فشل في ضمان الاستمرارية وباتت غالبيتها مهددة بالإغلاق .

وأعلن الدبار على هامش لقاء نظمته النقابة بالشراكة مع الاتحاد الدولي للصحافيين و”جمعية صحافة ومواطنة” و”صحافيون بلا حدود”، بعنوان “أي مستقبل لصحافة الجودة في تونس”، عن مشروع جديد لدعم الصحافيين من أجل إنشاء مؤسساتهم الإعلامية الخاصة .

وأضاف في تصريحات لوسائل إعلام محلية “سنخسر محامل إعلامية ومواطن شغل وستفتح الباب لانتشار المعلومات المغلوطة والإشاعات خاصة في هذه الفترة الانتخابية”، داعيا عموم الصحافيين إلى تقديم مطالبهم للنقابة التي ستوفر الدعم المادي والمتابعة من أجل بعث مؤسساتهم الخاصة. واعتبر أن غياب مؤسسات التعديل والتعديل الذاتي فتح المجال أمام القضاء وباقي المؤسسات على غرار هيئة الانتخابات لمقاضاة الصحافيين ومحاكمتهم على خلفية أرائهم ومواقفهم .

وتنظر النقابة بتفاؤل إلى هذا المشروع الإعلامي الذي يحتاج إلى تمويل وتأمين معدات وكوادر مهنية للارتقاء بالمحتوى الصحافي الذي تطمح إليه، فقال الدبار إن في ظل التهديدات باندثار قطاع برمته، فإن المؤسسات الصحفية الناشئة قد تمثل نواة لتأسيس صحافة ذات جودة بعيدا عن ضغوط قاعات الأخبار والرقابة على المحتويات الإعلامية، مشيرا إلى أن نقابة الصحفيين ستتولى توفير التكوين الضروري للراغبين فيه وبعض التمويلات للانطلاق .

وشدد المتدخلون في أشغال اللقاء على أن إرساء صحافة الجودة يتطلب اليوم أكثر من أي وقت مضى تضافر المزيد من الجهود ونضالات أبناء القطاع وكافة المناصرين لحرية الصحافة والإعلام من أجل قيامهم بمهامهم في إيصال المعلومة إلى المواطن ضمن أطر أخلاقيات المهنة والقوانين المنظمة لها. وأكدوا أن صحافة الجودة في تونس تتطلب العديد من الضمانات التي تتمثل في تشريعات ملائمة وممارسات مهنية جيدة ومؤسسات ضامنة لجودة المنتوج الصحافي .

قد يعجبك ايضا