نصائح تربوية للتدريسيين الجدد

 

تاليف  بيتينك هي *

** ترجمة: هاشم كاطع لازم

يقول مثل صيني: (أذا أردت أن تحقق أداء بارعا فما عليك الا أن تهتم كثيرا ببداية العمل؛ وأذا شأت أن تؤدي نشاطا متميزا فلابد أن يكون الأستهلال متقنا). هذا المثل يدل ببساطة على أن البدايات تتسم بالأهمية، لذا فأن ما يحققه عضو هيئة التدريس الجديد في الجامعة من نجاح خلال السنة الدراسية الأولى يؤثر كثيرا على سيرة حياته لاحقا. ومن البديهي بالطبع أن يشعر التدريسي الجديد بافتقاره الى الخبرة التدريسية.

أن عملية التحول من الحياة الطلابية الى التدريس تشوبها العديد من التحديات. ولا تقتصر تلك الصعوبات على كيفية التمكن من المهارات العملية مثل (أدارة الصف) و (خطة الدرس)، أنما تشمل أيضا مهارات ناعمة مثل (عرض المعلومات) و (الثقة) و (التواصل). ويبدي الكثير من المدرسين الجدد درجات مختلفة من التحفظ، بل حتى الخجل، فحتى في حال التهيئة الكافية قبل دخول الصف الدراسي فأن الواقع يدلل على صعوبة تنفيذ خطة التدريس الأصلية.

ومن الناحية النفسية فأن الأشخاص الذين يجدون أنفسهم فجأة يؤدون دور المدرس يمرون بدفقة من الأفكار والأحاسيس ولربما تداهمهم مشاعر مثل فقدان السيطرة والتوتر– قد يحصل ذلك لا شعوريا. والحالات النفسية الثلاثة التي ربما تنجم عن ذلك هي :

1- التململ: تتطلب عملية التحول من حياة الطالب الى مهنة التدريس نوعا من التكيف النفسي. ولأن العديد من التدريسيين والمدرسين الجدد ربما لن يتمكنوا من التكيف مع البيئة التعليمية الجديدة على جناح السرعة فأنهم لهذا السبب ربما يظهرون نفاد الصبر والتململ. ويمكن ملاحظة ذلك في أوجه عديدة أثناء عملية التدريس مثل التحدث بسرعة كبيرة خلال المحاضرات أو التحدث على نحو ميكانيكي أو جامد وكذلك تجسّد الصرامة في تعبيرات الوجه والافتقار الى تنظيم الصف الدراسي فضلا عن عدم تحديد قدرة الطلبة على استيعاب المعرفة الجديدة .

2- عقدة النقص: يبدي بعض المدرسين الجدد شكوكا بقدراتهم فهم ربما يتصورون بأنهم غير مؤهلين لمهنة التدريس أو أنهم يفتقرون الى المهارات المهنية الضرورية، وينتابهم القلق من أن المعرفة التي اكتسبوها لا تلبي احتياجات المنهاج الدراسي وأنهم غير متأكدين من المادة الدراسية المطلوب تدريسها، بل ربما يصل الأمر حد الخشية من أمكانية سخرية الطلبة منهم! لذا يلجأ مثل هؤلاء المدرسين الجدد الى عدم الكشف عن نقاط ضعفهم أمام الآخرين، الأمر الذي يدفعهم الى عدم  الجرأة على التواصل بجرأة مع الطلبة مما يؤثر سلبا على المحاضرات خاصة ما يتعلق بالأبداع .

3- التوتر الذهني : يشعر بعض المدرسين أن مثل هذه البيئة التعليمية الجديدة لابد أن تؤدي الى التوتر مما يؤثر بشكل مباشر على نشاطاتهم التعليمية وكفاءة عملهم. فعلى سبيل المثال ربما يفد التدريسيون الجدد الذين يشعرون بالتوتر الى المحاضرة وهم متعصبون ومتوترون يشعرون بالخجل ولا يعلمون الى أية وجهة ينظرون وأين يضعون ايديهم وأقدامهم ويفتقدون الى التركيز بل أن تفكيرهم يبدو أبطأ من المعتاد، وغير ذلك.

نصائح تربوية لمواجهة التحديات

على وجه العموم يتصف التدريسيون والمدرسون الجدد بأنهم من الشباب وأنهم يفتقدون الى المهارات والخبرات التدريسية وأن أسلوبهم في التعليم ما يزال في مرحلة المحاكاة الأولى. وهم يشعرون بالقلق حيال اكمال الخطة التدريسية وفق البرنامج المحدد للصف الدراسي. ويتعين على التدريسي أن يبذل في السنة الأولى جهودا مثابرة ومتواصلة لإنجاح طرق تدريس وأساليب مناسبة بهدف وضع أرضية قوية لمسيرة الحياة المهنية اللاحقة. وفي أدناه بعض النقاط المهمة المستقاة من خبرتي الشخصية والتي تفيد في اجتياز السنة الأولى من التدريس الجامعي:

1- تكيّف مع الواقع التعليمي: على التدريسي أن يتعامل مع التكيف النفسي وأن يتكيف مع دور المدرس بأسرع وقت ممكن. كن متهيئا من النواحي النفسية والذهنية والسلوكية ليتسنى لك تحقيق ما يتوقعه المجتمع منك.

