جواد ملكشاهي
اعلن وزير شؤون البيشمركة في حكومة اقليم كوردستان في السادس من شهر اب الماضي، ان وزارة الدفاع الأمريكية زودت قوات البيشمركة ب(24) مدفعاً ثقيلا من نوع (هاوترز) عيار 105 ملم والتي يصل مداها 30- 40 كيلومتراً بموافقة الحكومة الأتحادية،مضيفاً ان هذه المدافع دفاعية وليست هجومية.
وبهذا الصدد اعلن محمد الحلبوسي رئيس مجلس النواب المقال قضائياً بقرار من المحكمة الأتحادية على خلفية جريمة التزوير وابتزاز عدد من نواب كتلته، رفضه تسليح قوات البيشمركة بتلك المدافع، متحججاً باستخدامها مستقبلا، وقد يكون سبباً في ضرب الأمن المجتمعي الوطني بشكل عام في محافظتي نينوى وكركوك كما ادعى.
هنا من الضروري الأشارة الى عدة نقاط بهذا الصدد نوجزها بما يأتي:
1-لا شك ان الحلبوسي غريق و يتشبث بكل حشيش لعودته شخصياً لرئاسة مجلس النواب،او ابقاء هيمنة حزبه على المجلس،وهو يريد بهذا الأبتزاز، توجيه عدة رسائل ،اولها لمغازلة الجانب الأيراني، عسى ان تغير طهران موقفها منه ودعمه على الأقل في الأنتخابات المقبلة،وهو يعلم قبل غيره،انه من المستحيل عودته او مرشح من حزبه في الظرف الحالي للوصول الى منصب رئاسة المجلس،وستمشي الأمور كما هي الآن حتى اجراء الأنتخابات النيابية المقبلة.
والرسالة الثانية للقوى السياسية الشيعية المنضوية تحت يافطة الأطار التنسيقي ،وتحذيرهم من شخص رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني،بأنه اعطى الضوء الأخضر لمنح تلك المدافع من قبل القوات الأمريكية لقوات البيشمركة، والتصيد في الماء العكر من خلال تشديد الخلافات بين القوى الشيعية،لعلها تصب في النتيجة لصالحه.
والرسالة الثالثة هي للحزب الديمقراطي الكوردستان، وهي رسالة ابتزازية، ويريد ان يغير الحزب موقفه منه،ليكون عاملا لدعمه في الأنتخابات المقبلة،واطمئنه ان ذلك لن يحدث،لان اي رهان سياسي على الحلبوسي وحزبه مستقبلا، هو رهان خاسر.
2-مشكلة الحلبوسي،مشكلة معقدة،لأنه لا يمتلك تأريخاً نضالياً او سياسياً كرؤساء بقية الأحزاب والكتل السياسية،كما ليست له رؤية واضحة للعمل ولذلك يقفز هنا وهناك لعله يجد موطئ قدم ، لاسيما ان دخوله العملية السياسية جاء بالصدفة ونتيجة لتناقضات وصراعات بين القوى السياسية المحلية واقتضاء مصالح الجانبين الأمريكي والأيراني ،خاصة اذا وضعنا في الحسبان انه شخصياً غير مؤهل لأدارة المؤسسة التشريعية،والدليل انه لم يقدم شيئا اثناء فترة ترؤسه قمة الهرم في مجلس النواب.
3-الا يعلم الحلبوسي، ان قوات البيشمركة،هي جزء مهم واساس من المنظومة الدفاعية الأتحادية وفقا للدستور والقانون،وهل نسى او تناسى،ان هذه القوات المدربة والشجاعة كان وما يزال لها دور مهم في الحفاظ على الوزارات والمؤسسات الحكومية في بغداد، بعد انهيار المؤسستين العسكرية والأمنية التي رافقت اسقاط النظام، فضلا عن مقاتلة ومقارعة الأرهاب ، كيف لا يثق الحلبوسي بتلك القوات وهي كانت تحميه عند ترأسه مجلس مجلس النواب وتحافظ على هيبة الدولة العراقية.
4- هل من المعقول، ان 24 قطعة مدفع دفاعي وليس هجومي كما اعلن وزير البيشمركة، ستنهي العملية السياسية و ستسقط النظام في العراق؟ وتفرض البيشمركة سيطرتها على محافظتي نينوى وكركوك كما يدعي الرئيس المقال قضائياً؟، في حين ان التنظيمات الأرهابية كانت وما تزال تمتلك اسلحة فتاكة ومدمرة وتحضى بدعم مادي ولوجستي هائل ،فهل استطاعت ان تسقط النظام السياسي الحالي وتفرض سيطرتها على البلاد؟
معظم المحللين السياسيين والمهتمين بالشأن السياسي العراقي، جازمين على ان مدة انتهاء الدور السياسي للحلبوسي كشخص انتهى،ومن المستحيل ان يحصل على دعم وصوت الجمهور السني وبعض القوى السياسية المحلية والأقليمية بسبب مواقفه السياسية الصبيانية التي تنم عن فقدان البصيرة في التعامل مع المشهد السياسي.