2 – كن مستعدا: عليك أن تتعامل مع كل صف دراسي بكل دقة فمن خلال الخبرة التعليمية تبيّن أن الأعداد المتقن يمثل المتطلب الأساسي للدرس الناجح وأن مخرجات التدريس تعتمد الى حد كبير على الأعداد الدقيق. وتعتبر التهيئة للدرس سبيلا مهما للمدرسين لتحسين فهمهم للنظرية التعليمية ولمستواهم المهني فضلا عن فن التدريس. وفي أطار العملية التعليمية من الضروري وضع هدف تعليمي واضح لكل درس ومن ثم تأشير النتائج التعليمية الأساسية وحتى أوجه الصعوبة. وعليك أن تفكر ملياّ باللغة التي تستخدمها في التدريس من حيث الوضوح والحيوية والتشويق والمنطقية وسهولة الفهم من جانب الطلبة. أما ما يتعلق بطريقة التدريس فعليك أن تكون مرنا وأن تكون الدروس مركزة مع ضرورة خلق الدافعية لطلابك.

3–  أهتم بالممارسة واعادة النظر بالأداء: على التدريسي الجديد أن يجرب مرارا وتكرارا وأن يلخص عمله بدقة واهتمام، فالتمرين المتكرر يعتبر بمثابة المفتاح للمحاضرة المتميزة. ويتعين على التدريسيين الجدد أن يكونوا على بيّنة من أنهم يفهمون كلا من المحتوى وطرق التدريس لكل صف دراسي وأن يتمرنوا مسبقا حيثما أمكن ذلك فمن خلال التمرين المتكرر يمكن تحديد المشكلات ومعالجتها.

والطريقة الأساسية الأخرى التي يمكن تبنيها لتحسين جودة التعليم تتمثل في تحليل الخبرة التدريسية بدقة ضمن الواقع الفعلي وتلخيص ذلك. من هنا يتعين القيام بتحليل ذاتي ملائم بعد كل محاضرة للإجابة عن أسئلة مثل: ماالذي ينبغي علينا القيام به على نحو أفضل لتحقيق الخطة الأصلية؟ هل هناك أية مواطن ضعف؟ ما الجانب الذي لم يحظ باهتمام كاف لدى أعداد المادة الدراسية؟ ما ردود أفعال الطلبة أثناء عملية التعليم؟ ما الجوانب التي ينبغي التركيز عليها في الصف الدراسي القادم؟

وبعد انتهاء كل صف دراسي علينا أن نتذكر جيدا ونلخص المشاكل التي صادفتنا أثناء التدريس والعمل على أيحاد حلول مناسبة لها في الوقت المناسب، فمن خلال المحاولات والخلاصات المتواصلة فأن جودة التعليم في الصف الدراسي سوف تتحسن تدريجيا.

4- تعامل مع الطلبة كأشخاص: أعمل على تدريس الطلبة استنادا الى ميولهم وتوجهاتهم فحتى في الموضوع الدراسي ذاته فأن الصفوف المختلفة ربما تبدي استجابات متباينة. لذا يتعين على التدريسيين الجدد أن يأخذوا زمام المبادرة ويسبروا غور الصفوف التي يدرسونها وأن يعوا السمات المميزة لطلابهم والقاعدة المعرفية التي يستندون أليها ويستفيدوا من كل ذلك في تدريسهم وفقا لشخصياتهم وقدراتهم ليضمنوا حصول الطلبة على مخرجات تعليمية أفضل.

5- أظهر بمظهر المهني المحترف: تتطلب العملية التعليمية أن نبدي الاهتمام بمظهرنا وأن نتمتع بشخصيات دمثة وأن نتحدث مع الطلبة بما يشي عن الاهتمام بهم وبأمورهم التربوية والحياتية فضلا عن روابط الألفة معهم. وهذا سوف يجعلك مدرسا محبوبا وحليفا مساعدا للطلبة.

أن كل صف دراسي لا يقتصر على المدرس وهو يدرس والطالب وهو يتعلم فالمدرسون والطلبة يشعرون بدفق الحياة ويترعرعون جميعا داخل الصف الدراسي ويشمل ذلك المعرفة وجوانب أخرى منها الرضا والتطور حيث يميط المدرسون اللثام عن حكمتهم وشخصياتهم وسحرهم، أما الطلبة فهم دائما يتمنون البيئة المنسجمة واللطيفة. وأخيرا اؤمن تماما أن المحاولات المستمرة التي يقوم بها التدريسي سوف

تجلب الحيوية والحياة الى داخل الصف الدراسي

الصينية) (2022)Beiting He  * أستاذ مساعد في كلية الفنون الحرة في جامعة ماكاو

** استاذ مساعد- جامعة شط العرب – البصرة

 

 

قد يعجبك ايضا